بارت 19 : غربة وطن ( أُمّ )

ابدأ من البداية
                                    

بعد وصولهن الى المنزل ، استقبولها بعض الفتيات اللواتي تشابهت قصصهن فتعرفن اليها هي و زينة واصبحن صديقات ، ليحمدوا الله على سلامتها ، اما بعضهن بدأن بالمشاورة والهمسات وهن ينظرن اليها بغلٍ واضح ، فمن هي حتى تتجرأ وتهين دولتهم الاسلامية ، اما البقية فقد اكتفين بالمراقبة من بعيد .

طلبت زينة من غالية ان تستحم وتقوم بتغيير ملابسها ، ثم قامت بمساعدتها في تضميد جراحها ، ومعالجة تلك الكدمات والتورمات ، واعطائها الدواء اللازم لخفض حرارتها ، اتجهت غالية الى سريرها الصغير ، فقامت بالاستلقاء وظهرها مواجه لزينة وغطت في نوم عميق .

كانت زينة جالسة تراقب صديقتها في أسوأ حالتها ، وهي تشعرُ بندمٍ كبيرٍ يمنعها حتى من النوم ، فلو استمعت لنصيحة غالية ذلك اليوم ، لما كن الان في هذا المكان الغريب ، تشعر بان قلبها يتقطع حزناً وندماً ، وهي ترى صديقتها تعاني وتتألم من وجع الفقدان واليتم الذي ينخر قلبها و روحها ، جلست قرب النافذة تتأمل ، وقد سرحت بخيالها بعيداً ، تحديداً الى تلك الليلة المشؤومة التي بدأت معها معاناتهن ، وغيرت حياتهن الى الأسوأ :

( بعد مرور 4 أيام على الحادثة ، ولم يحدث شيء ، عادت الشابتان الى نشاطهما المعتاد ، كانت زينة تقوم بمساعدة غالية في البستان ، طلبت منها غالية ان تقوم بحلب البقرة ، لكنها رفضت فهي تخاف البقر ، لذا قررت ان تجمع البيض في السلة ، جمعت ما يقارب العشرون بيضة ، لكن كان هناك أربعة ديوك خلفها وقد بدأوا بالمصارعة مع بعض ، بسبب خوفها وقعت منها سلة البيض وتحطم كله ، وخرجت وهي تصرخ متجهة الى غالية التي كانت قادمة وهي تحمل دلو الحليب ، عندما رأتها غالية بهذه الحالة انتابتها نوبة ضحك على صديقتها الجبانة ، لكن بعد وصول زينة اليها تعثرت لتقع وهي تمسك بغالية التي وقعت معها وتدحرجن على الحشيش ، و وقع معهن دلو الحليب ليسيل على الارض وقد تلطخت ملابسهن ، انتفضت زينة واقفة وهي تتأسف " آسفة غالية حقاً آسفة يا لي من غبية كبيرة " لتجيبها غالية وهي ما زالت تضحك بصوت مرتفع " لا عليك صديقتي البلهاء " ، احرجت زينة منها وقد وضعت يدها خلف رأسه لتحكه ، بسبب الاحراج الشديد الذي تعرضت له للتو .

في هذا النهار بأكمله ، قضت زينة وغالية أجمل الاوقات مع بعضهن ، فقد قررت غالية ان تنسي زينة تلك الحادثة ، فبدأن بالمطاردات والمشاغبات .
كانت سهام جالسة في زاوية غرفة غالية بالقرب من النافذة ، تبتسم برقةِ ودفءِ والدة ، وهي ترى ابنتيها سعيدتين لا يكدر صفوهما اي حزن او غم .

بعد تلك المشاغبات الطويلة ، انتهى النهار وحل المساء ، الظلام كان دامسٌ جداً ومخيف ، السماء تلبدت بالغيوم تخفي ضوء القمر والنجوم ، ليلةٌ تنذر بمطرٍ غزيرٍ وصواعق أيضاً .

بعد تناول العشاء وغسل الاطباق جلست الشابتين مع الام في غرفة الاستقبال ، فالوقت مبكراً للنوم ، لكن بدأ المطر يهطل بغزارةٍ يصاحبه برقاً ورعداً مدوياً ، ولم يطل الامرُ حتى انقطع التيار الكهربائي .

حب تحت راية داعش حيث تعيش القصص. اكتشف الآن