نيران الانتقام

Start from the beginning
                                    

إشتعل جسده بنيرانٍ حارِقة وهو يتلقّفها بين ذراعيه بشوق مُحتقِراً ذلك الشعور اللذيذ الذي ينتابهُ بقُربها وفي تلك اللحظة فقط تأكّد انها ليست مُجرّد طفلة بل هي إمرأة صغيرة اسرت قلبه منذ طفولتها وستُذيقهُ مرارة الحُبّ في شبابها . فهمس مُستنشِقاً رائحة القُرنفُل القويّة العابِقة بشعرِها
- وانا اُحبّكِ كثيراً .. جِدّاً جِدّاً .

اغمضت عيناها بإرتِباك و لا زالت خشونة فكّه تسكُنُ شفتيها فقد اهدتهُ يومها قُبلةً يتيمةً على خدّه الأيمن فكم كانت مُمتنّة لتحقيقه لحُلُمِها الوردي ، تلمّست الخلاخيل العتيقة بشرود و لا زالت ضِمن محتويات صندوق الماضي خاصّتها ضِمن الكثير من الذكريات التي جاهدت محوها من حياتها .
هتفت فجأة ببرود مُستفيقة من دوّامة الحنين الغريبة التي تجتاحها تجاه تلك الايام
- ليس لديّ من النقود ما يكفي لإنتظار شرود سيادتك .. هل اُغلِق الهاتِف لتُهاتِفني انت ؟ فشحن هاتفي سينتهي هباءاً .

نحرت طيف إبتسامته الشارِدة ليعبِس ويُغلق الهاتِف في وجهِها مُدرِكاً انّ ايامه برفقتها ستكون جحيماً بوقاحتها تلك .. اعاد الإتصال عليها هامِساً ببرود و قد إنطفأ بريق سعادته
- اراكِ مساءاً ، يجب ان نتحدث .
عقدت حاجِبيها بإنزِعاج من شعور الخيبة التي تملّكتها الاّ انها قالت ببرود مُماثِل
- سأنتظِركَ في السابِعة مساءاً امام منزلي .

اغلقت الهاتف بفظاظة ليزفِر بضيق و ترتسِمُ إبتِسامةً شارِدة على وجهه فبالرغم مِن إنزِعاجه مِنها الاّ ان غبطته بموافقتها على الزواج منه فاقت كُلّ مشاعر الإنزعاج .. فأخيراً ستُعانِقُ واقِعهُ بعد ان كانت تلهوا بأحلامه ، ستخضعُ لجنون مشاعرِه الهادِرة وستذوب بين مسامات روحه رُغماً عنها .. لقد اضاع الكثير من سنوات عُمره دونها وآن الاوان ليرتاح بين ذراعيها للأبد .

.
.

امام المسبح العتيق حيثُ توجد بعض المظلّات المُلحقة بمقاعِد خشبيّة انيقة تجلِس فتيات القصر بصمت يشوبهُ الشرود الى ان جائت الخادمة الصغيرة تحمِلُ إليهِنّ اكواب عصير البرتقال وعندما وصلت لكادي - التي تزُمّ شفتيها بضيق - وإنحنت لتُعطِها كأسها هتفت بحدّة
- ضعيه على الطاوِلة واغرُبي عن وجهي .
إهتزّت يد الخادِمة بذُعر من صُراخ كادي فتراجعت بِضع خطوات ووضعت الكأس على الطاوِلة وقبل ان تُغادِر همست اليها تالين بإعتِذار
- لا تغضبي مِن كادي يا ورد فهي لا تقصُد الصُراخ عليكي .

حدّجتها كادي بنظرات حارِقة ولكنّها تجاهلتها ببرود وإلتفتت الى ورد مُبتسِمة برقّة لتبتسِم ورد - ذات الستّة عشر عاماً - إبتِسامةً صغيرة لم تظهر على شفتيها قبل ان تُغادر مُسرِعة لتصل الى المطبخ الكبير ذو الحوائط الحجريّة العتيقة المُتناقِضة مع الارفُفُ الزُجاجيّة الحديثة حيثُ الكثير من مكونات صُنع ما لذّ وطاب من الاغذية .. خلعت وِشاح شعرها الاسود و قذفته في الارض لتتناثر خُصلات شعرها الناريّة الناعِمة بفِعل نسمات الهواء فتهمِسُ بحنق
- تلك المُتكبّرة الكريهة ذات الشعر السِلكيّ من تظُنّ نفسها لتتعامل مع البشر بهذا الغرور ؟! اُقسِمُ ان اُحطّم وجهها الغبي حالما انال الفُرصة .. وقِحة ، عديمة الادب .

سُكّر غامِقWhere stories live. Discover now