رأس سنة لن يتكرر

7.4K 619 291
                                    





بين تلك الأنوار و الزخارف ، ما بين أصوات الضحك و الهمس ، في ذلك الشارع المكتظ بالناس اللذين يقبلون و يدبرون .
كانت هي تقف أمام أحد محلات بيع الورد تنفث بين يديها الصغيرة من شدّة البرد القارص و قامت باحتكاك بينهما لتدفئهما ، فقد نسيت قفازاتها الصوفية .

نظرت لألوان الورد و تذكرت عندما أهدى لها حبيبها باقة كبيرة ، لِتتسلل دمعة على وجنتها فهو الآن لم يعد كذلك ، لكنها تمنت في مكان ما في قلبها لو أمضت هذا اليوم برفقته .
ابتعدت عن المحل و اتجهت لمنزل جدها لحضور الاجتماع العائلي الذي يقيمه في بداية رأس كل سنة جديدة .

عبرت ريتا بجانب أحد الأزقة دون أن تنتبه على وجود فتاة صغيرة هناك تتجمد من البرد ، تريد قلوب بشر تدفئها و لكن أبى أن يأويها أحد فـقد قاست من ألم الحياة منذ أن كانت في المهد صبية .

هيلين ذات جمال ساحر ، لكن هل جمالها كان هو الضريبة ؟
كانت تحمل أجمل ابتسامة قد تظهر على ثغر أحد ، لكن لم يلاحظ أحدٌ ذلك إلا هو الذي كان يراقبها دائما دون علمها .

كم رغب بالذهاب لها و إخبارها أنها اخترقت قلبه ، وانه لا يستطيع تحمل رؤيتها هكذا ، لكنه مع الأسف لا يستطيع ، فحاله ليس بأفضل منها .

مضت ريتا في طريقها لتصل الى بيت جدها الكبير ، و ما ان ولجت وجدت أقربائها قد اجتمعوا إلا اثنين ، كان عمها المغترب لثلاث سنين و عمتها التي ستضع مولودها قريباً .

رحّبوا بها و جلست هي بالقرب من جدها الذي ابتسم ضد ابتسامتها التي تحمل حزناً في داخلها .
لم يمر الكثير من الوقت حتى اجتمعت العائلة حول المائدة التي كانت تحوي على ألذ و أشهى الأطباق ، منها حساء العدس الذي يعتقد به أنه يجلب الحظ الجيد و اللحم المقدد الذي فاحت رائحته في الأرجاء .

تبقى على منتصف الليل فقط ساعة واحدة و انتظروا سماع جرس الكنيسة حتى يرتشفون من الحساء رشفة مع كل مرة يسمعون فيها الجرس ، كانت هذه مثل العادات عندهم .

ليبدأ الجد في التحدث ؛ "أملك لكم خبرين ساريّن لهذا اليوم ، الأول هو أن ابنتي قد وضعت مولودها الوردي قبل قليل ؛ وقد اتصل زوجها بي و اعلمني بذلك وهي بخيرٍ الآن ، أما الخبر الثاني : ستعرفونه بعد خمس دقائق "

التفت الجميع لبعضهم و بدو فرحين بذلك ؛ وقد فهموا منه أنها أنجبت فتاةً و بالتأكيد ستكون جميلة كوالديها .

و هم في خوض حديثهم ، طُرق الباب لتذهب ريتا لناحيته ، لم تلبث إن فتحته إلا و صراخها قد غمر المنزل ؛ الذي كان بدافع الفرحة عندما شاهدت عمها الذي طال غيابه .

مشاعر دمعةOnde histórias criam vida. Descubra agora