الفصل الثالث

11.5K 309 5
                                    

الفصل الثالث

لبس جاك سترته وجلس في المقعد الذي اشار اليه ميل لاندرس كان ميل صديقا قديما,  ,بالاضافة الى انه طبيب غدد صماء من الدرجة الاولى,  ,انه الافضل في دالاس باسرها.    
قال جاك:    
_اذن ,انت تؤكد انه على الرغم من الامر ليس مستحيلا فهو ليس واضحا .    
    
استقبل الطبيب تفسي تشخيصه بابتسامة:    
_انا لم اقل شيئا من ذلك,  , ماذا تريد ان تعرف بالضبط؟    
_اريد الحقيقة, لاشيء سوى الحقيقة هل هذا واضح؟    
قال لاندرس وهو يخلع نظارته:    
_حسنا جدا ساخبرك بها انت معاف تماما,  ,لكنك تعاني مرضا يدعى اوليجوسبارمي اي نسبة الحيوانات المنوية لديك ضعيفة في الحقيقة انا لم اجزم ابدا بانك لن تستطيع الانجاب ,  , لكن فقط فرصتك في الانجاب محدودة عن اي رجل عادي,في نفس الوقت,  ,لايمكنك قبول ادعاء فتاة قابلتها في الشارع وتقول انها حامل منك.    
    
_اولا اسمح لي ان اخبرك بانها ليست اي فتاة ,  ,لقد مارست الحب معها وهذا مؤكد, اذا كان هناك ادنى احتمال في ان اكون الاب ,فلا اريد ان اتركها تمضي,  ,, اني اقرا افكارك,ان هذه الفتاة تبتزني ,هذا خطا اعترف بانني فكرت في ذلك انا ايضا, لكني كنت مخطئا ,  ,اذا قابلتها ستتاكد من انها ليست من ذلك النوع الذي يستفيد من الموقف الذي هي فيه.    

عندما تذكر فتات الفول السوداني المتناثر على ,  ,الموكيت مكتبه ,انفلتت ضحكة من بين شفتيه.    
_ليس بها اي شبهة تصنع ميل ,انها صغيرة جدا وبها عفوية مدهشة ,  ,انها انسانة امينة تماما.    
ضايقته نظرات ميل رفع جاك كتفيه ولم يحاول ان يدافع عن الانسة المدهشة.    
    
_هل قررت اذن ان تعترف بالطفل ؟,  ,على الرغم من ان هذه الفتاة لا تتذكرك,كن عاقلا,  ,استشر طبيبتها اذا كانت الانسة باكستر تقول الحقيقة ,يمكنها ان تطمئنك دون ان تفشي سر المهنة,  , في النهاية استعلم عن توازنها النفسي.    
_هل تعتقد ذلك ؟ 
_بالتاكيد,باعتراف تلك الفتاة,  ,انها كانت تحت العلاج فمن المحتمل ان تكون قد قصت عليك حكايات وهمية,  ,من المحتمل ايضا انها قد عرفت رجال في الايام التي اعقبت لقاءكما ......لاطائل من ان نتخذ هذا المظهر المهموم,  ,يجب ان تواجه هذا الاحتمال من طبيبتها؟ هل تعرفها.؟    

 
_تعالجها د ماتياس.    
_انها طبيبة ممتازة يمكنك ان توليها كامل ثقتك ,وجاك ........    
_نعم ؟
_بما انك قررت ان تعتقد بان الطفل ابنك ,  ,هذا سيفيدك بدون شك مد , د .لاندرس يده بصحيفة طبية لصديقه.    
    
_ستجد بداخلها مقالا عن العقم عند الرجال ,  ,انه يلقي الضوء على اشياء جديدة مثالا على ذلك,  ,, درجة الاثارة او الرغبة التي يشعر بها الزوج تجاه الطرف الاخر,  ,هذه الرغبة تزيد من احتمالات الخصوبة عند الرجل المصاب بشكل طفيف بقلة الحيونات المنوية كما هو في حالتك.    
_هذه الظاهرة تنطبق اذن على حالتي.    
    
_تماما والجدير بالتامل انك لم ترزق باطفال من ,  ,زوجتك السابقة وهانت قادر على الانجاب بشكل طبيعي من امراة اخرى.    
اشرقت قسمات وجهه العابس بابتسامة عريضة لقد تذكر تلك الليلة العذبة التي تقاسمها مع سالي,  , انه لم يشعر قط كما شعر بمثل هذه السعادة الغامرة ,  ,التي وصلت به الى حد الثمالة مع تلك الفتاة الرشيقة الحانية,المفعمة بالشوق والعاطفة.    

اذعن مبتسما:    
-اذا كانت درجة الرغبة تزيد الخصوبة فانا متاكد من كوني والد الطفل.    
***
كانت قاعة انتظار د. ماتياس مليئة بالكتب ومزينة بالنباتات الخضراء ,  ,كانت تطل على حديقة مزروعة بالاشجار,  ,كان جاك في انتظار دوره.    
    
عندما اوضح لموظفة الاستقبال انه اتى للاستشارة ,  ,بشان الانسة باكستر اعلمته الطبيبة ستستقبله دون ان ينتظر اكثر من بضع دقائق.    
اقلقت شكوك ميل جاك بشان نزاهة سالي . 
هل كان عليه ان يتشكك في انطباعه الشخصي بانه ,  ,لايوجد في العالم من هو في مثل صراحة ونزاهة هذه الشابة الطيبة التي تقضم الفول السوداني ؟
لكنه يرفض ان يولي كامل ثقته لغريبة مهما كان اغراؤها.    
    
_ستستقبلك د .ماتياس.    
نهض ودخل المكتب اخذت د. ماتياس تفحصه خلف ,  ,نظارتها المربعة السميكة ومدت يدها اليه:    
_سيد هاموند سعيدة لمعرفتك ,  ,لقد عرفت من مريضتي عنك لكني لم اتوقع ان اقابلك في مكتبي ,  ,في البداية اؤكد لك ان سالي مصممة تماما على ان تحتفظ بالجنين . 

سالها كما لو ان نحلة لسعته:    
_كيف ذلك ؟,  ,هل تعرضت لتدخل في الحمل؟    
_نصحتها بدراسة هذا الاحتمال؟    
_لماذا ؟ هل يشكل الحمل خطرا على صحة سالي ؟    
رفعت الطبيبة نظارتها وحكت طرف انفها.    
    
_ليس هناك اي خطر على صحتها ,لكن من المؤكد ,  ,انه سيكون للحمل تاثير على توازنها النفسي ,لعتقد انه لن يؤثر الا تاثيرا حسنا .    
_اريد ان افهم ...... لااستطيع ادارك شخصية سالي يجب ان اعترف باني لااكاد اعرفها ,  ,ولااستطيع ان اثق تماما بحدسي ,هل تستطعين ان توافيني ببعض المعومات عنها ؟    

 
_ترغب ان تعرف اذا كان الطفل حقا ابنك؟    
_نعم اريد ان اعرف . 
_هل قابلت سالي احدا غيرك خلال هذه الليلة؟ 
تذكر جاك ماان لمح الفتاة الغريبة ,  ,ذات الشعر البني المتوج والنظرات البريئة وقوامها النحيل تحت ,  ,ثوبها الحريري الفضفاض ,حتى شعر بانجذاب غريب نحوها.    
    
كانت تتحدث مع موظف صغير تتظاهر باهتمامها به,  ,كما لو كان مدفوعا بقوة خفية .    
شق طريقه بين الراقصين واقترب منها كانت تضع ,  ,في شعرها شريطا ابيض بنساب مع لون بشرتها الوردي ولمعة عينيها .    
    
عندما دعاها للرقص ,رجعت الى الوراء ....,  ,..لم يفهم ...مع ان حركتها كانت واضحة ,ثم بعد تردد ,  ,قبلت ذراعه واخذا يرقصان في صمت على الرغم من الضخب وصوت الموسيقى ,  ,كان ممسكا بهذا القوام الرشيق النحيل بين يديه ,شعر بتوافق غريب بين جسديهما ,لم يتركا بعضهما البعض,  , انهما يتفاهمان بدون كلمات واختفيا في ظلام الليل.    
قال :
_لا كانت قادمة لتوها كما قالت لي ولم نفترق بعدها,  ,رحلت عن منزلي في الرابعة صباحا ,  ,وتواجدت في منزلها في الرابعة والنصف ,  ,في هذه الليلة لم تقترب من اي رجل اخرغير ي.    

ضغط على شته السفلى ,ثم طرح السؤال الذي لم ,  ,يكف عن التردد على اذنيه منذ لقائه بميل.    
_لكن قبلي ؟ قبل هذه الليلة ؟,  , هل كان هناك رجل اخر في الليلة السابقة او التي تسبقها .    
    
_لا ! يمكنني ان اؤكد لك ذلك,قبل هذه الليلة كانت سالي عذراء .    
صدمته الكلمات كانها كرة قد سدت الى قلبه.    
_عذراء ؟مستحيل . 
فهي على الرغم من نظرتها الساذجة ,  ,سوء تصرفها واضطرابها الا ان حقيقتها الجسدية تؤكد عكس ذلك.    

قالت د.ماتياس في تردد:    
_مايجب ان تعلمه ان سالي تتردد علي منذ سنوات طوال ,  ,وانا اعرف كل شيء عنها ,ان شخصيتها تحوي ظلالا وانفعالات غير متوقعة ,  ,وبما اني طبيبة امراض نسائية ,يمكنني ان اؤكد لك انها نفسيا عذراء حتى لو كانت حالتها الجسدية تنفي ذلك,  ,,عندما كانت في الحادية عشر ,تعرضت لحادث ,انها ليست حالة استثنائية ,  ,ان سالي لم تقم اي علاقة مع اي رجل حتى قابلتك.    
    
تامل جاك في هدوء هذا الاعتراف المدهش اخذ تفكيره اتجاها اخر,  ,فقد شغله جزء ما فيما قالته الطبيبة.    
_لقد قلت ان بامكان هذا الحمل ان يحوي تاثيرا على توازنها النفسي ,  ,لقد قالت لي سالي انها تتردد ,  ,على طبيبة نفسية فما مشكلتها؟ هل يمكنني معرفتها؟    
    
_سالي اكثر توازنا من كثيرين يتسكعون في حرية في انحاء دالاس ,  ,لكن لديها طريقة شخصية جدا وغير منتشرة في فهم الحياة,  ,ومشكلات الوجود وحتى علاقتها بالرجال,انها انفعالية وغي ناضجة في كثير من الاوقات,  ,لكنها تراجه حملها باستقلالية كاملة ,دون اي تحفظ.    
اطلق زفرة اتياح .    
_هل ستستطيع تربية الطفل دون مشكلات؟    
_بالتاكيد ,اسفة على عدم استطاعتي البوح لك بما هو اكثر من ذلك عن هذه الفتاة الساحرة,  ,ومع ذلك استطيع ان اؤكد لك انها ستكون اما ممتازة ,  ,,اذا لم تواجه صعوبات في تخطي بعض الانفعالات فلن يكون هناك اي مشكلة ,  ,لكن من منا لايواجه هذا النوع من الصعوبات .    
    
خرج جاك من العيادة وهو يجتر هذا السؤال ,كان يفكر في صراعاته الداخلية,  ,في العبء الشاق الذي يجره منذ مراهقته وعدم التوافق الذي تفاقم بينه وبين زوجته الم يكن نتيجة لذلك؟,  ,وهذا الطلاق الذي فرق بينهما.......    
كانت الطبيبة على حق ,  ,قليل من البشر يستطيعون التحكم في انفعالاتهم ,ومع هذا وفقا د. ماتياس ,  ,كان ل سالي طريقة خاصة في معالجة المشكلات التي لاتخص احدا غيرها .    
    
ان الطبيبة تقدر مريضتها ولاتتحدث عنها الا بالاعجاب وبالاحترام ,  ,واخيرا توصل الى النتيجة انه سيصبح ابا.    
تلاشت الحيرة والشكوك والمخاوف لتترك مكانها ,  ,لاحساس ينمو يشبه الدهشة وبنفس القدر يشبه الفرحة.    
***
واربت سالي باب شقتها ورات جاك ابتسمت ورفعت السلسلة وفتحت.    
منذ لقئهما في تلك الليلة والقلق لم يفارقها ,لم تهدئها استشارة جانين ,  ,ازداد شعورها بالاسف لذهابها الى جاك والتصريح بابوته.    

سالها في قلق:    
_كيف تشعرين؟    
_بخير تفضل بالجلوس ياسيد هاموند؟ 
,  ,نظر اليها بطريقة تنم عن الفضول ولمعة تتراقص في عينيه الزرقاوين .    
_الاتعتقدين ان بامكانك ندائي جاك ؟    
,  ,عندما راى ترددها عدل عن الالحاح سالها:    
_هل شعرت بتوعك هذا الصباح؟    
    
_كلا ياجاك.    
شعرت بالغيظ عندما تبينت انها تجلس امامه ,  ,كالبلهاء غير قادرة على التحدث ببراعة او على استقبالع باقل قدر من الطبيعية يالها من امراة ,  ,تافهة التي تسكنني !يالها من حمقاء!    
,  ,قال منفجرا بدون سبب واضح:    
_سالي يجب ان نتحدث انا وانت.    

_نعم.....
جلست على الطاولة المنخفضة امامه تماما وكان جالسا في مقعد يبدو صغيرا جدا,  ,كانت على شفتيه ابتسامة رائعة زادت من سحره.    
_فكرت كثيرا في حديثنا في البداية ,  ,اود ان ارتب معك بعض الشكليات المالية لكي ......    
    
_ماذا تقصد ان تعطني نقودا؟,  , لكني لااحتاجها اني امتلك عائدا يفوق احتياجاتي,لم ات اليك بهدف ابتزاز بضعة دولارات ,  ,رايت بساطة ان من حقك ان تعرف ان طفلا من صبلك سيولد.
_اعرف ,اعرف ,لكن ليس هناك اي خجل من قبول ,  ,مبلغ شهري هذا الفعل طبيعي تماما من ناحيتي ,  ,ولن يكون على نفس القدر من القيمة بالمقارنة لما ..فعلت لي....    
نظرت اليه دون ان تفهم.    
_مافعلته لك؟    
    
نهض من مقعده واقترب منها وامسك يدها بين يديه:    
_سالي سافضي لك باعتراف ,  ,هذا الطفل ربما يكون الوحيد الذي ساستطيع ان انجبه. 
جحظت عيناها ,احتكاك راحتي يديه بيديها اصابها ,  ,بقشعريرة ازدردت لعابها محاولة ان تسترخي ونجحت في ان تنطق ببطء كلمات .    

_ستتزوج مرة اخرى بالتاكيد,اليس كذلك؟    
_احتمال ,لكن ليست هذه هي المشكلة ,  ,عدة اسباب تجعلني افكر في ان هذا الطفل يمثل فرصتي الوحيدة في ان اكون ابا يوما ما .    
_اه ! فهمت.    

لكنها لاتفهم شيئا على الاطلاق ,فكرة واحدة ترهقها.    
انه قريب منها ,قريب جدا ,  ,حضوره الجسدي يغمرها باحساس قوي يصيبها بالشلل.    
استطرد: 
_ايضا لااريد ان افقد اي شيء يخص هذا المخلوق الصغير.    
    
اقترب منها اكثر,يداه تحبسان اصابعها المرتعشة حتى اصبح لايفرق وجهيهما الا بضعة سنتيمرات .    
غاصت نظرته في عينيها البنيتين الخائفتين .    
_بما في ذلك الوقت الذي يمضيه بداخلك.    

كما لو ان عظامها تحولت ترابا,تبينت سالي ان جاك لاينوي السيطرة ,  ,ان رغبته في رعايتها تؤدي الى قربه منها.    
لاانها لاتستطيع تحمل مثل هذا الضغط.    
مع ذلك كان من الطبيعي ان تنمو لديه الرغبة في رعاية طفله ورعايتها اذن.    
    
قالت مؤكدة :    
_افهم جيدا ,رد فعلك طبيعي ...... يمكنك المجيء الى منزلي وقت ما تشاء.    
لكن لم يجب جاك , استمر في النظر اليها عن قريب,  ,ثم ضغط على يدها الرقيقة الحبيسة بين يديه مبتسما وقال:    
_ليس هذا تماما مااتمناه ,ماارغبه هو الزواج بك.     

نهاية الفصل الثالث

 البلهاء الذكية_ عبير دار ميوزيك Where stories live. Discover now