ما قبل العاصفة

Comenzar desde el principio
                                    

لم يهمّها من حديثه سوى اوّل جُملة، هي بخير وهذا يعني انّها تستطيع ان تُصبِح أُما لطفله، ذاك الذي سيربِطها به للأبد؛ فهي لا تنكر انّهُ بدافع غريزة الأمومة ثمّة رغبةٌ مُلِحّة بجلب حفيد لرضوان فؤاد؛ لأنها ان لم تكن والدة هذا الحفيد فهُناك من ستجلِبهُ بدلًا عنها؛ فإحدى قوانينه انّ الإبن يجِب ان يُنجِب رجالًا ليحمِلوا رمز العائلة ويحموا إسمها.

وإن لم يتحقّق من المرأة الأولى ستُحقّقهُ الثانية، كما فعل والدهُ فؤاد الأكبر معهُ عندما زوّجهُ إمرأةً على محبوبته الأولى التي لم تتحمّل حسرة المُشاركة فماتت في ريعان شبابها وانجب هو كُلّ من جواد و عِماد وايمن من زوجته الثانية التي تحمّلت لأجل البقاء معهُ ذُلّ كراهيّته لها.

وعلى العكس كانت علاقته بأبنائه منها فقد كانوا ولا زالوا قُرّة عينه عندما ادرك انّ الحياة بلا ابناء لا تُساوي شيء.
وهي ترغب بأن تمنح كريم اطفالًا يُحبّهم و يحبّها فيهم ولأجلهم. إحتضنته وانفجرت باكية بنحيب الفرح والراحة بعد ليال من الأرق المضني، فهمس بحب وهو يريح رأسها على صدره:
- نامي.
تشبثت بقميصه بقوة وكأنها تخشى ان يبارح احلامها فغفت بين ذراعيه بعد مدة قصيرة وقد نام ايضا من فرط إرهاق الساعات السابقة، وبقي السائق يقود بهما بهدوء الى وصلوا الى القصر.

.
.

غادرت ريفال الى غُرفتها بعد ان اخبرتها جوان بما حدث لليليان، وعندما عاتبتها على عدم إخطارهم بحالتها اجابت بأنّ رضوان فرض على الجميع عدم إخبار كِنان الى ان يعود، فإزداد حنقها وكُرهها لذلك الرجُل الحقير؛ ماذا إن ماتت بغياب اخيها، كيف لهُ ان يحرِمهُ من البقاء برفقتها؟! كم هو قاسٍ مُتحجّر القلب.

خرجت من غُرفة التبديل بعد ان إرتدت بنطالاً قُطنيًّا قصير مع سُترة كِنان الرماديّة التي تحمِلُ عبق رائحته فتأفّفت بضيق عندما لم تجدهُ ايضًا فيبدوا انّهُ مُنزعِج للغاية ولن ينام الآن، كبحت رغبتها بالنزول للأسفل لرؤيته وهي تلتحِفُ بالغطاء السميك لتتقي برد بداية الشتاء الذي لم يكُن يؤثِر فيها من قبل، أهو برد الشِتاء ام برد غيابه؟!

عند هذا التساؤل أغمضت عيناها بشدّة وقلبها يخفِقُ بطريقةٍ مُزعِجة فرفضت مُجرّد التفكير بتلك الأفكار التي تقودها إليه في نهاية المطاف وكأنّ بوصلة قلبها لا توصِلُ سوى لطريقه. لا تعلم كم استغرق منها الأمر لتغطّ في نومٍ عميق إلاّ انّها تململت بمُنتصف الليل وقد كان البرد القارِس ينهشُ بعظامها ففوجِأت بأنّها لا تتوسّد ذراعهُ كعادتها فأستقامت بإنزِعاج قبل ان تلمح عيناها الناعِستان خيالهُ الضخم على الشُرفة.

لم تتردد في النهوض عن الفراش مُتجِهةً إليه بقدمان حافيتان، وقفت خلفه تمامًا تتأمّلُ قامته المهيبة والرياح تحتضِنُ خُصلات شعره الطويلة وظهره العاري مُستقيمٌ بفخرٍ خُلِق لأجله وحده، كتفاهُ العريضان وعضلات ذراعيه المُمتلئة تشي برجُلٍ يضُخّ قلبه نُبلًا بدلًا عن الدِماء.

سُكّر غامِقDonde viven las historias. Descúbrelo ahora