الفصل الثاني و الأربعون.

16.9K 1.5K 769
                                    




أغْشَى سوادٌ عينيّ يوران الزرقاء، و أغمَضها مُستعدًّا لمصيره الذي أيقَنه منذ ثواني

فاجأهم صوتُ شخصٍ ثالث يقف عند البوابة قائلًا بنبرةٍ هادئة : زاداس، دعه و شأنه

أفلته من ذراعه التي كانت تلتفّ حول عنقه بقوّة، فسقط أرضًا بِلا حرَاك

رفع زاداس نظراته لصاحِب الصوت، ليقول : لمَ لحِقتَ بي؟

أجابه بهدوء : لا يجب أنْ تبقى هنا كثيرًا، فهذا القصر من الماضي، و الماضي لا يجب أنْ يُفتَح بابًا له فستُهاجمك ذكرياته و تُغرقك

زاداس بهدوء : لن أتوقّف عن زيارة هذا القصر حتّى أعرف الفاعل وراءَ الحريق

قالها و هو ينظر لعينيّ شقيقه الذهبية، و التي بدأت تتلوّن للأحمر القاني؛ يبدو أنّه كذلك يشتعل غِلًّا على الحادثة

تحدّث أوروس بنبرة ثابتة : أما زِلتَ مُوقنٌ بأنّ هناك فاعل؟ لربّما كان خطأً حدثَ بالمطبخ، أو ما شابه

قال زاداس بانفعال -لكن بنبرةٍ لم تعلو على نبرته- : أنت تعرف جيّدًا أن بدايته من جناح والدي، و المطبخ وُضِع بمِخطّط التصميم بعيدًا عن جناح الحاكم عمدًا؛ لتجنّب مثل هذه الحوادث!

أبعد نظراته عنه، ليتّجه ناحية ثُرية الرُدهة الضخمة، فاستأنف حديثه : هناكَ فاعل، أعِي ذلك جيّدًا بداخلي، و سأكتشفه يومًا ما فلن يُفلِت منّي أبدًا

أوروس و هو يُعدّل ترتيب شعره : عمومًا، اِحمله فلا يجب أن يبقى بهذه الحالة هنا

جلس زاداس بالقُرب من يوران، و أخذ يُفتّش بجيوبه فهو متأكدٌ من أخذه لشيءٍ من القصر؛ فلن يأتِ لمكانٍ كهذا بوقتٍ متأخّر للتسكّع فحسب!

وجد الورقة فخبّأها بجيبه بعد قراءته لمُحتواها، بدأ يفكّر بعمقٍ حول سبب أخذه لمثل هذه الورقة المهمّة!

قام بحمل جسده البارد، ليخرج تابِعًا أوروس الذي يبدو ينتظره

ما إن خرج لتُغلَق البوابة الضخمة خلفه من تلقاء نفسها -بعد تأثير قوّة زاداس عليها-

وجد شقيقه يقِف أمام نافورةٍ تتوسّط فناء القصر، جافّة من الماء نظَرًا لقِدمها

اقترب ليتساءل عن سبب توقّفه قائلًا : فيمَ تُفكّر؟

لم يُزحزح أوروس نظراته عن النافورة، فلطالما أحَبّ اللعب بمياهها في طفولته

و لن ينسى كيف كان رذاذها يُدغدغ وجهه، و يستمتع بذلك لأقصى درجة!

أجاب سؤال زاداس بسؤالٍ يشغل تفكيره : من قاتِل هيزارد؟

و لِفَخَامتك سيّدي.. سأرقُص.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن