أضناه العمل ... لأجله

268 15 66
                                    

صرختْ بأعلى صوتها " أنت كاذب و تضحك عليّ"

"من قال لكِ هذا الكلام؟"

"لست بحاجة لأحد ليقول لي ذلك فأنا أدركته بنفسي
اسمع جاد إن فرصك صارت شبه معدومة لقد مللت من هذه الحياة فأنا أريد حياة الاستقرار إما أن تأتي و تطلبني من والدي أو لا أعرفك و لا تعرفني"

"أجل سآتي غداً و لن أتأخر"

"بانتظارك"

راجع ذكرياته السيئة التي كانت مع حبييته السابقة 'حنان' لقد بنى أحلامه بها و خلق آماله معها و رسم حياته منها .... لتأتي و بكل بساطة تتركه و لِمَ ؟؟ لربما لأنه مجرد طبيب بسيط يعشق الهدوء أكثر من الضجيج ، البساطة أكثر من الترف ... و هي لا تريد ذلك

جاد

تباً للذكرى السيئة
بالتأكيد هي ليست اسماً على مسمى فما ملكت أي ذرة من الحنان ....
لا أدري لمَ نشاطي مقتول اليوم على غرار الأمس ... أخشى أن يكون وائل أسوأ مني
مهما فعل فسيبقى أخاً حقيقياً بالنسبة لي حتى و إن لم يقبل فأنا لن أتخلى عنه .... مهما حدث و مهما فعل فهو سيبقى أفضل صديق مر عليّ

لقد سئمت من هذه التجربة .... أظن عليّ أن أتوقف و لا أكمل لأنه و لربما إن أصابني أذى فيمرض الكثير من الطيور و لا يجدوا الدواء المناسب

وائل

لقد حدث الأمس ما لم أتوقعه ...
إن الفشل الذي أصابنا لم يكن قلة خبرات إنما مجرد قلة تحضير و تجهيز
اليوم الذي سنفعله سيكون مثالياً .... و لم يسبقنا إليه أحد من قبل فقط لأني أؤمن بقدرات جاد و مصوله التي استخرجها
سأحاول ألا أتأخر عليه اليوم حتى أثبت له أني معه و أني أخاً حقيقياً له
أخشى أن يكون أصيب بإحباط بسببي
و لكن ما أمر ذلك المكون الذي صنعه سيبقى له سر لا أحد يعلمه سوا جاد ...... و ربما حنان

انطلقت إلى عيادته بهمة عالية و تفاؤل جيد ليس لشيء .....
فقط لأجله

يمنى

وصلت إلى العيادة بانتظار ما سيفعلاه الطبيبان اليوم
متأكدة من أنهما سيفعلان شيئاً عظيماً لم يسبقهما إليه أحد
دخل الطبيب جاد بهدوء و سكينة على خلاف الأمس الذي بدأ بحديثه معي :

"صباح الخير يمنى"

"أهلاً طبيب جاد"

"هل اتصل أحد؟"

"لا ، فقد ألغيت جميع المواعيد"

"لقد قصدت وائل أو ..."

لم يكمل جملته لأنه أحس بغصة كبيرة في حلقه و شوكة كبيرة في قلبه

"لا لم يتصل أحد ..
أتريد مني أن أتصل به ؟"

"أجل من فضلك و أخبريه بألا يتأخر"

"حاضر"

دخل إلى مكتبه و جئت لأرفع سماعة الهاتف فوجدت الطبيب وائل داخل بنشاط و همة زائدة جداً
ماذا يحدث اليوم ؟ لما الموازين منقلبة
"صباح الخير يا يمنى ، كيف حالك ؟
هل أتى جاد ؟"

ضحكت بصوت خفيف جداً :"أهلاً بالطبيب وائل
الطبيب جاد بالداخل ينتظرك"

"شكراً لكِ ...
و لكن في المرة القادمة أجيبي على جميع أسئلتي"

نظرت إلى بتحاذق و ابتسامة صغيرة ثم دخل إلى غرفة الطبيب جاد

وائل

سأجعل نهاره اليوم مختلفاً .... أنا أعرف جاد تماماً .. إني متأكد من استرجع ذكرياته السابقة لأنه شعر بنفس الشعور ..... الإحباط و الفشل
و لكن هذا لن يدوم طويلاً
عدلت من هيئتي و دخلت عليه بسرعة:

"جاد ، مرحباً
هل أنت جاهز ... هيا قم لم تجلس ؟ أسرع فالوقت يداهمنا"

"انتظر ما بك؟ .... لم أنت متعجل جداً ؟ إن كان عليك شيء فاذهب ثم عد إن شئت ؟"

"لا شيء إطلاقاً ....
و لكن ابن فرناس ينتظرك هيا لن أنتظر أكثر "

"غريب وضعك اليوم يا بني ...
أخشى أن تكون أصابتك ارتفاع الحرارة"

"لا يا جدي قم و دعنا نبدأ ..."

"اجل دعنا نبدأ"

"أخبرني بالبداية ما قصة المكون خاصتك؟"

"إنها قصة يطول شرحها و أظنك لا تملك اليوم الكافي لسماعها"

"أجل ربما ..... و لكن إن كانت قصة جميلة فلم لا؟"

"ليست بالقصة المثيرة جداً ....
لا عليك ...انسها و لكن سأخبرك عن آلية عملها لأنها خطيرة و ليست بالسهلة"

"إذاً أخبرني عنها و لا تنسَ تجهيز المصول"

"المكون 'آرموARMO' هو عبارة عن مزيج من عدة مكونات يقوم بإعادة وضعك إلى السابق
حيث قمت بتجربة على فأر كسول وضعت له مصل سرعة زائدة فأصبح سريعاً جداً لدرجة أنه لا يمكنك رؤيته ثم وضعت له آرمو فعاد كما كان سابقاً"

"أجل ... و الآن ما وضع المصول؟"

"لدينا هنا مصل الطير و أظنك تعرف وظيفته لا تضع منه إلا في الأطراف
أما مصل خفة الوزن فهذا عليك وضعه في جميع أنحاء جسمي و خاصة في الرأس"

"أأنت جاهز؟"

"لا أدري حقاً"

"بل جاهز و لا عليك سوى انتظار نتيجة النجاح"

يمنى

لقد سمعت حديثهما .... الطبيب وائل لديه قوة قلب كافية لإجراء العملية تلك جهز جميع الأدوات و المعدات اللازمة لنجاحها ..... لم أرَ في حياتي صديقان مثلهما إنما حقاً روح واحدة في جسدين منفصلين
الطبيب جاد ذكي شجاع رجل بكل معنى الكلمة
الطبيب وائل شاب مرح متأنٍ جداً في عمله
الطبيب وائل لم يتخلَّ عن صديقه أبداً
لقد أضناه العمل ... لأجله

عبر خطوط السماءWhere stories live. Discover now