شعيرة التطبير والاستهزاء بالمذهب

147 6 2
                                    

(٥-١) شعيرة التطبير و الاستهزاء بالمذهب!
.
المحاورون : يجب القبول بأن الأوربيين يسيئون فهمنا من التطبير، لأن الفضائيات قادرة على قلب الحقائق ونحن لانستطيع البيان ورفع الإلتباس عندهم.
.
الشيخ المهتدي : موضوع الإستهزاء والوهن للمذهب من أضعف المبررات ضد التطبير، فأنا بنفسي قد عشت في الدنمارك وتجولت في أربع دول أوربية مدة خمس سنوات، ومن طبيعتي حب الاستطلاع، فقد عرفت أن الأوربيين ماعدا المغرضين والعنصريين منهم وهم قلة يحترمون ثقافات الشعوب، فهم حينما يرون سلوكاً مثيراً للإنتباه.

يبدؤون أولاً بالسؤال عن أسبابه والحكمة من ورائه وسرعان مايستوعبونه ويثنون عليه إذا ماحصلوا على الجواب المقنع، فليس ماترونه في الأفلام العلمية والوثائقية حول رحلاتهم الإستطلاعية التي يقومون بها إلى أدغال إفريقيا وغاباتها الوعرة مثلاً إلا واحدة من هذه الروح العقلانية لديهم، إن عقلاءهم يقرؤون عن الشعوب جيداً ولايستهزؤون.


وإنما يستهزأ شراذم من شعوبنا الذين لايقرؤون وإذا قرؤوا عاشوا بنفسية إنهزامية أمام غيرهم وهم يحسبون أنفسهم أصحاب ثقافة عصرية وأفكار متنورة.
.
.
قبل ساعات من هذا اليوم زارني أحد الشباب الناشطين في الدول الأسكندنافية..


شاب جامعي متدين أكثر من أدعياء التدين في بلداننا، إهتدى على يديه جمع من الشباب والشابات في تلك البلدان بدلاً من سقوطه في الفساد وهو في بلد الإباحية الجنسية.


ولما كنت في الدنمارك..
كان هذا الشاب شبلاً صغيراً يحضر مع والده الكريم محاضراتي في الحسينية.

يقول أن دنماركية مسلمة من صديقات أخته المقيمة مع زوجها في الدنمارك سافرت إلى جنوب لبنان..
ففوجئت لأول مرة بموكب التطبير فالتقطت صوراً للمطبرين بدمائهم وسيوفهم وهي لاتعرف أهداف هذه الظاهرة العجيبة.

إحتفظت بالصور لتأتي وتسأل أخته عنها دون أن تسرع في إدانة هذه الممارسة العزائية وتستهزأ..


ومن حكمتها أيضاً أنها ذهبت لصديقتها الشيعية الوحيدة تستفسر عن هذه الظاهرة دون أن تذهب إلى صديقاتها السنيات..
.
وهذا هو النضج الذي غاب عن كثيرين من مثقفي بلداننا حيث لم يعرفوا حقيقة شيء فيسارعوا إلى الإدانة والسب والإستهزاء وباعتماد كلام البعداء.


يقول الأخ : لما شرحت أخته لها بعض ماتعرفه من فلسفة التطبير وإذا بهذه الدنماركية تنبهر لهذه الروح القوية التي يمتلكها عشاق الإمام الحسين عليه السلام حتى مالت إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام.


وأضافت الفتاة الدنماركية تقول :
إني أصبحت الآن مستوعبة جداً لهذه التقاليد التي تمارسونها.
.
ويضيف هذا الشاب قائلاً إنه بحكم إقامته في الدنمارك منذ صغره..

يلتقي مع شتى الفئات المثقفة فلم يجد فيهم إستهزاء
للأمور التي نمارسها في العزاء الحسيني بل يندمجون معها ويتأثر بعضهم إلى حد البكاء والحزن. وللتأكيد أراني الأخ صور دنماركيين يعزون في الحسينية ب( كوبنهاجن) وصور من يتفرج منهم على مراسم التطبير في تلك الحسينية..
.


أجل..

إن أكثر الأوربيين لايستهزؤون بأي شيء يرونه من تقاليد الشعوب الأخرى..


وهذه طبيعتهم الناتجة عن ثقافتهم التعددية ومفهوم الحرية
لديهم وحبهم في البحث والإستطلاع وفطرتهم السليمة الإنسانية.


وهذا ماجعلهم يتقدمون في الحياة، وعكسه المعشعش في أدمغة بعضنا هو الذي جعلنا متخلفين، إذ لايحسن أحدنا التصرف في خلافات الرأي مع غيره.
.
(المصدر : كتاب لماذا التطبير للشيخ المهتدي البحراني )-   

لعلك تهتدي؟!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن