لكن صوت المحامي قاطعني بحدة، وهو يلوّح بيده:
ــ "لا تأبهوا لكلامها، سيادتكم. إنها لا تزال واقعة تحت تأثير خوفها منه، بل ربما متلازمة الأسير، تحاول الدفاع عن جلادها."
حاولت أن أتكلم مجددًا، لكن القاضي رفع صوته معلنًا:
"المتهم بيدرو أرس، رقم 2008، العمر خمس وعشرون سنة… يُحكم عليه بالإعدام."
ارتجف جسدي وأردت أن أعترض، لكن القاضي واصل حديثه دون أن يلتفت إلي:
"غير أنّه، وبما أن المهمّة كما تقول قد ألقى بنفسه لينقذها في موقف مجهول الدافع… فسأخفف العقوبة. يُحكم عليه بثماني سنوات في السجن، مع عشر جلدات في كل سنة."
انتهى النطق بالحكم، ورغم أنّ الجميع تنفّسوا الصعداء، إلا أنّ ملامح روز لم تُبدِ أي رضا.
وفي المنزل، ما إن أغلقنا الباب خلفنا حتى التفتت إليّ بعينين غاضبتين، وبدأت توبخني بقسوة، كأنني أنا المسؤولة عن كل ما جرى.
في المنزل
كانت روز تدور في الغرفة جيئة وذهابًا، يعلو صوتها أكثر مع كل كلمة:
روز: "لماذا قلتِ ذلك أمام القاضي؟! ألم تفكري بما قد يحدث؟! لقد جعلتِه ينجو من الإعدام، والآن سيبقى في السجن فقط! ثمان سنوات ليست شيئًا أمام ما فعله بك!"
خفضت بصري، يدي ترتجف:
أنا: "لكن... لقد أنقذ حياتي، روز. مهما كان شره... لا أستطيع إنكار تلك اللحظة."
اقتربت مني، وصوتها مزيج بين الغضب والخذلان:
روز: "إنقاذ لحظة لا يمحو سنوات من العذاب! أنتِ لستِ مسؤولة عنه، فلماذا تتشبثين به بهذا الشكل؟!"
شعرت بعَبرة تخنقني، همست وكأنني أعترف لأول مرة:
أنا: "لا أعلم... ربما لأنني الوحيدة التي رأت فيه إنسانًا."
جلستُ على الكرسي أحدّق في الأرض، بينما روز ما زالت توبخني بعصبية. وفجأة، التقطت هاتفها وفتحت شيئًا بسرعة. وجهها كان صارمًا، كأنها قررت أن تسقط آخر الأقنعة.
روز بصوت قاطع:
"بيدرا؟! لا، كفى خداعًا... اسمك الحقيقي هو مارغريت."
رفعت رأسي ببطء، عيناي اتسعتا.
أنا: "ماذا... تقولين؟!"
مدّت الهاتف أمامي، صورة فتاة تشبهني حد التطابق، بفستان أبيض، يديها مغطاة بالورود، وحولها ضيوف يصفقون. همست روز:
"هذه أنتِ قبل ستة أشهر فقط... كنتِ مخطوبة لرجل اسمه مارك. لقد تم اختطافك قبل نصف ساعة من عقدك عليه."
ارتجفت أصابعي، قلبي يخبط في صدري بقوة. اسم مارك... لم يكن غريبًا، بل ضرب أعماقي كجرس قديم أيقظ شيئًا منسيًا.
أنا بارتباك: "مارك... أعرف هذا الاسم... لكن كيف؟ لماذا لا أتذكر؟"
وضعت روز الهاتف جانبًا، ثم اقتربت مني وأمسكت بكتفي:
"كل ما عشته كـ بيدرا كان خدعة... الآن حان وقت أن تستعيدي حياتك الحقيقية. غدًا، في اليوم الثاني من تحريرك... سأخذك إلى زوجك الذي حُتم عليك."
لكنني لم أشعر بالطمأنينة، بل بغرابة خانقة، كأن كل ما يحدث كان مُخططًا بعناية منذ البداية. ابتلعت ريقي بصعوبة، وداخل صدري سؤال لم أستطع كتمانه:
"هل... كل هذا كان لعبة؟ هل كنتِ تعرفين؟"
لكنني لم أستطع الرد، شعرت بدوخة شديدة تغمرني. وفي تلك الليلة، جاءني حلم غريب كأنه نافذة على واقع مشوش بين الذكريات والحقيقة.
كنتُ في مكان جميل، ألوانه زاهية والجو هادئ، لكن شعورًا بالقلق يختلط بالسكينة. وفجأة، ظهر بيدرو أمامي، لكن هذه المرة لم يكن كما اعتدته، كان حزينًا ومتوترًا، عيناه مليئتان بالتحدي والحنان في آن واحد.
ثم ظهر مارك، وكل الأحداث بدأت تتسارع أمامي كالصور المتحركة، مشاهد متداخلة: بيدرو يحمي، مارك يقترب، أنا أصرخ بلا صوت، وكل شيء يختلط بين الماضي والحاضر.
وفي النهاية، وسط هذا الخوف والارتباك، سمعت صوتي الداخلي يهمس بوضوح:
"بيدرو يحميك... مارك يؤذيك..."
استيقظت وأنا أرتجف، لا أستطيع تفسير ما شعرت به، لكنه ترك قلبي مشدودًا بين الحيرة والرعب، وكأن حلمي كان محاولة لإخبار شيء لم أفهمه بعد.
فتحت عينيّ ببطء، تطلّعت حولي مرتبكة… هذه ليست غرفة روز. الجدران مختلفة، الأثاث غريب عني. حين أدرت وجهي، تجمّدت أنفاسي؛ كان هناك مارك نائمًا بجانبي، ملامحه كما هي، لكن وجوده إلى جواري كان كالكابوس.
صرخت بلا وعي، فانتفض مستيقظًا. ارتسمت على وجهه ابتسامة مريبة وهو يقول بنبرة رخوة:
ـ "أوه… استيقظتِ أخيرًا يا عزيزتي."
ارتعش صوتي وأنا أصرخ فيه:
ـ "ما هذا يا مارك؟! ما الذي يحدث؟! ألستَ… صديق بيدرو؟!"
قهقه بخبث، وانحنى قليلًا نحوي كأنه يستمتع بارتعابي، ثم قال ساخرًا:
ـ "ربما… وربما لا. أنتما الاثنان فقدتما ذاكرتكما… لكنه سرقك مني. لا تنسي… أنا الوحيد الذي كان، والذي سيكون، والذي سيبقى… الرجل الوحيد الذي ستتعاملين معه."
يتبع...
YOU ARE READING
☠︎༒︎غرفة واحدة༒︎☠︎
Mystery / Thriller☢︎ 𝔾𝕣𝕠𝕗𝕒 𝕨𝕒𝕙𝕕𝕒 ☢︎ بعد انهيار العالم، لم تعد هناك دول ولا قوانين، بل منظمات سرية تتنازع على السلطة. وجدت نفسي زوجة لرجل غامض يُدعى مارك، اكتشفت أن دمي هو مفتاح حرب خفية... وأن حياتي مجرد ورقة بيد الجميع. هل أكون ضحية أم صانعة قدر جديد؟
^PART..8^
Start from the beginning
