الفصل الثاني

11.3K 243 4
                                    

الفصل الثانى

لمعت عينا روزيل بغضب.
" اذا كنت يتحول الامر الى سخرية من الافضل عدم اخبارك المزيد , لقد اخبرتك ما لم اخبره لشخص غيرك , لكنت لزمت الصمت وقبلت عرضك . هل كنت احببت ذلك ؟". ردت بسرعة وحسم .
بدا ادريان مجفلا من ردة فعلها ثم تغيرت ملامحة الى اعجاب.
" انا آسف يا عزيزتى , لما كنت احببت ان تخدعينى , ماذا حصل بعد ذلك؟".
" تحسن ليون ورحل" قالت ببساطة.
"لماذا ؟ اين ذهب؟".
" لا اعرف لماذا ولا الى اين , على الاقل فى حينها . لكن بعد ذلك عرفت انه ذهب الى مونتيناى".
" لكن الم تستعلمى عن ذلك؟ اعنى بما انك قد تزوجتيه الم تفكرى انه يجب ان يسألك الذهاب معه؟".
" اجل , لقد فعلت لكن اولغا شرحت لى بانه وافق على ان اكمل تدريبى كراقصة وفى يوم ما عندما ينهى ما يريد ان يفعله سيعود من اجلى".
" وانت صدقتيها يا ايتها الرومنطقية الربيئة" بدا حزينآ.
" ليس لدى اى سبب حتى لا اصدقها , اردت ان انهى تدريبى".
" وقد كنت معتادة على ان تفعلى وتطبعى كل ما تطلبه منك اولغا , دون ان تسألى " قال بتنهيدة ثم اضاف :
" وها قد انهيت تدريبك , ماذا بعد؟".
" دخلت فى فرقة باليه انكليزية وشجعتنى اولغا على ذلك , فانتقلت الى لندن فانا اعيش وارقص , هناك منذ ثمانية عشر شهرآ , وعندما ماتت اولغا وتلقيت رسالة من محاميها تتضمن رسالة لها كتبتها لى قبل موتها , كان فيها عنوان ليون فكتبت له".
" وماذا حصل ؟" سأل ادريان بفضولية.
" اتى الى لندن ليرانى " قالت بهدوء.
قاطعهم نادل يسألهم اذا كانوا يحبون بعض القهوة , فطلبوا منها سويا. وقد اصبح المطعم الان مكتظا بالناس.
" مونتيناى , اين هذه ؟" تمتم ادريان الاسم بموسيقية.
" فى بورغندى . انها موقع صغير تضم كروم عنب معرفة ".
" فى الكوت دور ؟" سأل حيث شعت عيناه بأثارة.
" لا, قسم من سوان ايه لورا . قرب تور نوس . كان يملكها آل شوفينى حتى خسرها جد ليون بالقمار عندما كان شابآ , وقد حاول طوال حياته ان يجد طريقة لأستعادتها فقد اعتاد ان يأخذ ليون مرارآ الى هناك عندما كان طفلآ , على امل ان يملكها فى يوم من الايام , ليدير آل شوفينى مقاطعة مونتيناى من جديد . فعندما امتلكتها عائلة آرسينوت , افسدها من جراء الادارة . ثم مات بول سينوت ابن ارماند ووضع المكان برسم البيع , فسمع ليون بذلك واشتراه".
" بعد ان تزوجك , ولهذا اضطر للذهاب ليعيد وجود آل شوفينى فى مونتيناى , ومن اين حصل على المال ؟" حزر ادريان باقتضاب.
" لقد كان يدخر من عمله كمرتزقة , لكنه لم يحصل على كفاية , لذلك طلب من اولغا مساعدته".
" فاقرضته المبلغ؟".
" بل اعطته المبلغ , لقد اعطته كل المال التى كانت ستتركه له بعد وفاتها " ردت روزيل بصلابة.
" فهمت هل ذهبت معه الى مونتيناى للعيش هنالك ؟". قال ادريان .
" لا " عرفت انه يناور يريد معرفة ما حصل عندما اتى ليون لزيارتها فى لندن.
" لم اكن مستعدة للتخلى عن مهنتى كراقصة , لذلك قررنا ان نعيش منفصلين " اضافت ببرود .
" لماذا لم تحصلين على ابطال الزواج ؟".
" لا اعرف , ام نتناقش فى الامر ".
بالتاكيد بعد ان اخذ فكرة سيتوقف عن محاولته لأكتشاف مدى صميمية علاقتها مع ليون .
" هلى بقيت على اتصال معه خلاص السنوات الماضية ؟".
" اتصلنا لعدة مرات , فى ايلول الماضى عندما انتقلت الى باريس رسالته وسألته اذا كان يريد فعل اى شئ بشأن حياتنا الزوجية ".
" هل اجابك ؟".
" تدريجيآ , قال بانه يود وضع حد لكل شئ اذا اردات ذلك , فما على الا الذهاب الى مونتيناى لأراه ".
" با له من شهم ! اتعرفين كل ما سمعت عنه اكثر كلما كرهته , متى كتب لك ؟".
" منذ ستة اشهر . لم اذهب لرؤيته لأننى كنت مشغولة جدآ بالرحلة ". ردت بدفاعية .
" ام انك لا تريدين الذهاب , هل انت خائفة منه ؟". قال بجفاف .
" انا ... ربما " اعترفت روزيل على مضض مجتنبة نظراته ثم اضافت :
" فليس من السهل فهمه بالرغم من اننى اعرفه منذ كنت طفلة , فما يزال غريبا كليا عنى , غريبا مالوفآ , اذا فهمت ما اقصد ".
احمر وجهها عندما تذكرت كم اصبحا مألوفين لبعضهما عندما اتى ليون وبقى معها فى لندن .
" انا لست متفاجئآ , فهو غير متوقع , لديه ميراث غير عادى . من اى مكان فى روسيا اتت اولغا ؟". تمتم ادريان .
" كانت من تارتارى ".
" كان الترتار شعب وحشى , لكنهم انتجبو بعض من اعظم الراقصات , ماذا عن زوجها ؟ هل كان روسى ايضآ ؟".
" زوجها الاول كان روسى . اخبرتنى انه كان كاتبا سحنه ستالين لذلك غاردت روسيا بأن زوجها قد مات فى سجنه , تزوجت ثانية من رجل فرنسى ثرى , ترك لها ميراثا مهمآ عندما توفى ".
" واعطت كل شئ الى حفيدها المحبوب ليشترى كرمة عنب والان يا عزيزتى , انها اغرب قصة سمعتها وانا اقدر لك صدقك فى اخبارى اياها . لكنها لا تشكل اى فرق فى شعورى نحوك ".
" انت تعنى ..." احست بالذنب قليلا , فقد كانت متاكدة تمامآ انه سيسحب عرضه .
" اعنى انى ما زلت اود الزواج بك . فأنا احبك كثيرا ولن استسلم بسهولة . يجب ان اعترف انك اقلقتنى لعدة لحظات وفكرت ان هناك صعوبات , ولكن كما ارى ليس لديك ايه مشاكل فى انهاء هذا الزواج الخرافى خاصة انك وشوفينى هذا لم تتعايشوا , كالازواج ".
" آه , لكن انا ... نحن ... يجب ان اذهب وارى ليون اولآ " قالت بسرعة , تلعب لبعض الوقت .
" لا ارى , لماذا فكل شئ يمكن انهاءه دون ان تلتقى به ثانية ".
" لكن لا يمكننى هكذا توكيل محامى ليكتب له " جادلته .
" هناك اشياء يجب ان نناقشها انا وليون وحدنا ".
وضع ادريان فنجان قهوته على الطاولة ونظر الى ساعته واشار الى النادل وطلب منه الفاتورة .
" لدى موعد فى الثالثة وقد قاربت الثانية والنصف والان , انا اسف , فلن يمكننى قضاء فترة بعد الظهر معك ".
" لا عليك , فلدى بعض الاشياء لأشتريها " انهت روزيل قهوتها .
" تشترين بعض الاشياء ؟" سأل ادريان بابتسامة .
" اجل , فهذا ضرورى اذا كنت يأذهب الى كاب دانتيب معك , فيجب ان يكون لدى بعض الملابس المناسبة " قالت بخفة .
" لا استطيع تصديق ما اسمع " نظر اليها باعجاب .
" انت تبدين فى غاية السحر اليوم " اضاف بمرح , ثم عبس وانحنى الى الامام نحوها .
" سأخذك الى مونتيناى يوم الجمعة " قال باستبداد .
" لماذا ؟" اندهشت واحتارت .
" حتى يمكنك انها امورك مع ليون . فأنا اود ان اخذك الى هناك وبعد ان ترى ليون نعود على الطريق القديمة للمتوسط حيث يمكننا رؤية بعض الاماكن الاثرية فى طريق عودتنا الى الريفييرا".
" لا! " صرخت روزيل , حتى ان الجالسون على اطاولة قربهم توقفوا لينظروا اليها , لكنها لم تستطيع ان تحكم اعصابها , فادريان يحاول منذ الان تنظيم حياتها . ودفعها للارتباط به .
" لما لا ؟". طالبها .
" افضل ان اذهب واراه بمفردى , سأذهب بالقطار الى ديجون , ويمكننى اخذ الباص من هناك الى مونتيناى واعود بنفس الطريقة الى باريس " عندما رأته عابسآ , مسكت ذراعه وقالت :
" تبدو قلقآ هكذا , لقد اعتدت السفر بمفردى ".
" اتساءل " قال .
" آه , حقآ ماذا يمكن ان يحصل لى فى قطار او باص فى بلد متحضر ؟".
" لم اكن افكر بهذا , بل عندما تصلين الى مونتيناى , هذا ما انا قلقل بشأنه , اتمنى ان تبقى حتى الجمعة لآخذك بنفسى " اجابها .
" لا , ارى ما هو الجيد الذى سيسببه حضورك " ردت بعناد.
" يمكننى ان ادعمك , ان اوضح موقفك من هذا الزواج المدبر الذى تم بالاكراه لكليكما من تلك الساحرة العجوز , جدته ...".
" اولغا ليست ساحرة !" ردت غاضبة .
" بل عرابة خيرة , الامر نفسة ".
" لقدر تدبرت زواجنا من اجل مصلحتنا . هكذا اخبرتنى حين سألتها " قالت مدافعة .
" العرابات والذين يدبرون الزيجات يقولون هذا دائمآ " قال ادريان .
" ولا يمكنها ان تكون بارعة فى علم النفس لأن الامر لم ينجح , اليس كذلك ؟ فبالكاد تستطيعين تسميته بالزواج المتكامل".
" اعرف ان ما فعلته يبدو غريبا بالنسبة لك , لكنى اؤمن بأن نواياه كانت حسنه " قالت فى صوت منخفض.
" فى الحقيقة التى تأخذ مجراها كما , املت كانت بسببنا , انا وليون " نظرات بعيدا ثانية .
" يا عزيزتى " كان صوت ادريان رقيقا ومهتمآ.
" انا احاول ان افهم , أنت وقعت فى فخ سخيف لديك الفرصة لتقومى بشئ . لقد طلبت منك الزواج واود معرفة الجواب قريبا , فأنا اعتقد انك تودين قبول عرضى لكنك لا تستطيعين حتى تتأكدى من ان ليون سيبطل الزواج , اذآ اذهبى وتفاهمى معه فى اسرع وقت ليس فقط من اجلك واجلى , بل من اجله ايضآ , فكما تعرفين ربما يريد هو التحرر ايضا , ليتزوج من اخرى , لكنه ينتظر منك ان تتخذى الخطوة الاولى ".
قال مت شعر به لفترة , وهو على حق حان الوقت للقيام بذلك .
" حسنا , سأذهب واراه غدآ " قالت .
" اذآ لقد سوى الأمر , هيا بنا لنذهب , هل سأراك الليلة ؟".
" اود ذلك , لكنى وعدت آنيا ميريمى ان اراه الليلة , سأتصل بك فى الفندق مساء غد عندما اعود من مونتيناى " قالت .
" لتعطينى الأخبار الجيدة , على ما آمل " قال ادريان برقة .
ام تنجح روزيل فى تسوقها , فحديثها عن الزواج مع ادريان قد قلب مزاجها اكثر مما تصورت عندما كانت فى المطعم , فبعد ساعات من التجول , ذهبت فى سيارة اجرة الى شقتها التى تتقاسمها مع زميلة لها فى فرقة الباليه .
لم تجد رفيقتها , فكان المكان لها , خلعت ملابسها واخذت حمامأ لتزيل عنها تعب النهار , ثم ارتدت روبآ قطنيآ واعدت لنفسها فنجانآ من الشاى وحملته الى الشرفة المطلة على برج ايفل.
استلقت على كنبة مريحة واغمضت عينيها , كيف يمكنها ان تتذكر ذلك اليوم من اواخر تشرين الاول عندما اتى ليراها , فقد بدا ذلك اليوم مطبوعآ فى ذاكرتها حتى الأن , حتى بعد مرور سنتين ونصف كانت وكانها هناك , فى لندن , تعود الى شقتها بعد ان امضت فترة بعد الظهر بالتسوق .
تلك السنه كانت الثانية لها فى لندن, حيث استاجرت فى حينها غرفة فى بوتنى , فى احد البيوت الادواردية , التى يسكنها عادة الطلام والفنانون والاشخاص الذى يبحثون عن مكان ذا اجر رخيص . كانت دائمآ تتسوق مشترياتها , نهار السبت فى فترة بعد الظهر , وذلك النهار كان باردآ جدآ , فعادت الى البيت حاملة اغراضها , صعدت السلالم وعندما وصلت السلم الاخير , كادت تصرخ من الفزع , عندما خطا امامها رجل طويل القامة , كتفيه عريضين .
" ليون ! ". قالت بذعر .
" بونجور , روزيل " قال بتهذيب " لقد اتيت بناء لطلبك فى الرسالة " اخذ ظرفا من جيبه , فتعرفت الى خط يدها على الفور .
" انا سعيدة بقدومك " همست , والفرحة تغمرها , فناولته الاغراض وقالت :
" ارجوك امسك لى هذه بينما ابحث عن مفتاحى ".
فدخلو الى الغرفة حيث وقفوا وحدقوا ببعضهم ثم تكلم ليون اولآ .
" اين اضع هذه ؟".
" آه , هنا فى المطبع الصغير " ثم قالت :
" متى وصلت ؟".
جئت من باريس , بعد الظهر " اجاب ببطء بلكنة انكليزية جذابة وهو يستدير ليواجهها .
" وصلت الى هذا البيت منذ خمس عشر دقيقة , الناطورة ...".
" لا انها المالكة " قاطعته .
" المالكة اذا " صحح كلامه .
" قالت انك ستعودين قريبا وبامكانى الصعود الى هنا وانتظرك " تنقل نظرة فى الغرفة .
" لديك فقط غرفتين ؟" سأل .
" اجل , هذا كل ما استطيع توفيرة حاليآ " قالت بسرعة .
" لكنها مريحة , والسيدة تينانت المالكة لطيفة جدا " اصبحت فجأة عصبية لأنها لاحظت انه قريب منها جدا وينظر اليها بغرابة وكأنه لم يراها من قبل .
" عل تود بعض الشاى ؟ " سألت بخفة .
" لا شكرآ . هل لديك بعض الخمر ؟".
" فقط لدى شيرى " قالت .
" انه فى الخزانة ".
عادت الى غرفة الجلوس واضاءت المصباح , الذى اضفى لونه الوردى جوى شاعريآ.
خلعت معطفها , ثم ذهبت وفتحت الخزانة , فوجدت نصف زجاجة من الشيرى التى ما زالت هناك منذ ان دعت يومآ اصدقائها لوجبة عذاء . فوضعت الزجاجة مع كوبين على الطاولة واستدارت نحو ليون .
" ها هى آمل ان تفى بالغرض " قالت .
" اخشى انى لا اعرف الكثير عن الخمر , لكن اعتقد انه يجب ان نحتفل , اليس كذلك ؟".
" نحتفل ؟" سأل باستغراب , وحمل الزجاجة ليتحقق من ماركتها .
" اجل , هذه هى المرة الاولى التى نلتقى فيها منذ سنتين ونصف . اظن انه سبب للاحتفال , الا تعتقد ذلك ؟".
وضع الزجاجة ونظر اليها بعينين و ضيقتين ثم سحب رسالتها ثانيه من حيبه .
" هل هذا صحيح , ما كتبته لى فى الرسالة ؟" سأل ببرود ثم اضاف .
" هل نحن متزوجان ؟".
شعرت بالبرد يجتاح حنجرتها من شدة مفاجأتها .
" بالطبع نحن متزوجان ! آن لا تقل لى انك نسيت ! ".
تلك الذكرى ما زالت حية فى ذاكرتها , فوجدت انه من غير المعقول نسيان تلك المناسبة الخالدة .
" نحن متزوجان فى بيت جدتك , اعرف انك كنت مريضآ , حينها لكن ...".
توقفت ثم حدقت بوجهه مباشرة واضافت .
" قلت بأنك موافق عندها " .
همست .
" وبعد ذلك وضعت خاتم جدتك فى اصبعى ".
رفعت يدها حتى بدى وهج ذلك الخاتم القديم , فتنقلت نظراته من وجهها الى يدها ثم الى وجهها .
" يا الهى ! " تمتم وفرك جبهته " اذآ هو صحيح ما يمر فى ذهنى من ذكرايات مبهمة بهذا الشأن , هل انت متاكدة انه شرعى ؟" طالبها .
" يجب ان تغفرى لى شكوكى لك جدتى كانت دائمآ مليئة بالحيل وتحب اغاظة الناس , وغالبا ما كانت تغيظنى وتصعب الامور على , بوضع عراقيل فى وجهى التى اضطر الى التغلب عليها قبل ان تعطينى ما اريده , لكن لابد انك تعرفين كيف كانت تعلم الانضباط الادب . حتى اصبح يشكل لها هذا الامر عقدة ".
" اجل , اعرف " تمتمت " لكنه لم يكن حيلة , لقد حصل فعلآ , ولدى نسخة عن وثيقة الزواج التى وقعنا عليها ".
" انا وقعت على شئ ؟". استعلم , بعبسة سريعة .
" اجل , توقيعك مهتز قليلآ , لكنه لك وانا شاهدتك تكتبه لكن اليس لديك نسخة من الوثيقة ؟".
" لا, او انها موضوعة فى مكان ما . ارينى الوثيقة " قال بغضب جندى مرتزق قوى .
فتحت روزيل احد جوارير الخزانة وسحبت ملفآ كبيرآ , تحتفظ فيه بكل الاوراق القانونية المهمة . فأخذت الوثيقة واستدارت نحوه , وقبل ان تستطيع عرضها عليه , انتزعها منها وفتحها . فى الوقت الذى اعادتها الى مكانها , كان هو قد وقف قرب النافذة ويحدق فى اضواء الشارع .
قلقت لصمته المستمر , فاقتربت منه .
" هل تصدق الان ان زواجنا شرعى ؟". سألته .
استدار ليون ليواجهها , فأنذرتها وحشيته المكبوته فى تلك اللحظة فرجعت الى الوراء , حيث استطاعت رؤية الاجرام فى عينيه .
" ليون ...". رفعت ذراعها غريزيآ " ماذا دهاك ؟".
" اغمض عينيه ورفع يده ليس ليضربها لكن ليمرر اصابعه بشعره , وتنهد تنهيدة طويلة .
" لا شئ " تمتم " اجل اصدق ان زواجنا شرعى , فالوثيقة تبدو شرعية جدآ " ضحك بغرابة وهز رأسة ثم اضاف :
" لقد كنت متزوج بك منذ سنتين ونصف دون ان اذكر ! كل هذا الوقت وانا معتقد ان ما حصل عندما كنت مريضآ عند جدتى كان نتيجة حمى , هذايان " عبس مجددآ واعطاها نظرة مبهمة .
" لكن لماذا احتفظت به لنفسك كل هذا الوقت ؟ لماذا لم تراسلينى من قبل ؟".
" لم اكن اعرف مكانك , لقد ذهبت حين تعافيت مباشرة , واولغا اخبرتنى انك وافقت على تركى اتدرب كراقصة وانك ستعود الى عندما تنهى ما تود فعله , فظننت انك ربما عدت لتحارب فى افريقيا ولطالما تمنيت ان تصلنى رسالة منك و فأنا لم اعرف الى ايم اراسلك لأن اولغا لم تعطينى عنوانك . حتى وصلتنى رسالة من اولغا كانت قد كتبتها قبل وفاتها تشرح فيها سبب تدبيرها زواجنا ".
" تلك العجوز ..." عض على شفتيه قبل ان يكمل كلامه عن اولغا , ثم اعطى روزيل نظرة قاسية اخرى واضاف :
" تقولين انها شرحت سبب تدبير هذا الزواج بيننا , فاى سبب اعطت ؟".
" فقط انها فعلت هذا لصالحنا , لأنها الطريقة الوحيدة لتعوضنى , لانها لم تترك لى اى مال فى وصيتها " ثم ضحكت روزيل قليلآ واضافت :
" وانا لم اتوقع منها ان تترك اى اى شئ , فى جميع الاحوال , لذلك لم افهم ماذا تقصد تمامآ . لكن انا سعيدة الآن لمعرفتى اين يمكن ان اتصل بك اخيرآ ".
" اذآ لم تعلمين بتلك الوصية التى اعدتها وكانت تنوى ان تترك كل مالها مقسوما بيننا ؟". سألها بدهشة .
" لا ! " حدقت به باستغراب " هل كان هناك وصية من هذا النوع ؟".
نهاية الفصل

روايــات ؏ـبـــيــر / زواج بالإكراهWhere stories live. Discover now