-13-

15.1K 332 18
                                    

-13-
مر يومان و لم يحدث لها ضرر, لم يتصل صفوت علي هاتفها فأصرت علي تدمير الهاتف, كان تبحث يوميا عن اي شيء مريب حول منزلها لكن كانت مجرد هلاوس لا اكثر..
وقفت علي اعتاب منزلها مستقبلة النسيم الساحر الذي انعش بشرتها, غازلتها الشمس بحرارتها الدافئة, شعرت بالحرية مجددا ستسير دون خوف فقد اعطاها الحق بالتنزة بكل ثقة...
عبرت بوابة منزلها, لتسمع صوت ناصر يقول :
-مدام حنين..الباشا قال نمشي معاكي
فردت حنين بامتعاض :
-شكرا انا حابة اتمشي لوحدي..
-يا مدام دية اوامر
قاطعته قائلة :
-شكرا يا ناصر..انا مش هتأخر
و سارت مبتعدة عنهما و تخاطرت في غنج و دقات كعبها تتلحن بموسيقي عذباء, لم يكن في بالها اي شيء سوي السعادة اللا منتاهية, حتي وجدت تلك اليد التي تكبل حركات جسدها و تكتم انفاسها, يد قوية عريضة كالصخر, حاصرت كل جسد بها تعبت من المقاومة و الصراخ و هي  تري الناس امامها علي بعدد خطواط لا يرونها و الحارسان خلفها بأمتار لا يسمعون صراخها المكتوم..
فقدت الوعي من ضيق النفس و شعرت بدخولها سيارة سوداء كبيرة لا من مخرج او مفر..استسلمت اليهم في ضعف...
                         ***
تحرك جفنيها بصعوبة و اخذت تطلق همهمات ضعيفة و صراخ محبوس بين شفاهها, شعرت بسيل دماء من اسفل حاجبها و ظهرها يؤلمها من كثرة الركلات التي شهوت ظهرها كليا, بكيت ألما و ارتجف جسدها في غرفة مظلمة مكحلة..تردد الانين علي شفاهها و حاولت القيام و فشلت فظلت مستلقاة علي  الارض باكية, جاء ضي قوي من الافق, فاسرعت بالتطلع اليه في عجلة, اقترب منها شاب طويل نحيل, و جثم علي ركبتيه يمسح علي وجهها, انقشع النور علي وجهه فكان صفوت الحقير السيء القبيح, زمت شفاتيها في بكاء و ترجته بخوف :
-رد عليا عملت لوائل حاجة..ارجوك ما تأذيه
ليقول بلهجة مطمئنة و هو يعبث بأنماله شعرها :
-لا محدش جيه جمبه..بس اية دة اسلام اخد حقه و زيادة
حاملت امساك يده و تقبيلها و هي تردد :
-ابوس ايدك خرجني من هنا اوعدك هبعد وائل عن اسلام و انا هبعد عن وائل بس خرجني
افلت يده مسرعا و قال مصطنعا التهذيب :
-بس بس يا حنين مش كدة
-ارجوك خرجني دول هيقتلوني
-لا متخفيش دية قرصة ودن صغيرة عشان تهزري معاهم الهزار البايخ دة
و امسك اذنها في شي من العنف و همس  بها :
-اسلام اخد حقه و انا لسة
اتسعت عينيها و رفعت بصرها اليه بفزع ليصرخ بصوت عال :
-رشدي اطعلوا برة كلكم في حقوق لازم تخلص
حاولت الجلوس و الزحف الي الخلف و تخذت تقول بصوت متهدج :
-اية عاوز اية مني
-المرة الي فاتت كان في منوم لكن للاسف المرة دية مفيش..
صرخت بعلو صوتها  ب"لا" لكن لم يجدي نفعا فخلال ثوان كانت بين قبضة يده و حنجرتها لا تتوقف عن النواح...
                       ***
ركضت سيارة سوداء تصدر عاصفة رميلة في سيرها السريع, فتحت بابها امام قصر وائل و ألقت امامه جثة حنين المشوهة..سقطت حنين اسفل اقدام الحارسان الذان اسرعا بالصراخ بفزع,,حملاها في سرعة و هما يصرخان بالناس كي يأتون لمساعدة و حملها لأقرب مستشفي..حالتها لم تكن تسر فقميص متقطع و قد اظهر قسمات ظهرها الناتجة عن تعذيب قاس و كعبي قدميها الذي نزافا دماء و وجهها الذي امتلء بجروح عميق..كانت تنظر لناس في ضعف و لا تقوي علي الكلام و تسمع صوت يتحدث :
-وائل بيه تعالي بسرعة علي مستشفي..
و اعطاة اسمم مستشفي لم تستطع سماعه لدخولها في غيبوبة قوية..صوت الممرضة الخبيث "اوعي واحدة تقع بلسانها قدام استاذ وائل"..لسان ثقيل صعب الكلام..صياح داخلي..استنجاد...يهشم لحمها..يقتحم جسدها..ينشر قبلاته مقززة..فوقي يا حنين..آآآه وائل..متسبنيش..وائل انا خلصت مدرسة..بابا ضربني يا وائل..حرام عليك يا صفوت..انا مغلطش يا وائل..اوعدك يا بابا..ماما انا و وائل بنحب بعض..وائل متبعدش عني..آآآه وائل
-مدام حنين..يا مدام
ارتعشت جفونها, مع حرككات جسدها المضطرب و تلويح رأسها ذات اليمين و ذات اليسار, اطلقت انين متأوه و لامست بأصابعها ايادي وائل كثيفة الشعر و غمغمت بلسان ثقيل :
-وائل
كانت شفاهه تلثم يدها في حنو بالغ و يده تمسح علي شعرها كما يفعل دوما و صوته مسلوب الطاقة :
-حنين فوقتي
لتقول في أسي :
-انت السبب يا وائل
و اغمضت عينيها و تملصت بيدها عنه, لتقول الممرضة :
-هي بتهلوس..مش هتفوق الا بارادتها..
و هذا اخر ما وقع علي مسامعها و قد شجعها علي الدخول في غيبوبة اخري ليست بقصيرة لترتب افكارها المضطربة, كانت تسمعه ينادي بأسمها لكن لا فائدة يا وائل, ستظل هكذا حتي تعود حنين كما كانت..
                         ***
-فاقت يا دكتور..فاقت
اقترب الطبيب مسرعا بعد صراخ ممرضته, امسك معصمي حنين و اخذ يتفحصها بشكل كامل, كانت صامتة تنظر لهم بغرابة و قلق, حسنا عادت الي واقعها المرير مرة اخري, كانت تري كف وائل الذي لوح لها من بعيد مبتسما فبادلته الابتسام علي مضض..
قفز من مكانه متجها اليه بعدما غادر الطبيب مطمئنا انه بخير, و اخذ يحتضن جسدها الهاش و يقبل رأسها و خدها في عفوية و حب, شابك يده بأصابع يدها و اخذ يقبل رؤوس اصابعها في مرح كانت تبتسم لها بوهن و تضع يده علي شعره الكثيف, و تسير علي ذقنه في دلال..
اقتربت الممرضة و قالت :
-هي كانت بتدلع عليك شوية كانت عاوزة تشوف معزتك عندها..صح يا مدام حنين
تطلعت حنين اليها و غمغمت بصوت ضعيف :
-صح
فقالت الممرضة :
-طب هستأذن انا بقي..
خرجت الممرضة لتلاحقها ممرضة اخري قمحاوية البشرة ذات وجهه مستدير غاضب, هجمت علي زميلتها في العمل و جذبتها من ثوبها في غضب و هي تقول بتحذير :
-انا مش هسكت علي الي بيحصل دة..
لتقول صديقتها في امتعاض :
-يا بنتي انا مالي دكتور رأفت قال نقول انها واقعة سلم
-انتم فاكرين استاذ وائل غبي ما اكيد هيعرف انها تعرضت لتعذيب و اغتصاب
لتقول صديقتها ساخرة :
-ما يمكن يكون وائل ذات نفسه هو الي عامل كدة
فقالت الاخري غاضبة :
-بطلي غباء اكيد الي جيه لدكتور و هدده هو الي نيل العملة السودا دية..لازم نرفع عليه قضية
وضعت يدها فوق كتف زميلتها الغاضبة و قالت بهدوء :
-صفية انتِ علي وش جواز و دول امن دولة يعني لو رفعتي عليهم قضية هتروحي في ستين داهية و انتِ وحيدة امك و مش ناقصين مصايب خليكي ساكتة يا صفية و متتهوريش ملوش لزوم الي في دماغك..
                   ***
-خلي بالك بعد كدة يا حبيبتي
قاله برقة, لتقول باستغراب :
-اخلي بالك من اية
-من السلم..الدكاترة قالت انك وقعتي من السلم
لتقول في فزع :
-اية !
-و ناصر و مصطفي الي جابوكي هنا
لتقول مندهشة :
-فين ناصر و مصطفي..لا محصلش
استعجب من فزعها و اضطراب وجهها و صفاره :
-ناصر و مصطفي مبيردوش..اختفوا
لتقول ناهية :
-لا محصلش يا وائل..لا
و صرخت بقوة :
-لالا
*
*
*
*
*
*
يتبع

حنان قاسWhere stories live. Discover now