المقدمة

156 10 29
                                    

لم تكن تحب أن ترى. كانتْ تسمع فقط. كانتْ تشعر فقط. وكانتْ تشم فقط. كلما استمر الصراخ ازداد استرخاؤها: لن يقترب منها والدها الليلة، إنه مشغول. لكن ظنها خاب.  

في الغرفة الرئيسة للمنزل، استقام الرجل الأربعيني بعد أن انتهتْ ليلته قبل موعدها. لا أحد احتمله كما احتملته زوجته الراحلة بسبب الشيطان القابع في هذا المنزل.

غلى الغضب بصدره وخرج صوته النَّشَاز في صرخة مرعبة:" إليزابث!"

****************

بعد سنوات:

زحف الظلام على حي ألمون معلناً نهاية يوم عمل متعب بالنسبة لإليزابث. أول يوم عمل هو متعب بالنسبة للجميع خاصة إِن كان رئيسك في العمل مولعاً بالمثالية. اتجهت بث نحو مسكنها الذي كان يقع بنفس الحي لحسن حظِّها.

كثيرٌ من الناس ينظرون لها بشك عندما تدخل إلى حديقة إحدى العائلات الميسورة، غير عالمين أن تلك العائلة منحتها ورفيقتها قبوها للإيجار بثمن زهيد شفقة عليهما. فتحت باب مرأب سيارة العائلة وأغلقته وراءها. توقفت قليلا تتأمل سيارتهم الجديدة كعادتها منذ ثلاثة أيام وأخذت تحلم باليوم الذي ستمتلك من هي أجمل منها. سيكون عندها أصدقاء كثر ولن تكون الفتاة المجهولة والغريبة.

انفتح باب المِرْآب فجأة، فتحركت بسرعة لتتظاهر بأنها كانت تحاول فتح باب القبو وكأن المفتاح قد تعطل مجدداً.

"مرحباً" تجمدتْ يديها لغرابة الصوت.

كانتْ تتوقع صوت العجوز المُتَهَدِّج لكنه صوت شاب عميق وواثق. استدارت وارتبكت. هناك على عتبة الباب وقف رجل عشريني بأبهة.

بعثتْ رسميةُ مظهره الخوفَ في قلب بث. تقدم منها بخطوات ثابتةٍ واثقةٍ مبتسماً، لا يظهرُ شيئاً من مدى توتره. توقف على بضع خطوات منها ومد يده لها.

" أنا جايد، ابن صاحب المنزل. سمعت أنك ورفيقتك صرتما تقطنان هنا".

مرتْ بضع لحظات التقطتْ فيها أوجه الشبه بين الشاب والسيد جون وزوجته. استرختْ ملامح بث الناعمة وارتسمتْ على شفتيها النحيفتين ابتسامة متوترة. التقطتْ يدَه في سلام سريع أَذْهَبَ تَيَبُّسَ أطرافِه.

"سررتُ بمعرفتِك سيد جايد. اسمي اليزابث... أشكرُ فعلا... آمم..."

ابتسمَ ابتسامةً حقيقية انعكستْ في عينينه الواسعتين، فكانت أول مرة تنتبه فيها بث إلى عمق عينيه. صمتتْ تماماً تدرس ما الفريد في ذلك الرمادي المائل للزرقة. هدأتْ حواسها وانصبَّ كل تركيزها في التماع ذلك النقاء والصفاء.

كبرتْ ابتسامته أكثر فتغَضَّنَتْ أطرافُ عينيه. اللقاء يمر أفضل مما حلم به.

"لا داعي لكل هذا الشكر والعرفان آنسة... إليزابث" قال بصوت أجش متعجباً من النشوة التي أصابتُه عندما نطق اسمها بصوت عال لأول مرة.

لم تدركْ بث أنها كانتْ تحبسُ أنفاسها إلا عندما أطلقتْها في ضحكةٍ خجلة داعبت حواسه.

سادَ الصمتُ بينهما للحظات أخذ فيها كلٌّ منهنا يَسْتَشْرِبُ ما أمكنَ من ملامح الآخر.

كانا مخلوقين متناقضين. هي قصيرة على عكسه. قسمات وجهه حادة على عكسها. عيناها خضراء شابتها خطوط بنية رقيقة عكس صفائِهما عنده. كانت بريئة وساذجة وهو رأى الكثير في الحياة.

كانا سيستمران في ذلك لولا أن جايد أحس بتهديد فقدانه السيطرة على مشاعره. بعد كل شيء بث تعرفتْ عليه للتو. لكنه لم يستطع منع نفسه من حمل كفها وطبع قبلة رقيقة ناقضتْ عنفَ ما اعتمل في صدره، دون أن يقطع النظر إلى عينيها.

اهتزتْ دواخِلُ بث وضعفتْ أطرافها فسقطتْ حقيبة يدها أرضا.
"سررتُ بلقائك آنسة إليزابث" همس جايد بصوت خَنقتْهُ مشاعرُ عمرها يزيد عن سبعة أشهر.

حمل حقيبتها وعلقها على ذراعها التي بقيتْ ممتدةً بعد أن قبَّل كفَّتَها. ضمَّتْ ذراعها إليها ببطء ورطبتْ شفتيها وحلقها.
"وأنا أيضاً" ردتْ بهمس مُتَحَشْرِج.

سار مبتعداً عنها ولم ينس أن ينظر لها مرة أخيرة قبل أن يختفي وراء باب الطبقة السفلية للمنزل.
......................................................................

السلام عليكم ورحمة اللَّه
سررت بقراءتكم أول منشور لي على الواتباد.
وقبل كل شيء أخبركم أن هذه رواية قصيرة لا أتوقع أن تتجاوز العشرين فصل.

والآن تسجيل الحضور: علقوا بوجه مبتسم هنا. :) ولا تنسو ذلك في الأجزاء القادمة.

هكذا لن تضطروا للتفكير في تعليق بعد قراءة الفصل. لكن أرجو أن تتابعو معي الباقي فهو متعلق بيوم النشر وعدد الفصول والذي هو شيء مهم في علاقتنا.

هنا تفضلوا وقموا بمنشن لمن تعرفون أنه سيحب هذه الرواية. أشدد على كلمة سيحب فأنا أكره فرض شيء على أحد.

لمن لم يجد شخصا ليقوم بدعوته فليقم بالتصويت للرواية(فوت) حتى يراها من يتابعه في لائحة التنبيهات لديه وينجذب إليها إن شاء الله.

هنا قوموا بذكر اليوم الذي تحبون قراءة فيه الفصل وبجانبه عدد الكلمات المناسبة لكم بالنسبة لجزء واحد. ولأهديكم مقياسا فهذه المقدمة بها حوالي 400 كلمة.

الجزء القادم سينشر بين 20و26 فبراير أي أني أمهلت الرواية مدة أسبوع ونصف حتى تجمع عدد الأصوات الممكنة لتحديد الموعد الأسبوعي.

أخيرا أنا لا أملك فكرة الرواية١٠٠٪. إنها مقتبسة من كتابHELP للمتألقة specular

وهم الهويةWhere stories live. Discover now