الفصل 7

39K 698 10
                                    

المتمرّدة – الفصل السابع –
أغلق أدهم باب غرفة المكتب بعد دخول ريتاج وهو ينظر اليها شاعرا بما يعتمل بداخلها من غضب وحنق لطريقة كلامه معها وزجرها هي و أخيه لوقوفهما بمفردهما والتحدث بهمس مما يجعلها عرضة للاقاويل , وقد نهر محمود و أمره بالذهاب الى مكتبه وانه سوف يتحدث معه بخصوص ما شاهده في وقت لاحق ولكنه تكلم مع ريتاج بصيغة الأمر انه يريد التحدث معها الآن ..وعندما حاول محمود التدخل كان نصيبه نظرة زاجرة وصوت عميق يأمره بكل هدوء وبرود ان يذهب الى مكتبه فنظر الى ريتاج رافعا كتفيه علامة أن لا حول له ولا قوة فعندما يأمر أخاه بشئ لابد له من التنفيذ بدون نقاش ...
وقفت ريتاج امام مكتبها مكتفة ذراعيها ونظرت اليه بتحد فلم يعجبها طريقته باملاء الاوامر على محمود وأمره لها انه يريد محادثتها على انفراد ضايقها بشدة وجعلها تعقد العزم ألّا تكون هيّنة في حديثها معه خاصة ان فاتحها في موضوع وقوفها مع محمود امام مكتبها والتحدث معه ...., بادرته قائلة وهى ترفع حاجبها الايمن بتحد سافر : أفندم ؟ يا ترى ايه الموضوع المهم اللي خلاّك تتنازل وتيجي لغاية هنا ؟ ومش بس كدا لأ ...انت شبه طردت محمود علشان تكلمني لوحدى ..اقدر اعرف هو ايه الموضوع دا ؟؟ , نظر اليها ادهم بنصف عين ولم يعجبه طريقتها في الحديث معه فنظر اليها بقوة وقال بصوت هادئ ينم عن اقتراب عاصفة من الغضب العنيف لم تفطن ريتاج لها ولكن من يعرف ادهم تمام المعرفة يعلم ان هدوءه هو الهدوء الذي يسبق العاصفة : اظن تقعدي الاول علشان نعرف نتكلم ؟ , هزت رأسها رافضة وقالت ببرود : انا مرتاحه كدا ..اتفضل قول اللي عاوزه علشان عندى شغل مش فاضية !! , هز ادهم رأسه مبتسما بسخرية وقال : قصدك تقولي مش فاضيالك مش كدا ؟ , هزت كتفيها علامة اللامبالاة فصرخ ادهم فيها بقوة قائلا : انا لما اقول اقعدي يبقى تقعدي !!! ونزلي ايديكي مافيش حد يقف يكلم الاكبر منه وهو مكتف ايديه بالشكل دا قدامه !! , نظرت اليه ريتاج بغضب وقالت بحدة : وانا مش عاوزة اقعد دا اولا ..ثانيا انت اللي اقتحمت عليا مكان شغلي من غير معاد سابق !! , نظر اليها مندهشا فأكملت ببرود : آه ..من غير معاد سابق ..مستغرب ليه ؟ مش معنى انك رئيس مجلس الادارة المؤقت (وشددت على كلمة المؤقت)يبقى معنى كدا انك وقت ما تحب تشوفني تشوفنى او عاوز تتكلم معايا يكون المطلوب مني اني اسيب اللي في ايدي واطلع اجري مش مصدقة نفسي من الفرح ان البوس الكبيير عاوز يتكلم معايا !! , اغمض ادهم عينيه وعدّ في سره من 1 – 10 فهو يريد لعصبيته ان تهدأ فلا ينفجر فيها ثم زفر بقوة وفتح عينيه ناظرا اليها بقوة وقال بهدوء خطر : اممم ..يعني انت مصممة تجادلي حتى في أتفه شئ انك تقعدي علشان نعرف نتكلم زي البني آدمين ..وبما اني معنديش وقت فاضي كفاية علشان نقعد نتناقش في موضوع قعادك من عدمه ...وهو كذلك !! , ابتسمت ريتاج ابتسامة نصر صغيرة لم تلبث ان ترتسم على شفاها حتى تحولت في لمح البصر الى شهقة عالية من الدهشة وهي تراه يرفعها من خصرها ويلقي بها على الاريكة وراؤها ويسحب الكرسي جالسا امامها حابسا اياها بينه وبين الاريكة في اقل من الثانية !! , نظرت اليه قائلة في دهشة شديدة : انت ايه اللي عملته دا ؟؟ انت واعي للي انت عملته ؟ , قال لها بهدوء : انا مش بحب المهاترات وتضييع الوقت ...هما كلمتين احب اقولهم لك علشان مش فاضي لخناء العيال دا !! , نظرت اليه حانقة بنصف عين في حين تابع ببرود : اولا وقوفك بالشكل دا مع محمود او أياً كان مرفوض شكلا وموضوعا ..محمود اخويا لكن انت بنت وكل خطواتك محسوبة عليكي ..فياريت تاخدي بالك بعد كدا من تصرفاتك انت مش واحد زميله واقف معاه عند مكتبه بالساعه ونازلين ضحك لأ ..انت بنت ووقوفك بالشكل دا يعرّضك للكلام !! , ضحكت ضحكة سخرية صغيرة وقالت باستنكار : بنت مين وولد مين ؟ انا طول عمري بتصرف عادي ولا عمر حد قالي الكلام دا ولا اتقال عليا اى حاجه ..انت بتفكر ازاي ؟ مواليد أي قرن انت ؟ ال14 ؟ , زفر ادهم بحنق وقال بقوة : افهمي ..انت بنت ..ممكن يكون اللي حواليكي مُحرجين يفاتحوكى في موضوع زي دا ..االمفروض مامتك هي اللي تكلمك لكن بما انها مش بتشوفك انت في شغلك عامله ازاي يبقى هتعرف توجهك منين ؟ , قالت له بغضب من بين اسنانها : انا طول عمري كدا وبابا عمره ما لمّح مجرد تلميح انى المفروض اغيّر طريقتي و أظن ماحدش هيخاف عليّا اكتر من بابا وماما حتى انت ..مش ممكن تكون خايف عليا !! , قال لها بهدوء : والدك الله يرحمه ربّاكي زي الولد تمام فبالطبيعي مايلاحظش ان دي حاجه غلط عليكي كبنت انك تتباسطي في الكلام مع زمايلك دا اولا وثانيا ماتنسيش انى الوصي عليكي يعني لازم اوجّهك للصح ولو غصب عنك!! , قالت باندفاع : اولا انا عندي المقدرة ان اللي يتجاوز حدّه معايا انى اوقف عند حدّه ..ثانيا انت وصي على اموالي مش عليا انا شخصيا اظن فيه فرق ..ثالثا بأه ودا الأهم انا ارفض أي تدخل منك في خصوصياتي مهما كان ..اظن واضح ؟ , قام من مكانه محتدا وهو يقول : لآآآ انت الكلام معاكي زي قلّته ...ايه دا بكلم راجل دماغه زي الطوبة ؟ انا عمري ما شوفت بنت دماغها ناشفة زيّك كدا ؟ ..تصدقي انت خسارة الكلام معاكي !! , وضرب الكرسي موقعا اياه على الارض واتجه الى باب الغرفة ليخرج وسط دهشتها من عصبيته وغضبه الشديد , فتح باب الغرفة ثم مالبث ان نظر اليها من فوق كتفه قائلا بحدة بعض الشئ : اعملي حسابك انك هتبتدي معايا شغل في الشركة من بكره ..دا سبب زيارتي ليكي انهارده ....بكرة الساعه 9 الصبح على مكتبك في الشركة ......., وما ان هم بالخروج حتى نادته قائلة بتساؤل : شركة ؟ شركة ايه ؟ , نظر اليها من فوق كتفه قائلا بسخرية : شركتك يا ........أستاذ ريتاج !! , وخرج صافقا الباب وراؤه بينما انتبهت ريتاج لكلمته أستاذ !!..فتحت عيناها على وسعهما وشهقت دهشة مرددة : هاااااااااا...أستاذ !! , ثم ضيّقت عينيها قليلا وقبضت بيدها عاضّة على اسنانها بحنق شديد ....
استيقظت ريتاج في ساعه مبكرة في الصباح بعد ليلة مليئة بالأرق وقلة النوم مما أدى الى ظهور هالات سوداء حول عينيها , فهي لم تعتد على من يتعامل معها بلهجة السيد المطاع!هي ريتاج االتي ربّاها ابوها على الكرامة والثقة بالنفس وانها ليست بأقل من أي ذكر يأتي من يذكرها انها فتاة ويضع لها الروابط والقوانين وكأنها متحررة من هكذا قيود !! , لا يعلم انها هي من وضع قوانين صارمة تتعلق بمجملها بالجنس الخشن ..فهي رافضة أي تقارب بينها وبين هذا الجنس من أي نوع .....محمود لم يخرق هذه القوانين ولكنها علمت بحاستها انه في مفترق الطرق وان معدنه طيّب وهي اكثر من قادرة على صده ان تجاوز حدوده معها مع انها تعلم علم اليقين انه بالفعل قد بدأت شخصيته بالتغيّر فهى تلاحظه في المصنع وكيفية تصرفه مع زميلاته من الجنس اللطيف ففي البداية كان يحاول تبادل النكات والقفشات معهن ولكن رويدا رويدا بدأ وقوفه وحديثه معهن يقل حتى صار شبه منعدم مقتصرا فقط على رمي السلام وان كان فعل هذا ليثبت لها انه تغير فهي لابد لها من ان تشجعه ولكن هذا الـ.....أدهم .....لم يستطع احد ان يرغمها على فعل شئ ترفضه ..كلّما مر بخاطرها كيف حملها كانها ريشة ورماها على الاريكة كي تجلس بالقوة تجعل هذه الذكرى دمها يغلي ويفور بقوة ...برقت عيناها بعزم وتصميم فسوف تجعله يعلم تمام العلم من هي ............ريتاج مراد !!

المتمردهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن