ثالثاً: الإرشادات العلاجية لكيفية اتخاذ القرارات بين الزوجين.

384 2 0
                                    

عند اختلاف وجهات النظر بين الزوجين في قضية تحتاج لأخذ قرار لا بد أن يجتنبان في حديثهما: أساليب التهكّم والسخرية، أو التعالي والغرور، المشادّة وتعالي الأصوات في النقاش. اللجاجة والمخاصمة والعناد، حسم الموضوع برفض نقاشه. ولا يتسرعان في اتخاذ قرار معين لفض هذا الخلاف. إذ القرار اللحظي يكون في الغالب قراراً غير صائب بل وقد تكون نتائجه وخيمة.
وإن من الوصفات الناجحة لهذه المشكلة هو إنهاء الجلسة بتحديد موعد آخر للنقاش في هذا الموضوع العالق في وقت تكون النفوس فيه هادئة ويكون كل من الزوجين قد أخذ وقتا مناسباً للتفكير. ولا يشترط أن تكون الجلسة الثانية في فترة بعيدة من الزمن إنما قد يستلزم فقط دقائق أو ساعات وفقاً لما يناسب الأزواج.
أثناء هذه الهدنة لا بد من الزوجين أن يقفان مع أنفسهما وقفة محاسبة ذاتية ويسألان أنفسهما هل استخدمت أسلوباً في الحديث غير لائق أو غير واضح؟ هل راعيت الاختلافات فيما بيننا؟ هل كانت نيتي هادفة لتحقيق المصلحة للعلاقة الزوجية أم كان الدافع هو تحقيق الذات وفرض الرأي والتغلب على الآخر؟؟ ما الذي يمكنني أن أفعله لتفادي تكرار مثل هذا الخلاف؟؟


وبعدهذه الفترة من الهدنة يحدد الزوجان بتقسيم المشكلة أو موضوع البحث والنقاش إلىمراحل واضحة ومحددة. ويمكن أن يتم التقسيم من خلال تحديد المراحل التالية: 

   1-ما هو الموضوع الذي نحتاج لعلاجه أولا؟

2-توضيح وجهات النظر المختلفة بين الزوجين ومقصدهما من ذلك، الإصغاء والكلام ومحاولة التأكد من تحقق فهم كل من الطرفين للآخر.
3-
ذكر مباشرة ما نحتاج إليه وما نريده من طرح هذا الموضوع للمناقشة.
4-لنحاول التفكير معاً وتقديم أكبر ما يمكن من الاقتراحات والبدائل والحلول الممكنة ومن المفيد هنا أن يكتب الزوجان هذه الاقتراحات على ورقة واحترام أي رأي يقدمه الزوج والزوجة دون استخدام الاستهزاء أو السخرية أو إبداء المعارضة.
5-
دراسة هذه المقترحات والنظر في إيجابياتها وسلبياتها ومن ثم اتخاذ قرار نهائي على مبدأ التشاور وتحكيم العقل في الرأي الأنسب بغض النظر عن صاحب الرأي إن كان رجلاً أو امرأة على أن يكون القرار يرضي الطرفين ويحقق المصلحة للعلاقة الزوجية.قد يجد البعض صعوبة في ممارسة هذه العملية بسبب عدم اعتماد هذه المنهجية لاتخاذ القرارات الزوجية الشائكة. لكن ذلك لا يمنع من اكتساب هذه المهارة وممارستها لما ينتج عنها من ثمرات طيبة في العلاقة الزوجية لعلّ أهمها هو تحقيق التفاهم والتواصل بين الزوجين.
ختاماً نقول بأن طرق اتخاذ القرار بين الزوجين هي مسألة شخصية بالدرجة الأولى وتختلف من زوج لآخر ويعود ذلك إلى الاتفاق بين الزوجين سواء أكان اتخاذ القرار يحسم فقط من الرجل أم قرار تشاركي أم أن يكون الرجل له المرجعية النهائية في حال اختلف الزوجان في اتخاذ قرار موحد. وسواء أكانت المرأة عاملة أم مثقفة أم ربة منزل إذ نجد في الاستطلاعات العلمية بأن صورة الرجل عند المرأة هي صورة الرجل الراعي، فهذي صورة لها ارتباط بسيكولوجية المرأة ونظرتها للرجل من حيث احترامه، لابد أن يكون راعي، ولابد أن يكون قائد. والأسباب التي تجعل الرجل بهذه الصورة مرتبطة بسيكولوجية الرجل وسيكولوجية المرأة، فإن الرجل يتعامل مع الأحداث ومع الوقائع على أساس أنها جزء من العالم الخارجي، وبالتالي فهو يستطيع التحكم فيها وإصدار قرار بشكل عاجل. أما بالنسبة للمرأة فكل الأحداث والوقائع المتعلقة بالأسرة تمر عبر دواخلها انطلاقاً من أنها هي التي تتحمل الحمل والولادة والإرضاع فكل عالم الأسرة هو عالم داخلي، فلابد للإنسان أن تكون ذاته بعيدة شيئاً ما عن الموضوع الذي يتعامل معه ليتخذ القرار السليم. وإذا حدث واكتسبت المرأة أهلية تفوق الرجل، ففي إطار الود وفي إطار الرحمة وعلاقة المودة يمكن للمرأة أن تمارس بعض الاستقلالية في اتخاذ القرارات وإدارة شؤون الأسرة على أساس أن هناك تفويض من قبل الرجل. وفي نهاية الأمر علينا أن نؤكد أن الاختلافات في اتخاذ القرارت خلال السنوات الخمس الأولى من الحياة الزوجية طبيعية ينتج عنها التعارف الحقيقي بين الشريكين والوصول بالنهاية إلى الانسجام الفكري والعاطفي.



اتخاذ القرار في الحياة الزوجيةWhere stories live. Discover now