حين فتحت ليلى زجاجة العطر، انتشر في الغرفة عبقٌ غريب... لم يكن يشبه أي رائحة عرفتها من قبل. كان مزيجًا من ياسمين الليل، دخان خفيف، وشيء يشبه الذكريات المنسية. شعرت بدوار خفيف، وكأنها تخرج من جسدها وتدخل إلى اللوحة.
آدم اقترب منها، نظر إليها بعينين تلمعان بشيء يشبه الحنين، وقال:
"الآن، أنتِ بين العطر وال اللوحة... بين الواقع والخلود."
فجأة، بدأت الجدران تتغير. اللوحات تحركت، الألوان تراقصت، ووجه ليلى في اللوحة بدأ يبتسم ببطء. شعرت أنها تسمع صوتًا داخل رأسها، صوتها هي، تقول:
"أنا اخترت أن أكون لغزًا... لا أحد يفسره، ولا أحد ينساه."
آدم مدّ يده نحوها، لكنها لم تمسكها. بل مشت نحو اللوحة، ووقفت أمامها، ثم همست:
"ارسمني كما أنا... لا كما تريدني أن أكون."
في تلك اللحظة، اختفت ليلى من الغرفة.
آدم وقف وحده، ينظر إلى اللوحة التي أصبحت أكثر وضوحًا، أكثر حياة. كانت ليلى هناك، تحدّق فيه، تبتسم، لكن عيناها تقول شيئًا آخر... شيئًا لا يمكن فهمه.
ومنذ تلك الليلة، لم يرَ أحد ليلى. لكن كل من دخل معرض آدم، توقف أمام تلك اللوحة، وشعر بشيء غريب... كأنها تنظر إليهم، تعرفهم، وتنتظر منهم شيئًا.
أما آدم، فكان يهمس كل مساء أمام اللوحة:
"أنتِ لستِ ضحية... أنتِ السرّ الذي اخترته، والسرّ الذي اختارني."
---
