الفصل الخامس

11.1K 301 5
                                    

الفصل الخامس

اغلقت سالي باب سيارتها وتسلقت السلم المؤدي الى باب العمارة الكبيرة,,كان هذا هو المكان الذي يسكنه جاك هاموند ,,غير واثقة قشرت الزائرة حبة الفول السوداني واكلتها لتتشجع ,واخيرا ضغطت على الزر.
كانت تعرف هذا النوع من العمارات حيث انها سكنت ,,هذه المنطقة الراقية في دالاس في شبابها.

انها تحتفظ بذكرى حزينة لهذا المكان ,شعرت برعشة تسري في جسدها .
انفتح الباب وظهرت سيدة في الستينات من عمرها ,,مبتسمة وشعرها رمادي نظرت اليها وعلامات الاستفهام تعتلي وجهها.

_هل استطيع رؤية السيد هاموند؟
_سارى اذا كان موجودا ياانستي من انت؟
_الانسة باكستر.
ادخلتها السيدة الى الصالون,تفحصت سالي الحجرة ,,ولاحظت ان مظهر المكاان لايشبه الذي اثقل طفولتها.

كان الاثاث فخما الا ان ترتيبه يبعث بالمرح اللوحات ,,التي تزين الحوائط تحمل توقيع راسميها وهم محدثون لكنهم ذوو حرفة عالية .
_سالي ؟
كان خلفها دهشا او ربما قلقا.
قالت :
_لك منزل جميل.

_انا سعيد لانه اعجبك , لكن تعالي الى مكتبي ,سنكون على راحتنا لنتحدث,, هذه الحجرة لاتستعمل الا عندما التقي باشخاص ياتون من تكساس.
امسك بكوعها وقادها داخل الحجرة المجاورة ,كانت تلك الحجرة واسعة لكن اكثر الفة,, نافذة زجاجية كبيرة تطل على مساحة خضراء حيث بعض الاشجار العالية ,,,معلق على الحوائط سجاد ذو لون وردي دافيء والستائر المزدوجة من نفس اللون.

غاصت سالي في احد المقاعد وجلس جاك في مواجهتها.
كانا يجلسان على جانبي مدفاة حيث تحترق قطع ,,الحطب رغم دفء هذا الفصل ,كانت رائحة الحطب زكية.
نظر جاك الى زائرته بقلق منتظرا ان تبدا الحديث ,,لكن سالي احتفظت بالصمت وعيناها مثبتتان على السنة اللهب المتراقصة.

قال اخيرا:
_سالي انا سعيد لرؤيتك هنا, لكن ماسبب مجيئك ؟,,كنا قد تواعدنا على اللقاء هذا المساء في منزلك.
_هذا صحيح ,لكني اتخذت قراري ولم ارد ان اطيل الانتظار لاشركك فيه.

لو رفعت عينيها لرات التوتر الذي اعترى وجه جاك وعضلات فكيهوساله بصوت هادئ:
_هل اتخذت قرارك ؟ماهو ؟
_لقد فكرت في اسبابك ,لااريد ان اخاطر اقل مخاطرة بتوازن طفلي النفسي ,,بما انه لايستطيع ان يعطيني رايه الان.....

ضحكت لهذه لفكرة وتابعة قائلة:
_لقد فكرت في انه من الافضل ان يكون له اب, وان يحمل اسم هذا الاب.
لم ينبس جاك بكلمة ,تنهد بعمق كما لو كان قد حبس انفاسه منذ دقائق عديدة ,,واخيرا التفت الى سالي بوجه مشرق .

غمرتها موجة سعادة عندما تبينت انها استطاعت اثارة هذا الاحساس في رجل مثل جاك,, رجل ذي سلطة ,لابشيء سوى الكلمات ,,استطاعت ان تسعده وان تجني ثمار هذه السعادة اشراقا جميلا على وجهه.
قال بصوت منخفض ومهتز:
_سالي .هذا رائع انا سعيد لانك لم تنتظري دقيقة واحدة لتشركيني قرارك,,متى تريدين اتمام مراسم الزواج؟ يمكننا بدء الاجراءات القانونية في الغد,,نقوم بالفحوص الطبية بعد الظهر ونتزوج السبت القادم .

طوق يدي سالي بيديه واستطرد كما لو كان يحدث نفسه:
_هناك كنيسة جميلة في الحي الذي اسكنه ,,اتمنى ان تكون خاوية لنتم فيها مراسم زواجنا.
_لكن..... اسبوع واحد لاتمام زواج,, حتى لو كان زواجا شكليا مثل حالتنا ,ليس كافيا !

_بل هو كاف بالتاكيد ,ساقوم بكل شيء ,,اضمن لك ذلك, يجب ان نفكر في نقل امتعتك من الغد.
صاحت :
_ماذا ؟انت تحلم؟ انت تتسرع جدا ولماذا انقل امتعتي ؟ ولماذا الكنيسة ؟,,لقد اتفقنا على اتمام هذه الشكليات باختصار,,يعني اتمام الاجراءات دون استدعاء رجل دين يبارك زواجنا الى الابد!

سالها في دهشة:
_الا تؤمنين بالله ؟
_لم اقل ذلك, لماذا مباركة زواج لن يدوم اكثر من حوالي خمسة اشهر ؟,,ثم انك متزوج شرعيا ,اليس كذلك؟
_نعم ,لم تكن زوجتي كاثوليكية ,استطيع اذن ان اعقد زواجي بمباركة الكنيسة ,,اني حريص على ذلك لاني....... افكر في هذا الطفل المسكين عندما يعلم اننا قمنا بنصف الاشياء؟ ,,يالها من اهانة له ! بالاضافة الى ان مباركة رجل الدين ستعود بالخير على الطفل الذي مازال في بطنك.

سالته بصوت متردد:
_اه ..... هل تعتقد في ذلك فعلا ؟لكن ..,,. لكن لماذا علي ان اتي على الفور لاسكن في منزلك؟,, كنت اعتقد انك ستاتي الى منزلي اننا لن نعيش معا بشكل متصل.

_بالتاكيد ,بالتاكيد.....
قال بصوت هادئ :
_لكني اعتقد انك سترتاحين اكثر في منزلي ,,الطفل وانت في الاسابيع الاولى التي ستعقب الولادة ستحتاجين للمساعدة وستستطيع السيدة برات مديرة منزلي منذ الان مساعدتك.,,. ستعتادينها والعكس صحيح وستمر الامور لى خير بدون صدام,بعدالولادة,,ستستطعين الاعتماد بالكامل على مدام برات التي اعتادت الاعتناء بحديثي الولادة.

رغم كلامه المعسول الذي ارتاحت اليه سالي ,,لكن القلق تحرك داخلها, ان الامور تمر بسرعة.
وتتابع القرارات بسرعة مذهلة يجعلها تجد مشقة في اللحاق بها.
كيف يستطيع اقناعها بالمقترحات السديدة وبالقرارات المتهورة مثل زواج ابيض لكنه مبارك من الكنيسة ونقل معيشتها الى منزله بدون هدف واضح.. الا ان كل شيء كان سهلا ومشجعا لها على الاستماع.

اجابت:
_نعم حسنا جدا.
صمت جاك وحنى راسه وطبع قبلة خفيفة فوق انفها,,لم يستطع تجاهل حركة التراجع التي اثارتها هذه الحركة البسيطة ,,قال بصوت دافئ وودود ومقنع في ان واحد:
_يبدو لي انه من الطبيعي ان يقبل ابو الطفل ام نفس الطفل,ام ماذا تظنين ؟

_طبيعي ؟امم......انه ليس غير طبيعي في الحقيقية,لكني لست معتادة على هذا النوع من ..... ,,الاشياء المعتادة لاتنس ان هذا الزواج زواج افلاطوني.
لم يثر تعليقها اي دهشة لدى جاك.
_زواج افلاطوني لايعني علاقة جامدة,العديد من الناس ,,ليسوا الا اصدقاء ولابترددون في تبادل القبلات من وقت لاخر,,ليس هناك اي خروج عن الليلقة ليس هناك الا الصداقة.

لتلك الكلمات البسيطة شعرت سالي يرجفة متجنبة النظر الى زوج المستقبل ,,مرت سالي بلسانها فوق شفتيها بعصبية.
قالت :
_ساعتاد ذلك ,ان والدي لم يظهرا هذا الجانب على الاطلاق ,لم يتبادلا القبلات ابدا,,عندما كنت طفلة كنت اعتقد انه سلوك ليس ذا اهمية ,,لم يكن الا ......حديثا فهمت اهمية هذا السلوك.

رمقها بنظرة متسائلة ففسرت له:
_مع ليندا...صديقتي كنا نهتم بشكل باطفال معوقين في احد المستشفيات في الاسبوع الماضي ,,ارادت فتاة تقبيلي ,لم اكن اتوقع ذلك ادرت عنها وجهي تبينت فجاة انني قد جرحت الطفلة,انسابت على وجنتيها حبات دموع كبيرة,,لم اعد اعرف ماذا افعل,اردت ان اقبلها لكنها ازاحتني بثورة.

دهشت سالي لروايتها هذه القصة الصغيرة ثم اعترفت:
-كان لي اعترف بذلك,رد فعل احمق ,يجب ان اصلح من هذه النقيصة ,,سيكون رائعا ان يكون لي صديق ودود مثلك.
لم يظهر على وجهه سوى اتباسمة ماكرة في ركن شفتيه عندما استمع الى هذا التصريح بحركة رشيقة ,,نهض بحيوية وتوجه نحو النافذة يتامل المساحة الخضراء.
ثم بصوت شارد قال:
_وهو كذلك صديق ودود.
***
كان جاك ممددا فوق سريره ويداه متشابكتين خلف راسه,,وكانت سترة البيجامة مفتوحة عن صدر برونزي وعضلات بارزة ,لتعرضها لشمس تكساس.

اشعل سيجارة وحملق في السقف ,سال نفسه ماذا تفعل سالي في مثل هذاالوقت من الليل ؟,,لقد رفضت اقتراحه ان يمضيا السهرة معا وقالت ساضي ,,الليلة مع اصدقاء لي....... لقد وعدتهم منذ وقت طويل.
وعلى سبيل الحرص لم يصر.
مر اليومان التاليان بسرعة البرق ,انتهت الفحوص ,,الطبية وانتهت اجراءات الزواج بسبب علاقاته في الجهات الرسمية,, وبعد ذلك جاء دور نقل امتعة زوجة المستقبل.

ابتسم جاك عندما تذكر سعادة سالي عندما رات ,,حجرتها لكنه لاحظ دون ايجاد السبب ,الحزن يكسو ملامحها فجاة.
وعلى سبيل الحرص لم يطرح اي سؤال.
وفجاة قفز من سريره وامسك سماعة التلفون لم تكن ,,الاالحادية عشر مساء فلم يكن الوقت متاخرا جدا ليجري مخابرة تليفونية.

طلب رقم سالي وانتظر خمس رنات قبل ان ترفع ,,سالي السماعة وبعد ان اجابت سمع جاك اصواتا عالية,فاصيب جاك بالقلق.
صاح :
-ماذا يحدث؟
_جاك .؟

كان عليها ان تصيح حتى يستطيع ان يسمع صوتها من بين هذه الضوضاء.
سالها :
_ماذا تفعلين ؟
_ليندا وانا دعونا اصدقاء المستشفى لاودع حياة العزوبية وانضم الينا بعض الاصدقاء الاخرين..,,.لقد استلمتوا برقية...ماذا ؟,,لا اسمعك جيدا اصوات كثيرة حولي ,ماذا ؟

اختفى صوت سالي في دوامة من الصيحات والضحكات ,وضعت سماعة التليفون لاهية ,,تاركة جاك غاضبا ومنشغلا ,وبما انه رجل صاحب قرار ,,فقد رفض ان يفكر طويلا ولبس ملابسه.
وبعد عشر دقائق كان يقود سيارته المرسيدس.
انطلق في الشوارع الخاوية, وهو يسال نفسه عن شخصية زوجة المستقبل ,,انه يخاف عليها,انه يراها ضعيفة وحساسة ,,لكن على الرغم من ذلك يكمن في داخلها قوة غير متوقعة.

لقد صرحت له د.ماتياس انها تعاني تبعات حادثة تعرضت لها في طفولتها ,,لم تنمح اثارها,لكن ماهذه الحادثة بالضبط؟ لم يكن يعرف.
لقد كانت سالي جذابة الى حد بعيد ,سلوكها به شيء من السحر .

كيف لها ان تكون فتاة شابة في الثالثة والعشرين وليس لها دراية بشؤون العواطف؟ ,,حتى تلك الليلة الحميمة التي ادت الى زواجهما ,,اظهرت جهلا وعدم دراية بالعلاقة بالرجل.
ورغم عواطفها المتاججة في تلك اللحظة كان واضحا انها لم يسبق لها تجربة الحب.

خلاف د.ماتياس لااحد يستطيع الاقتراب منها دون ان يفهم شخصيتها ,,ارتسمت على شفتي جاك ابتسامة,كان يعرف ان الطبيبة على حق ,,فهو شاهد على ذلك ! ان سالي تشغل تفكيره على الدوام.
كسر اشارتين حمراوين وركن سيارته امام منزل سالي وهو يستقبل المصعد.
سال نفسه اذا كان مخطئا باقتحامه لمنزل خطيبته ام لا؟ ,,لكنه كان مستعدا لان يطرد اصدقاءها اذا استشف ادنى علامة تعب على زوجة ام المستقبل.

عندما فتحت له الباب ,اكتشف ان ليس هناك احد.
وقد شاع الفوضى غير معقولة,زجاجات فارغة في كل مكان رائحة سجائر ,,قصاصات ملونة منتشرة على قطع الاثاث وشرائط ,,وصناديق من الكارتون مفتوحة مبعثرة على الموكيت.
_اين مدعووك؟

ضحكت وانحنت لتجمع الشرائط.
_ادعيت انه قد اصابني الصداع,,ولقد ذهبوا جميعا ليكملوا السهرة في شقة ليندا صديقتي.
انحنت من جديد وامسكت بصندق مغلق بشريط من ,,الستان الوردي اخذ جاك الصندوق من يدها بشكل تلقائي وفتحه .
امسك بين اصابعه ثوب نوم فضفاضا مزينا بالدانتيل.

نظر اليها ضاحكا,توردت وجنتا سالي خجلا ونزعته ,,من بين يديه وضمته الى صدرها.
_لاصدقائي افكار غريبة عن مظهر المراة ليلة زفافها.
ردد ببطء:
_غريب.....هذه ليس الكلمة التي ساستخدمها.
ابتعدت تاركة الشرائط الوردية ,تبعها الى غرفة النوم .

_جئت بساطة لاعرف اذا كنت تحتاجين لاي مساعدة .
_اوه ,كلا ......شكرا , كل شيء على مايرام غدا صباحا ,سانتهي من حزم باقي امتعتي وسانتقل الى منزلك,,لن ارتب هذه الفوضى الليلة,ستقوم بهذا العمل سيدة مسؤولة عن النظافة,,سالتها ان تاتي مرتين في الشهر لتقوم بتنظيف المنزل في غيابي .

لم يتوقف جاك عند هذه العبارة ,انها مازالت معتقدة ,,ان غابها عن منزلها سيكون مؤقتا وهذا يضايقه لكن لايجب العجلة في سبق الاحداث .
عاد الى حجرة المعيشة وجلس على الاريكة عادت ,,سالي ونظفت الارض قليلا وبرشاقة اعجب بها في صمت كانت تروح وتجيء بدون صوت,مبتسمة ومبتعدة عنه.
امسك البوم صور موضوعا على رف .
تصفحه دون اكتراث ثم لفت انتباهه الاشخاص الذين ,,يمرون تحت عينيه رجل وامراة تتكرر صورهما.

انيقان يبدو انهما متحابان التقطت لهما صور في ,,ميدان سان مارك في فنيسيا امام نافورة تريفيس في روما.
ثم على ظهر يخت ابيض يشق مياه البحر الزرقاء ثم على ربوة ثلجية في الالب ,كانت هناك صفحات وصفحات فجاة ظهرت بجانب الوالدين .

فتاة صغيرة شكلها مالوف بهيئتها الجادة وشعرها ,,المتموج البني انها سالي وبعد ثلاث صفحات ظهرت من جديد بجانب ولد صغير يشبهها بينما يبدو مظهره اكثر حيوية .
رفع جاك عينيه نحو سالي التي عدت الى الحجرة.
_هل لديك صور اخرى؟

_لا ليس لدي صور اخرى.
_لاارك وانت في الجامعة او في اجازة على شاطيء البحر ,,هذا النوع من الصور الذي احب ان اراه.
-لايوجد.
_لكن كيف استطيع اذن ان اعرف ماذا سيكون شكل طفلنا ؟
_اذا كان محظوظا فلن يشبهني ,كنت فتاة صغيرة غير جميلة.
_ليس في هذا الاليوم على اية حال.

_ليس لدي صور اخرى لي,لم يحرص والداي على التقاط الصور لي في كل المناسبات.
لم يمر على زائرها جفاف اجابتها,قلب جاك الصفحات من جديد مفكرا.....,,..اخر صورة ل سالي كانت وهي في العاشرة تقريبا بجانب رجل جذاب للغاية,,رجل في الثلاثين في الزي العسكري,صدره مرصع بالنياشين يبتسم للمصور.

_من هذا الرجل؟
اجابت بعد لحظة صمت:
_العم بول.
_اخو والدك ام اخو والدتك؟
استدارت وابتعدت كما لو كانت تريد الهروب من الاسئلة .

_لاهذا ولاذاك انه صديق العائلة,معذرة ساعود.
اختفت ,شيء في سلوكها ايقظ فضول جاك ,,اثناء تفحصه الالبوم صورة تلو الاخرى اكتشف صورا عديدة لهذا العم المزيف بول على شاطئ البحر,,في ملابس التزحلق ,مستعدا دائما للتصوير,,شعر جاك بغموض في وجود هذا الرجل الغريب ,ولكنه لم يتوصل الى السبب.

فجاة اثقله الصمت الذي خيم على المكان اين ذهبت سالي؟
نهض وناداها ,لم يتلق اجابة,فتح باب المطبخ ,,لايوجد احد ,طرق باب الغرفة اجابه الصمت دخل وراى مصباحا مضيئا بالقرب من سرير ضيق ذي ملاءات وردية.
_سالي ؟اين انت؟

لااحد ايضا في الحمام ,احتار جاك وتحقق ان سالي ,,لايمكنها ان تخرج من الشقة دون ان يلاحظ ذلك.
انها اذن مختبئة في مكان مافي الداخل ,سمع صوتا خلف باب صوان فتحه.
كان هناك ممر يفصل بين صفي الملابس المعلقة في الصوان ,,كانت مكومة فوق ملاءات ووسط كومة احذية وحقائب .

كانت سالي محيطة ركبتيها بذراعيها,رفعت عينيها في فزع ونظرت الى جاك ثم اغلقت جفنيها .
دخل واغلق باب الصوان خلفه ,جلس الى جوار ,,سالي وترك عينيه تتعودان على الظلام,اخيرا وضع يده فوق يدها .
_الا تريدين ان نتحدث عن العم بول؟

_نعم لااريد؟
_ماذا تفعلين هنا؟
كان صوته ودودا ولاتشوبه شائبة تسلط,,او تذمر بدات سالي تهدا ونجحت في ان تطلق ضحكة صغيرة .
-هذه عادة قديمة ,عندما اشعر بالاضطراب ,,هذه محاولة مني حتى استعيد الامان الذي يشعر به طفل في بطن امه,لكني لااعتقد في ذلك.
_لماذا اذن ؟
_لم يكن هناك اية علاقة مودة بيني وبين امي.
تفوهت سالي بهذه الكلمات ثم ضحكت وشاركها جاك الضحك واحاطها بذراعه في تنهد ينم عن الرضا .
راحت تتكئ على صدره القوي وراح يربت شعرها بحركة حانية .
همست :
_معك حق جميل ان يكون للمرء صديق ودود.

_اتمنى ان تظلي تفكرين في ذلك,وتعرفين ان الاصدقاء يتحدثون بصراحة ,,ويتقاسمون المشاعر والافكار ,ويتصارحون بالاسرار.
_هذا ليس راي ليندا,نحن لانتبادل الاسر .
_لكن هل هي صديقة ودود وحساسة؟

_لا,على الاطلاق .
صمتت ,وفكرت برهة ثم اعترفت بصوت مهتز مجرد من اي تعبير:
_كان العم بول افضل صديق لوالدي بعد موت تومي,كان يلتي الى منزلنا كل يوم.
_من تومي؟

_اخي الصغير ,لابد انك رايته في الالبوم,,كان والداي يعشقانه وانا ايضا,كان مليئا بالحيوية وبالمرح ,لقد مات اثر تحطم الجمجمة عندما سقط من فوق الارجوحة,,,لم يذهب الحزن ابدا عن والدي,لقد انحسب بشكل ما من الحياة,واختفى حبهما الزهيد لي تماما دون ان افهم لماذا ,,ربما قد خشيا ان يبثا حبهما الذي كان لاخي في ,فالقى نفس المصير ويعاودان ساعات الحزن الرهيبة,,فضلا تجنب هذا الخطر ,الشخص الوحيد الذي تقبلاه في عزلتهما كان العم بول ,,لقد اثبت براعة في حرب دارة في كوريا وبشكل ما يبدو قويا.

صمتت بعد هذه الاعترافات واحترم صمتها .
ثم سال:
_هل كنت تغارين منه ؟هل كنت تعتقدين انه قد سرق منك حب والديك؟
_ربما ...... لست لدي.
من الصور يبدو ان هذا العم بول مفعم بالحيوية والحرارة والمرح لابد انه قد في بنت صغيرة وحيدة ,,ومنغلقة مثل سالي الى حد الاعجاب ,لقد حولت عليه كل مشاعر الحب التي رفضها والداها.

_لابد انك كنت تحبين ان يقضي معكم كل الوقت,اليس كذلك؟
-بلى.
احتوى صوتها على نبرة غضب او بالاحرى كراهية.
_كان يحبني ولايخفي حبه ! انكرني والداي ففضلت عليهما العم بول مائة مرة.
_هل مات العم بول؟

قالت وهي تضحك في مرارة:
_نعم لقد مات لكنه قتل اولا صورته التي رسمتها له في ذهني .
ارتعشت في عصبية,تعلقت بذراعيها في رقبة جاك.
وظلا متقاربين لحظة,هو يحاول ان يهدئها وهي تحاول ان تنعم بدفء معانقة جاك,,ربت شعرها باحثا عن تفسير لعبارتها الاخيرة.

يبدو الموضوع مؤلما انه يعرف ذلك وحاول تعزية ,,الفتاة الشابة الرقيقة والقوية التي استسلنت بين ذراعيه.
عندما شعر انها استعادت سيطرتها على نفسها سالها:
_هل لديك قهوة؟
دهشت لسؤاله وهي في ملاذ حضنه الدافئ ,ثم قهقهت في حيوية .
سعد جاك لذلك ارادت قبل ان تنهض ان تمنحه قبلة عرفان,,عندما شعر بملامسة شفتيها لوجهه ضمها من جديد,لو شعر باي مقاومة لتوقف الا ان ,,سالي لم تظهر اي مقاومة ونعما بقبلة طويلة دافئة ,لم يرد جاك ان يتمادى حتى لايثير الخوف الدفين في نفسها.

نسيت سالي كل شيء مخاوفها وعقدها ,,متاثرة بلمسات جاك الحانية التي جعلتها تزدهر مثل الزهرة التي تتفتح مستقبلة اشعة الشمس .
ايقظها من نشوتها صوته الاجش :
_ماذا عن القهوة؟
نهضت سالي وقالت:
_انا سيدة منزل ردئية جدا,لكن صدقني لست معتادة استقبال صيوفي في صوان الملابس.

تبعها حتى المطبخ ,انبهر جاك بتفجر الفرحة التي ,,شعر بها عندما ايقظ في سالي نشوة الحب.
الان اصبح متاكدا, انه يحب هذه الفتاة الرقيقة المعقدة,,انه يحبها ليس فقط لانها ام طفله وليس لانها جذابة وبحاجة الى المساعدة,,لكن لشخصها ايضا,بتناقضاتها وسحرها وانتظارها اليائس للسعادة.

نهاية الفصل الخامس

 البلهاء الذكية_ عبير دار ميوزيك Where stories live. Discover now