الفصل الرابع

8.2K 183 4
                                    


"آه "تدفق الدم الى وجنتي روزيل حين استمعت الى هذه المعلومات وادركت
ان ابنها غير شرعي .فراقب ليون الوانها فرقصت عيناه بسخرية .
"كم الساعة الآن "سأل .
"الحادية عشر تقريباً".
"اذاً يجب ان اذهب الآن ,اذا كنت اود الوصول الليلة ".

فخلع بجامته فوراً وبداً بارتداء ثيابه .
"لماذا عليك ان تذهب اليوم ؟سألت وعيناها مركزتان على الرسالة التي وضعها جانباً بريبة .
"لأن مدبرة منزلك طلبت منك العودة ؟".
"كأن يجب ان اذهب منذ الاسبوع الماضي"اجابها بيرودة .
"والآن على الذهاب اليوم لأنه طرأت بعض الاعمال المتعلقو بالxxxx .
فيجب ان ازور شخصاً غداً لأوقع بعض الاوراق"ذهب ناحية الباب ثم توقف واستدار نحوها وقال:
"لم اذهب من قبل لأنني لم ارد تركك "وخرج الى الحمام الذي كانت تتشاركه روزيل مع سكان الطابق الثالث.
راقبت روزيل الباب يغلق خلفه ,فشعرت بالحباط لأنها لا تريده ان يرحل ,مع انها عرفت منذ لحظة وصوله ان هذا الوقت سيحين .
كم ودت لو انها عرفته اكثر بالرغم من انها عرفت الكثير في هذين الشهرين ,لكنها لم تكن تعرف شيئاً من اسراره ابداً.
تنهدت فكيف سمحت له ان يبقى ويمتلكها ,فقط لأنه زوجها ,فماحصل بينهما يمكن ان يحصل لاي اثنين دون زواج ,فها هي اليوم و كأنها لا تملك فيه شيئاً.
تجادلت مع نفسها وهي تعود الى غرفة الجلوس .فقد كان التجاذب الجسدي بينهما قوياً جداًوقد صدقت ان هناك حباً بينهما ايضاً,على الاقل من ناحيتها لكنها غير متأكدة من شعوره نحوها الآن .
ارتدت ثيابها بسرعة وبدأت بترتيب الغرفة فوقعت الرسالة من انجيل ارسينوت على الارض ,التقطتها ونظرت اليها بذهب ,وبدأت بقراءتها .
"حبيبي ليون "وبدأت الكلمات تمر تحت عينيها ,حتى بدأت تشك انه على علاقة غرامية مع مدبرة منزله .
"لم اتذكر انني اعطيتك الاذن بقراءة رسائلي يا حبيبتي "
بالرغم من كونه هادئاً,شيء ما في صوته حذرها من انه غاضباً, حين عاد الى غرفته ,طوت روزيل الرسالة واستدارت لتوجهه .رائحته عطرة وشعره الرطب ناعم ورقيق ,فاقدم مباشرة نحوها واخذ الرسالة منها .
لكنها كانت غاضبة هي ايضاً,فالغيرة قد تملكتها فالرغم من كون الرسالة تخبره عن وجوب حضوره لتوقيع بعض الاوراق ,الا انها تضمنت ايضاً كلمات تعبر عن عواطف .
"انها تكتب لك بعواطف ملتهبة كونها مدبرة منزل "اتهمته .
"انجل هكذا انها تستفيض بالمشاعر "اطلق ليون ضحكة قصيرة "لا يسلم رجل من نواياها ".
"هل هي عشيقتك ؟"سألت ,لكنه لم يجب بل اكمل ارتداء ملابسه .
"اذكر انك قلت اي يوم اتيت الى هنا ,انك لم تكن مخلصاً لي خلال السنتين والنصف الماضيين ,واعتقد انها احدى نساءك "قالت والغيرة الشيطانية تقودها الى الجنون .
حدق ليون بها واكمل حزم امتعته ,تمنت روزيل لو انه يتوقف عما يفعل يأتي اليها ,يقبلها بعنف ليحمي شكوكها .
"ليون ,ارجوك قل شيئاً"همست بيأس .
جلس على اقرب كرسي ليضع حذاءه .
"ماذا تودين ان اقول ؟"قال ببرود "هل تريدين ان اكذب عليك واقول انني لم اعرف اية امرأة في حياتي سواك ؟".
ارجفتها نظراته وهو يكمل "فانا لم امضي حياتي راهباً,لقد كنت جندياً"عقد شريط حذائه ووقف واتجه نحوها .
"اسمعي ,يا صغيرتي ,علاقتي مع انجيل او مع اي امرأة اخرى ,لا تعنيك و...".
"بل تعنين ,انا زوجتك "اصرت .
"هذا لا يعني انك تملكيني "تكلم بحدة كسكين اخترقتها .
"ولا يعطيك الحق بقراءة رسائلي او استعادة علاقاتي الماضية ".
شعرت روزيل بالحزن يزحف الى قلبها ,لأن الاوقات السعيدة التي قضتها بجانبه ,لم تكن قريبة منه ,فربما هي تحمل اسمه تمارس الحب معه ,لكنه ليس لها .
"اذاً اية حقوق يعطيني ؟"سألت .
"كان يجب ان اعلم انك ستصرفين هكذا "قال وعينيه تلمعان بالغضب .
"لقد كنت دائماً متملكة ,هل يجب ان اذكرك بشروط زواجنا ؟كان مدبراً لنا ولذا لا يجب ان نتوقع الكثير من بعضنا ,مثلاً انا لا اتوقع ولا اصر على قدومك معي الى مونتياي اليوم فقط لانك زوجتي ,اعرف انه بالنسبة لك الباليه يأتي اولاً,وستريدين البقاء هنا وترقصي حتى نهاية الموسم ".
"انا لا اصدق انك لهذا السبب لا تتوقع مني الذهاب معك ".
انفجرت غاضبة بوجهه "انت لا تريدني ان اذهب ,لانك تريد ان تكون وحدك مع هذه ...انجيل ,وانت تعود لانها طلبت منك ذلك ,وانت تفضل البقاء معها بدلاً مني ".
"لا ,ليس هكذا "رد بسرعة لكن بهدوء "اود ان تأتي عندما ينتهي موسم الباليه ,بامكانك المجيء في الصيف ,
سيكون جميلاً حينها عندما يبدأ العنب بالنضوج ليصبح نبيذاً ,يمكنك البقاء لمشاهدة التخمير ,ففي جميع الاحوال ,المكان جزئياً ,اشتريته بالمال الذي يشكل مهراً لك ,فبامكانك ان تأتي وتريه ,لتعيشي فيه لبعض الوقت ".
ها هو الآن يمازحها ,كما كان يفعل دائماً عندما كانت صغيرة ,كأخ يداعب أخته الصغيرة ,لكنها تعدت ذلك فكبريائها مسيطر عليها الآن .
"لست متأكدة من قدرتي على المجيء في وقتها ".
"لما لا ؟"لم يبد مهتماً في سؤاله وهو يضع معطفه الجلدي .
"ربما سيكون لدينا جولة مع الفرقة في استراليا ونيوزيلاندا هذا الصيف ,وسأود الذهاب ستكون خبرة جيدة ".
"اترين ...الامر كما فكرت لديك حياتك لتعيشيها ولدي حياتي ...ستكونين حكيمة في استغلالك الفرصة للذهاب بجولة ,ستشكل منفعة لمهنتك ,لكن بامكانك القدوم الى مونتيناي في اي وقت آخر ".
لكن متى سأراك ثانية ؟كلمات ترددت في ذهنها مئات المرات لكنها لم تنطقها ابداً,منعها كبريائها ,لكنها لم تستطع سوى ان تسأله بعد ان ادارت وجهها عنه .
"لماذا اتيت الى هنا ؟".
"آه ,لماذا اتيت ؟".
"اتيت لاراك ,ولا عرف اذا كان زواجنا شرعياً".
"اذاً لقد استغليت الوضع تماماً ...لقد اتيت ,تملكنني ,استحوذت على مشاعري ,استغليتني ".
"هل فعلت هذا ؟...ربما ,لكن انا اشك كثيراً في ان اي رجل في عروقه دم كان ليتصرف بشكل مختلف ,عندما يجد نفسه متزوجاً بامرأة مغرية مثلك تعرض نفسها بحرية مثلك ...لم يتم شيء دون موافقتك "قال ببساطة .
"انا لم اعرض عليك ...آه ,اذهب اخرج من هنا ,ايها ...ايها المرتزقة !عد الى مونتيناي والى مدبرة منزلك ولن اهتم ابداً!".
كادت دموعها ان تنهمر امامه ,فهرعت الى المطبخ ,لتخبئ وجهها .
"روزيل "تكلم ليون بهدوء من الغرفة .
"آه اذهب بعيداً اذهب ...ولا تعد ابداً".
"لا تقلقي انا ذاهب ...الى اللقاء يا صغيرتي ,اكتبي الي لتعلميني اذا كنت ستذهبيبن بتلك الجولة ".
بعد ان غادر لعدة اسابيع بقيت روزيل حزينة ,مشتاقة له ,حيث مرت عليها ليال كثيرة دون نوم ,متمنية مراراً لو انها لم تقرأ رسالة آنجيل لما كانت تجادلت معه وقالت له هذا الكلام .
لقد مرت الاسابيع دون ان تسمع عنه شيئاً وتدريجياً اقتنعت انها كانت على حق ,فقد استغل عبوديتها له واستغل حبها ,بينما هو يوفر حبه لامرأة اخرى .
اتى الربيع وانتهى موسم الباليه ,فاختيرت روزيل للذهاب في الجولة ,وقررت القيام بها ,فبالرغم من تعاستها بعد الشهرين السعيدين ,كانت قادرة الآن على الكتابة له لتخبره بأنها قررت القيام بالجولة .
ربما آملت بأن يأتي الى لندن ويلعب دور الزوج المتسلط ,فيأمرها بالذهاب معه الى بورغندي لتعيش معه لانه اكتشف انه لا يستطيع العيش بدونها ,لكن املها خاب كثيراً عندما كتب بدلاً من ذلك ,شاكراً له اعلامه عن خططها ومقترحاً عليها الذهاب الى مونتيتاي في وقت آخر .
فبالنسبة له ,كان مشغولاً جداً لزيارتها في لندن ثانية تلك السنة ,ربما السنة التالية اذا كانت ما تزال في الفرقة .
تنهدت روزيل وارتعشت ,حيث عادت الى حاضرها ,فلم تدرك نفسها الا والليل قد داهم باريس ,الوقت الاكثر اثارة في المدينة حيث تغمرها الانوار التي تجعلها شاعرية جداً,وقفت على الشرفة لبعض الوقت تراقيب زحمة السير .
ليون لم يزرها ثانية في لندن ,ولم يأت الى باريس ايضاَعندما راسلته في ايلول الماضي وهي لم تذهب ابداً الى مونتيناي .
لكنها شعرت ان الوقت قد اكمل عمله المعتاد في الشفاء ,وستكون الآن آمنة في رؤيته مجدداً ,خيانته لحبها له لم يجعلها مجنونة كدورها في جيزيل ,لكن اجبرها على النمو ,مما شفاها من حبها له ,لذلك لم يكن من المحتمل ابداً ان يستغلها ثانية,لا فرصة له على الاطلاق بان يستغل الوضع تماماً.
لم تكن جيدة بداية اليوم التالي ,فقد تأخرت روزيل عند آنياميريمي ,الليلة السابقة فغلبها النعاس ,وكنتيجة لم تستطع اللحاق بالقطار الصباحي الى ديجون ,على الرغم من علمها ان ذهابها بقطار متأخر لن يعطيها وقتاُ كافياً في مونيتاي ,الا انها ذهبت ,فوصلت الى ديجون عند الظهر ,في الوقت الذي فاتها فيه الباص الى بيزيلاي ,البلدة قرب مونتياي ,وعليها ان تنتظر نصف الساعة ليصل الآخر .
كان يجب ان تستسلم حينها وتعود الى باريس فكرت وهي جالسة قرب النافذة في الباص تنظر الى كروم العنب الذهبية ووديان برغوندي الخضراء .
"هنا بازيلاي "قال السائق ,فنهضت روزيل من مقعدها وذهبت لتكلمه .
"هل يمكن ان تدلني كيف اصل الى مونتناي من هنا ؟".
"هل تريدي الوصول الى قرية مونتناي ام قصر مونتناي ؟".
"القصر ".
"اذاً ابقي في الباص مونتناي تقع بين جايسون وهنا ".
"كم ستأخذ من الوقت ؟".
"حوالي عشرين دقيقة ,ربما اكثر او اقل ,فهو ليس بعيداً ,سأخبرك حين نصل ".
وصلوا اخيراً الى قرية صغيرة ,حيث يوجد طريق واحدة مليئة بالبيوت وتحيطها الورود وكروم العنب التي تغطي المئات من الاراضي ,على مد النظر ,رجل عجوز كان ينزل من الباص ,قال لروزيل وهو يتجاوزها .
"ليس بعيداًمن هنا آنسة ,القصر على بعد اربع كيلومتر من القرية ".
"شكراً يا ميسيو ".
"هنا قصر مونيتناي ...سيكون عليك السير من هنا "
قال لروزيل ناظراً اليها بسخرية .
"فرصة سعيدة ".
كان الطقس حاراً جداً ,والهواء معبق برائحة الكروم ,والنباتات الاخرى ,لم يكن هناك اي صوت ,ليس حتى حفيف اوراق او زقزقة عصفور ,هل هي حقاً في طريقها الى القصر ؟
نظرت الى ساعتها وعبست ,فقد قاربت الساعة الثالثة ,ويجب ان تسرع لو لم يكن الطقس حاراً فقط ,فجأة خطت على حجر فلوت كاحلها صرخت من الالم ,يجب ان تكون حذرة اين تضع قدمها ,فأبطأت خطواتها ليس من الجيد الآن أن تلوي كاحلها او تكسر عظمة في قدمها مثل آنيا ,آه صرخت فقد لوت كاحلها مر ثانية,فتوقفت من الالم ,ثم حاولت التقدم لكن كاحلها كان قد ضعف من الضربتين ,وادركت أنها فقدت كعب حذائها ,كان هذا كثيراً عليها ليوم واحج ساعدت نفسها على الوقوف ,
وعرجت الى جانب الطريق حيث جلست على جذع شجرة عتيق ,فخلعت حذائها لتتفحص كاحلها ,فرأت دائرة سوداء تتكون بين عظمة الكاحل والقدم .
لم يكن عليها ان تأتي وترى موتيناي ,وليون من جديد ,لن يستحق هذا عطب قدمها وربما مستقبلها كراقصة ,والآن ماذا عليها ان تفعل ,فكأنها في الصحراء لا وجود لاحد فعليها الانتظار قليلاً حتى تستطيع المشي قليلاً نحو البيت .
"على الانسان التفكير و الله في التدبير "خطر على ذهنها هذا المثل القديم وهي جالسة تستمع الى ازير النحل والحشرات في الاعشاب ,لقد كانت تنوي الوصول الى مونتيناي في كامل اناقتها كالباريسيين ,لتبرهن لليون انها لم تعد الفتاة الساذجة البريئة التي تزوجها ,ثم اغواها عندما زار لندن ,لكن الآن يبدو انها ستصل بشكل آخر ,لكن على الاقل تستطيع اصلاح شعرها وهي جالسة هناك .
اخذت مشطها ومرآتها من حقيبة يدها ,حين التقطت اذناها صوت اعلى واقوى من ازير الحشرات قربها لقد كان صوت آلة ما على الطريق العام ,لم تكن لتأمل ان تمر من طريقها لكن ارتجفت اعصابها عندما سمعت الصوت المحرك يقترب منها .
كانت الآلة عبارة عن عربة مزرعة من تلك التي تنقل الخضار والفاكهة الى الاسواق ,فلوحت روزيل بحقيبتها في حال لم يتوقفوا عند وصولهم اليها .
كان هناك شخصان في اللوري ,حين توقف واطلق وراءه سحابة غبار ,وبالرغم من كل الضجة التي يصدرها المحرك ناداها صوت انثوي من النافذة .
"ماذا حصل ؟".

روايــات ؏ـبـــيــر / زواج بالإكراهWhere stories live. Discover now