٧

6.9K 151 5
                                    

7- زواج مدبر
*****************
تقلبت تيشا على بطنها ودفنت رأسها في نعومة الوسادة وهي تقاوم نداء وعيها الداعي الى الأستيقاظ
كان يلفها شعور دافىء ولذيذ بالقناعة والهناء فلم تشأ أن تحرم نفسها من التنعم به وقتا أطول
وفي الأخير أنفتح جفناها تلقائيا وركزت عينيها الخضراوين على القماش الحريري التوتي الذي يغطي ذراعها وتسللت من تحت الأغطية بشيء من التردد ومشت الى الحمام حافية القدمين
وجدت ثياب الأمس المبللة قد جفت تماما فأرتدتها على عجل , أما شعرها الذي تشعث في أثناء النوم فقد أمضت عدة دقائق في تسريحه , غمغمت لحنا طروبا وهي تخرج من غرفة النوم وأصغت السمع وهي تتجول باحثة عن مكان رورك
وأخيرا رأت ضوءا ينبعث من باب غرفة مكتبه المفتوح فتمهلت في سيرها لدى أقترابها منه , وحين ألقت نظرة الى داخل الغرفة رأت رورك منحنيا على طاولة الرسم محتضنا رأسه بين ذراعيه وقد طرح على كتفيه حراما من الصوف , ومات اللحن في حلقها لما حملتها قدماها الى داخل الغرفة.

أحست رغبة جامحة في الأقتراب منه لتزيح خصلة شعر ذهبية شردت على جبينه الساكن... بدا في نومه أقل أرهابا وأكثر جاذبية أن صح هذا التعبير , وفيما هي تتمسك بحافة الدرابزين لتصعد الدرجات القليلة رأته يحرك رأسه ....
لقد كتمت السجادة الوثيرة صوت خطواتها ولا يعقل أن يكون سمعها وهي تدخل, ومع ذلك أستيقظ من غفوته وطفق يمسد وجهه بيديه المتعبتين.

توقعت أن ينتبه لوجودها في أية لحظة فأستبقت ذلك وقالت تحييه بمرح:
"أسعدت صباحا".
بقيت واقفة حيث هي , لأن ساقيها المصطكتين عجزتا عن حملها لتصعد بهما الدرج , وأستدار اليها بوجه متجهم وتمتم بنكد وهو يحرك كتفيه ليلين عضلاتهما المتقلصة.
" هل هو حقا صباح سعيد؟".

فأضافت بتردد:
" أنه على الأقل ليس ماطرا".
لكن لم يبد عليه أنه سمعها , وعاد يفرك فمه وذقنه بكفه العريض وسألها متذمرا:
" لا أحسبك قد صنعت شيئا من القهوة؟".
فقالت مدافعة عن نفسها:
" ما أستيقظت الا قبل دقائق".

" أذن ماذا تنتظرين؟ أذهبي وأصنعيها".
فأحست بأمل السعادة الوهمي يتفجر في وجهها كفقاعة الصابون, فما عدا تلك اللفتة السريعة المتجهمة لم ينظر اليها بتاتا.

ولذا أعلنت بصوت جليدي :
" سأصنع القهوة لأنني أرغب شخصيا في فنجان منها , وأذا كنت تريد واحدا فأذهب الى المطبخ لتحصل عليه!".

لم تعرف كيف خرجت من الغرفة لشدة خيبتها وأستيائها , وفي المطبخ فتحت وأغلقت عدة خزائن حتى وجدت البن الذي وضعت المقدار المطلوب منه مع الماء في أبريق قهوة كهربائي وأشعلته ثم جلست على أحد الكراسي تصغي الى فقفقة الماء المغلية وهي تمتزج مع البن داخل المصفاة الخاصة به حتى تنضج القهوة تماما.

روايات احلام/ عبير: عروس السرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن