الجزء الأول

65 3 19
                                    

تسجيل الحضور!! علقوا هنا بوجه باسم.

كانت الساعة الحائطية تشير إلى العاشرة وأربعين دقيقة حين عادتْ أنستازيا، رفيقة سكني منذ ثلاثة أشهر، أخيراً.

ظهرتْ عليها إمارات العجب حين رأتني جالسة على الكنبة مقابل الدرج. ابتسمتُ لها بتوتر فقطبت حاجبيها في غضب. لعلها تظن أنها ستدفع حصتي من الإيجار مجددا.

"مرحباً" حيتني باقتضاب.
"أهلا بعودتك" أجبتها.

تجاهلتني تماما وهي تنزع كعبها العالي بعصبية ملقية إياه بجانب حذائي الرياضي.

زمت شفتهيها بامتعاض وتوجهت نحو قنينة الغاز الصغيرة التي نطهو فوقها فأولتني ظهرها. غرفتْ من الحساء الذي أعددتُه سابقا عازفة عن الحديث معي.

بادرتُ بطمأنتها ما إن رتَّبتُ كلماتي:"أنستازيا، أعلم أنك متضايقة مني لأنك اضطررتِ إلى دفع كل شيء الشهر الماضي. ووعدتُك أن أفعل ذلك هذا الشهر. لقد قبلتُ بالعمل بالفعل وسأفي بوعدي"، لكن صوتي خرج غريبا... متقطعا ومحملا برجفة.

استقامتْ ورمقتني بحيرة تامة.
" إذن ما المشكلة؟"

ابتلعتُ ريقي وانحدر بصري إلى حجري:" لا شيء".

"إليزا، تعلمين أني لا أحب المفاجآت. لذا أخبريني دون لف ودوران"

كان هذا جنونيا. أن يكون له هذا الأثر علي من لقاء عابر، نسي أمره الآن دون شك، أمر غير منطقي. وتنامتْ بنفسي لوعة لرؤية صفاء عينيه مجددا. لوعة لرؤية البريق الذي جعل روحي تسكن وتنسى همومها وانهاكها. أكاد أقسم أن عينيه حملتا مشاعر دافئة لولا استكانة ملامحه وابتسامته اللبقة. هل يعقل أن وحدتي في هذا العالم أخلَّتْ بعقلي لأتوهم ذلك؟ ألم يجد خيالي الجامح طريقة أخرى لإفراغ شحن توتري وتعبي؟ يا لسخرية، أشعر أنها تضاعفتْ. كيف سأشرح هذا لأنستازيا؟ مع الأسف، لسبب ما، من السهل عليها قراءة دواخلي ومكنوناتي ولن يثنيها الآن شيء حتى تدري بكل الوقائع رغم عدم رغبتي بالكلام عنه.

آثرتُ الحديث بعد تفكير انتهى بتفضيلي إطلاعها عن ما جرى بدل تركها تعوم في فرضياتها.

"اجلسي أولا" اقترحتُ عليها فجرت أحد الكراسي الخشبية وجلست مقابلي.

حمحمتُ قبل أن أبدأ بالكلام.
"حين عدتُ من العمل... كانت هناك السيارة الجديدة... و..." كان وجهي يشتعل خجلا من نفسي.

سمعتُ دفع الكرسي الخشبي وسقوطه.
"لا تقولي أنك أصبتها بضرر" همستْ بحدة من قلقها.

نظرتُ إليها وضحكتُ بحرجٍ:" لا إنما التقيت بصاحبها".
ارتفع حاجبها في دهشة وساد الصمت لمدة.
"وماذا دار بينك وبين جايد؟"

أتى دوري لأدهش:" كنت تعلمين بوجوده ولم تخبريني!"

"لم تجيبيني، ماذا دار بينك وبينه؟"

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Feb 21, 2017 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

وهم الهويةWhere stories live. Discover now