فسارت الى حيث السرير كالنائمة , وبأصابع مرتجفة راحت تفك رباط العلبة بتمهل وهي تحاول أستجماع شجاعتها على رفع الغطاء الكرتوني
وبعد أن أختلست الى أبيها نظرة رفعت غطاء العلبة وأزاحت الورق الشفاف عن الهدية , بدا عليها الأرتياح لما رأت الزهور الزرقاء الصغيرة منثورة في باقات على قماش الفستان الناصع البياض
وهنا تملكتها حماسة أكبر ففردت الثوب وألصقته بجسمها فيما أنسدل كمّاه الطويلان والشفافان على ذراعيها.

طبعت قبلة رقيقة على خد والدها الحليق وغمغمت:
" أنه جميل جدا يا بابا , شكرا لك".
كان هناك حب عظيم وعميق يشع من عينيه مما جعلها تشعر بتأثر بالغ يسد حلقها , أمسك بيدها وأخذ يحدق الى أصابعها وكأنه هو أيضا في حاجة الى لحظة صمت ليضبط عواطفه في خلالها
أزاح العلبة الفارغة الى مؤخرة السرير ثم جلس على حافته وقال وهو يربت على الغطاء الى جانبه:
" أجلسي يا تيشا , أعتقد أن الوقت قد حان لنتحدث حديثا خاصا".
فمددت الفستان بعناية على وسائد السرير وجلست الى جانبه على الحافة , حاولت أن تتكهن بالشيء المهم الذي يود التحدث عنه وشعرت نتيجة لذلك بشيء من الرهبة السابقة ....
غطى قبضتها المتقلصة على حضنها بأحدى يديه وأحاط كتفيها بذراعه الأخرى لقربها منه.

حدّق برقة الى وجهها المتسائل وأفتر فمه عن أبتسامة حب هادئة وقال:
" لا أستطيع أن أتذكر آخر مرة أعربت لك فيها عن مبلغ حبي لك , ربما هذا شيء ليس من المفروض أن يقوله الآباء لأولادهم لأنهم يعتبرونه تحصيل حاصل على ما أظن ,لكنني أردت أن أقول بصوت عال ... أردتك أن تعرفي الى أي مدى أنت عزيزة على قلبي".

طفرت الدموع الى عينيها وهمست حين شدها اليه بضمة عطوفة:
"أوه , بابا, أنا أحبك أيضا!".
ومضى أبوها يقول بذلك الصوت الهادىء الحاني:
" بعدما ولدت وعلمت وأمك من الطبيب أنها لن تستطيع أنجاب أطفال آخرين , شعرت آنذاك بأنها تخيّب آمالي من حيث عجزها عن أعطائي طفلا ذكرا, ولا أعتقد أنني أستطعت أقناعها بأنني كنت مكتفيا تماما بالطفلة الجميلة التي أثمر عنها حبنا , أوه, كنت أريد صبيا كما يتوق كل رجل الى أنجاب ابن, لكن هذا لم يجعلني أبدا أضعك في المرتبة الثانية بل كنت دائما حبة قلبي يا حلوتي".

طمأنها أبوها وهو يمسد رأسها المرتكز الى كتفه وتابع يقول:
" لو كان بأمكاني أن أستبدلك بطفل ذكر في اللحظة التي ولدت فيها لما كنت رضيت بذلك الأستبدال , هل تصدقينني؟".
" أجل".

جوابها البسيط هذا محى التقطيبة الصغيرة التي كانت تجمعت على جبينه
وأردف قائلا:
" أردتك دائما أن تكوني سعيدة لكنني أشعر أحيانا بأنني عجزت عن أتباع السبل السليمة لتأمينها لك, وكانت هناك مرات عديدة كان ينبغي أن أكون فيها أكثر تفهما لأحاسيسك ومطالبك , وعذري في هذا التقصير أنني لم أكن خبيرا في تربية الأولاد".

روايات احلام/ عبير: عروس السرابHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin