الرسالة الأولى

4.8K 385 70
                                    


لا شيء يسمع سوى صوت كعب ماريآن في هدوء هذه العمارة
رغم كونها تسكن فيها منذ عامين إلا إنها لا تعرف سكانها حق المعرفة ما يجمعها بهم سوى بعض التحيات كصباح الخير او مساء الخير

الجامعة و البعد عن الأسرة و ضغط العمل أحيانا كلهم يتجمعون في رأس ماريآن  فلا ملجأ لها سوى ذرف الدموع لتنقص الحمل عن قلبها قليلا

قبل عامين إنتقلت إلى هنا لتكمل دراستها فقد تميزت بين اخوتها بإرادتها الصلبة و عزيمتها القوية
وحبها للعلم
كل هذا جعلها تسكن في هذه العمارة الهادئة

ماريآن لم تكن فضولية لتعرف عن جيرانها فكل ماتعرفه هو تلك الأسرة الصغيرة التي تسكن في الأعلى و العجوز اللطيفة المبتسمة دائما رغم أن أولادها لا يزورونها كثيرا و شخص يسكن فوقها لم تره أبدا فلا تسمع منه سوى بعض الأصوات كاصوات شيء يتحرك أو بكاء طوال الليل

دخلت منزلها بسرعة هربا من المطر الذي كان ينزل بغزارة منذ الصباح
نزعت معطفها ووضعته بالقرب من المدفاة ليجف بسرعة ثم دخلت غرفتها لترمي بنفسها فوق السرير بتعب
ماريآن معروفة بحبها للنظام و الترتيب لذلك نهضت بكل تعب وبدلت ملابسها لملابس مريحة وصنعت لنفسها بعض الشاي الساخن فهي من عشاقه ووضعته في كوب ثم اتجهت به نحو الشرفة

بقت واقفة هناك حوالي ساعة تراقب قطرات المطر كيف تسقط من السماء لتنزل للأرض ثم تختفي
فكرت في نفسها وكيف تغيرت حياتها منذ انتقالها
سعيدة كانت ماريآن فمنذ سنوات وهي تحلم بهذه الحياة وهاقد تحقق حلمها ولم يبقى سوى القليل لينتهي مشوارها الصعب و تصبح طبيبة تعالج أمراض الناس و تساعد في رسم ابتسامة على وجوههم وخصوصا الأطفال فصرخات اوجاعهم تجعلها تبكي طوال الليل عليهم

لم تشعر ماريآن لإ و بورقة تسقط عليها من الأعلى رفعت نظرها فلم ترى شيئا فكرت لربما اولاد تلك الأسرة الصغيرة قام برميها بدف اللعب معها فانحنت تلتقطها

كانت ورقة حمراء اللون مطوية بعناية مع بعض الرسومات عليها فتحتها ماريان لتجد

" أغلقي عينيك و دعي كل قطرة مطر تصل لقلبك الذي لم أصله انا
افتحي يديك و دعي كل قطرة مطر تمس يديك التي لم امسها أنا و مادام المطر يسقط أنا هنا.....h "

" من هناك ؟ " صرخت ماريآن موجهة رأسها للأعلى
لكن لا أحد يرد فعادت تمسكت بالورقة و هي تعيد قراءتها
دخلت غرفتها ووضعتها في الدرج و اتجهت إلى السرير لتنام لكن شيئا كان يتكلم داخلها و يأمرها أن تلبي نداء المطر أو نداء الرسالة   لذا نهضت بهدوء و اتجهت  إلى الشرفة

وقفت تتأمل المكان بعمق فتقدمت للأمام و  اغمضت عينايها
مدت يدها الامام بحيث تصل كل قطرة إلى وجهها و يدها..... وإلى قلبها

-----

ينظر لها من النافذة وهي تفعل ما طلبه منها كان سعيدا جدا فلطالما أراد محادثتها و حتى إلقاء التحية عليها لكنه لا يستطيع...
دائما ينظر لها وهي تخرج من العمارة و تركض ذاهبة إلى الجامعة  فتعود في المساء ولا زال هو أمام النافذة ينتظرها حقا لقد أحب وجودها

حرك كرسيه المتحرك من النافذة عندما لاحظ أنها دخلت كان هاري سعيدا لأنه اوصل لها كلامه ولو حتى من بعيد
لكن بمجرد أن رأى نفسه وهو جالس على ذلك الكرسي نعم فهو لا يستطيع المشي منذ حوالي ثلاث  سنوات بسبب حادث سيارة بالإضافة إلى ذلك.......

فتى الشرفة ( مسابقة سبارتينا )Where stories live. Discover now