بارت 11 : ذكرى العيون الزيتية

7.9K 370 133
                                    


كانت هذه الليلة ، مثل كل ليلة يقضيها بعد عودته من النزهة في تلك المحمية ، ليلة قمرية هادئة تتصف بالسكون الذي يخيم على المكان ، لكن هذا الظلام الهادئ ، يحمل له في كل مرة اعاصيرٌ مدمرة و عواصفٌ هوجاء من المشاعرِ والافكار المتناقضة لتجتاحه قلبه ، فتحطم اجزاء عديدة من كتلة الجليد التي تكونت بداخله منذ صغره ....

كان مشغول بالتفكير فيها و في كلامها ، اهتمامها به ، نظراتها له طوال الرحلة ، و أثناء عودتهم في السيارة ، فهي لم تنتبه لوجود مرآة صغيرة امامه موجهة إليها فقط فلم يكن يرى غيرها ، فقد قام أحمد بوضع العديد من المرايا في السيارة حتى يتسنى له رؤية كل زاوية من سيارته ، و مما لا شك فيه ان الامر يتعلق بالفتيات ...

كان يتسائل كل ليلة عن تلك النضرات التي كانت تخترقه، يكاد يقسم بانها ليست شفقة او حقد كما كان يعتقد عندما رأها لاول مرة في السوق التجاري ، حيث صرخت به ( مغرور ) ...

كان يشهق من هول الصدمة كلما يتذكر ، كيف اختفى ذلك الغضب الذي سيطر عليه منذ الصغر امام تلك العيون السوداء الدامعة ، لكن تلك العيون الزيتية لم تكن اول مرة يراها ، حاول التذكر لكن خانته ذاكرته ، مرت في مخيلته صورة سريعة لمثل هذه العيون ، لكنها اختفت بسرعة....

تسائل في ذاته ، لما لم تتصل به منذ عودتهم ، اي منذ 4 أيام ولا يعلم السبب ، فكر بان يتصل بها لكنه كلما يتذكر ، ما فعله بها يتراجع عن قراره ، قد أرهقه التفكير فيها كل ليلة و اتعبه ، حتى انه لم يكن مهتم بتنفيذ خطته ، فلا يؤاخذ على ذلك لأن عقله كان في حالة هذيان ، و هو يشعر انه غارق في دوامة ...

قررَ أخذُ قسطا من الراحةِ و النوم ، عله يستيقظُ قويٌ كما اعتاد ، فربما كان سبب ضعفه هذا والخمول الذي اجتاحه قلة النوم ( هذا مااعتقده ) ...

اما غالية فقد قضت هذه الليالي الاربع المُرهِقة ، بخوف وذعر مابين المنزل والمشفى ، حيث كانت تراودها افكار مزعجة ومخيفة ، فتشعر ان عينيها تسيل دمٌ بدل الدمع ، و هي تفكر انها ستصبح يتيمة الأبوين ، و سوف تعيش وحيدة طوال حياتها ...

لا تعلم من أين تأتيها هذه الوساوس والهلوسات ، رغم ان والدتها لم تمت بعد ، فقط اصابها تعب شديد واغمي عليها ، لكن بعد نقلها للمشفى وظهور التقارير الطبية تبين انها تعاني من ( قصور القلب ) من الدرجة الثانية ، و هذا ماسبب الخوف لغالية وافقدها صوابها ، فـلو كانت حدة المرض من الدرجة الاولى لم تكن لتهتم لكن الدرجة الثانية خطرة نوعاً ما ...

الحزن واليأس اللذان سيطرا على قلبها جعلها تنسى إخبار الاصدقاء او حتى عمها ، فلم تكن تريد ان تفسد سفرته ، فقد سافر مع زوجته و اولاده الى مدينة الرفيف من أجل انهاء بعض الاعمال المتعلقة في تجارته ، و ايضا من اجل ان تزور ( سلوى ) اختها التي تسكن في تلك المدينة ، لا أحد يعلم ماالذي ينتظرهم هناك وماذا يخبأ لهم القدر من مصائب ومفاجئات مكنونة... .

حب تحت راية داعش حيث تعيش القصص. اكتشف الآن