٨

7.1K 159 2
                                    

8_ هل تثقين بي؟
***************
أمضت تيشا طوال ذلك النهار تقريبا تجادل أباها وتتوسله طورا فيما أستطاعت دموعها ولا عباراتها الغاضبة أن تجعله يغير رأيه
حتى أدركت أخيرا أنها لن تتمكن من زحزحته عم موقفه الصلب ما دام يعتقد أن رورك سيتزوجها ....
تركته ودخلت الأستديو ثائرة وحيث كانت بلانش قد ألتجأت اليه بهدوء لتدعهما يتحاوران على أنفراد.

توسلتها تيشا ودموع الخيبة المريرة تحرق عينيها المذعورتين :
" أرجوك , أذهبي وشاغلي بابا بأي شيء , فيجب أن أخابر رورك تلفونيا ولا أريد أن يلتقط أبي التلفون صدفة ويكتشف أنني أكلم رورك".

فبادرت بلانش الى وضع فرشاتها جانبا وأخذت تنظف يديها بقطعة قماش لتزيل عنهما آثار الدهان ,وسألتها بلهجة حانية:
" ألم تنجحي في أقناعه؟".
لكن الفتاة لم تجبها , وأدركت بلانش من التعبير المتجهم على وجه الفتاة أنها فشلت في محاولاتها المضنية
فبادرت تقول بواقعية:
" ستجدين رقم رورك في الدليل قرب الهاتف".

شكرتها تيشا ... فخرجت المرأة وأتجهت هي الى التلفون , وبأصابع ترتجف غضبا أدارت القرص وأصغت بصبر نافذ الى رنينه المتواصل في الطرف الآخر
كانت على وشك أن تقفل الخط حانقة عندما أجاب رورك أخيرا فأستوضحته بغضب وبلا مقدمات :
" أين كنت حتى تأخرت بالرد الى هذا الحد؟".
" من يتكلم؟ تيشا؟".
" بالطبع".
فرد بصوت جاف لم يخل من مرح ماكر:
" نعم , بالطبع , فمن غيرك يحيي الآخرين بهذه الطريقة الوقحة؟ وجوابا على سؤالك كنت أشتغل لكسب عيشي كما تعلمين".
صوته الأجش المتهكم أضاف وقودا الى عصبيتها الملتهبة فردت بنزق:
" لا وقت لدي للثرثرة فقد يكتشف والدي في أية لحظة أنني أكلمك ".

" وأين الضرر في مخابرة تلفونية وقد بات يشك في حدوث أشياء أهم بيني وبينك؟".
" كف عن الكلام وأصغ الي! من عادة أبي أن يأوي الى فراشه في العاشرة ليلا, أريدك أن تلاقيني في الحادية عشرة تماما عند آخر الممر هنا , هل أخذت علما بما قلت؟".

" أجل....".
لكنها لم تدعه يكمل عبارته وقالت بسرعة قبل أن تقفل الخط:
" سأراك هناك وعندها نتحدث".
لم يكن الوقت ملائما لحديث طويل ومتشعب , وكم يحز في نفسها أن يأخذ الأمور بهذه البساطة واللامبالاة!

تعمدت الأبتعاد عن أبيها حتى موعد العشاء وحيث أحاطت تصرفاتها ببرود ثلجي وقذفته بين الحين والآخر بتعليقات قارصة لتفهمه بأنها لا تزال تعارض مرسومه القاضي بزواجها من رورك, لكن لا شيء زعزع معتقده بصوابية الأجراء الذي قرر تنفيذه.

ولما أنتهت هي وبلانش من نقل الصحون الى المطبخ , كان أبوها قد جلس مسترخيا في غرفة الأستقبال , بدأت تتساءل عما أذا كان الهرب هو الوسيلة الوحيدة التي ستخلصها من الزواج في الموعد المضروب. وقررت وهي تغسل الصحون أن رورك هو مفتاح الحل , وأذا هما تشاركا في الآراء والمقترحات سوف يتوصلان الى طريقة مناسبة تنقذهما من هذه الورطة.

روايات احلام/ عبير: عروس السرابحيث تعيش القصص. اكتشف الآن