3

67.9K 1.9K 111
                                    

لا أرى شيئاً ولا أشعر بشيء، السماء زرقاء والأشجار في هذه المنطقة بلا أوراق وبلا أغصان، الحجارة الخشنة تملأ الأرض، لا أرى شيئاً ولا أشعر بشيء ولكن عيني تريان وأصابعي تشعر بالهواء البارد التي تلامسها وكأن الهواء يحاول أن يمسك بيدي ويخرجني من هنا، أريد الخروج، أريد الخروج، صوت غير واضح تدفق من الأعماق ليصل إلى أذني، شعرت بيد تشد قبضتها على ذراعي وفي لحظة استطعت استيعاب ما يجري، يقف أمامي شاب أبيض البشرة بشعر بني أشعث وملامح حادة وفك ظاهر، لم يكن جميل الوجه ولكن ملامحه المميزة جاذبة فجعلت منه وسيماً، ثم استطعت التعرف عليه فهذا هو الحارس الشاب، الحارس الشاب الذي تلا كلمات الكتاب الكوني المعظم قبل أن...قبل أن شهدت أبي يُقتل أمامي. ينظر إلي الشاب وقد لمست في عينيه العسليتين القلق الشديد. تراجعت وأنا أتنفس بسرعة غير راغبة بأن يقترب مني وخائفة من أن يقتلني كوني قرأت هذه الصفحات وكوني ابنة عماد الرجل الخائن.

ينظر الحارس الشاب حوله بقلق، نحن نقف في زاوية خلف المستودع، لازلت أستطيع سماع خطوات أقدام وأوامر الحراس بتحريك الصناديق وصوت شاحنة وهي تقف.

يضع الحارس الشاب إصبعه على فمه مشيراً لي بعدم التحدث، يقترب الشاب فتراجعت ولكن المستودع خلفي لا يسمح لي بالتراجع أكثر، شعرت بأنني محاصرة وأنا أسند ظهري على الجدار الخارجي للمستودع، يقترب الشاب ثم يهمس في أذني.

الحارس الشاب: انتي دخلتي حالة صدمة يعني ما قدرتي تتحكمين بمشاعرج.

توجست وأنا خائفة مما قال، ربما انكشف سري. من قوانين الحرس هي أن نتناول أو أن نأخذ حقنات متعددة على مدى سنين لمنعنا من الوصول إلى حد معين من المشاعر وهو الخط الأحمر، الخط الأحمر يرمز إلى شدة المشاعر سواء في الغضب، الحب، الحزن، الاشتياق، السعادة. تعتبر هذه المشاعر إن زادت عن حدها سموماً قد تودي بحياة صاحبها ومن حوله وللحفاظ على سعادة الجميع لا يجب علينا أن نصل إلى الخط الأحمر، أخبرني والدي بأنني من الحالات النادرة التي لم تتأثر بهذه الأدوية أو الحقنات وبأنني أستطيع الوصول إلى الخط الأحمر ولكن علي أن أخفي هذا الأمر، لأول مرة شعرت بتخدر مشاعري ولو بدرجة خفيفة هو اليوم عندما حقنني الضابط ولا أعلم لماذا، حاولت أن أحافظ على رباطة جأشي أمام الحارس الشاب الذي ابتعد قليلاً ليرى ردة فعلي لما قاله.

الحارس الشاب يهمس: انتي ما كنتي تاخذين الحقن صح؟ اتهربتي انتي وعيلتج عن الموضوع.

وضع الشاب يده على جبهتي واصبع يده الأخرى على عنقي ليكشف إن كنت أكذب.

عندما شهدتُ مقتل أبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن