^PART..8^

7 1 0
                                        

بعد دقائق أو ربما ساعات، فتح مارك الخزانة وأعطاني شيئًا مستطيلاً بارد الملمس، لم أفهم ما هو في البداية. جلس أمامي، ملامحه هادئة على غير العادة، ثم قال بصوت منخفض وكأنه يخشى أن يسمعه أحد:
"يمكنك تمضية الوقت بهذا... إنه هاتف. متصل بعالمك الحقيقي، يمكنك عبره أن تري وتسمعي أشياء من هناك. سأعلمك كل شيء بخصوصه... لكن هناك شرط واحد."

شعرت بارتباك غريب، الهاتف بين يدي بدا وكأنه نافذة صغيرة على حياة لم تعد تخصني. رفعت عيني إليه وسألته بحذر:
"ما هو الشرط؟"

اقترب مني أكثر، حدّق في وجهي بنظرة جادة، وردّ:
"لا يجب أن يعرف بيدرو عن الأمر."

تجمدت لوهلة، كأنني سمعت للتو حُكمًا خطيرًا. الهاتف بين يدي بدا أثقل من مسدس، كأنه يحمل سرًّا قد يقتلني إن انكشف.

سألت بفضول، حاجباي معقودان وقلبي يتسارع:
"لماذا إذن؟ أنا لا أستطيع إخفاء شيء عن بيدرو…"

ابتسم مارك بهدوء، ورفع كتفيه كمن يعرف أكثر مما يقول:
"بيدرو لن يستيقظ إلا بعد أسبوع تقريبًا. لديكِ وقت كافٍ للاستمتاع… لا تقلقي. سأبدأ بشرحه لكِ."

ناولني الهاتف بحذر وكأنه يسلم قطعة أثرية نادرة، ثم جلس بجانبي، إصبعه يشير إلى الشاشة السوداء.
ضغط على زر صغير فأضاء الجهاز فجأة، كأن نورًا سُجن داخله لسنوات وها هو ينفجر أمامي. ارتجفت يدي من الدهشة، وفتحت فمي بصمت.

"انظري…" قال مارك وهو يمرر إصبعه على الزجاج، فتحول السواد إلى صور وألوان وكلمات.
"هنا يمكنك رؤية أخبار عالمك، هنا يمكنك سماع موسيقى، وهناك… يمكنك التحدث مع أشخاص."

كنت مذهولة، وكأنني أحمل عالمًا كاملًا في راحة يدي. الأصوات، الصور، الألوان… كلها بدت حقيقية جدًا لدرجة أنني مددت أصابعي لألمسها.

ابتسم مارك لردة فعلي وقال:
"لا تقلقي، ستتعلمين بسرعة… لكن تذكري، السرية أهم من أي شيء."

كنت أحدّق في الشاشة وكأنها نافذة سحرية فُتحت أمامي.
أول ما ظهر كان صورة لسماء ملوّنة، غروبٍ تدرّج من البرتقالي إلى البنفسجي، وكأنها لوحة مرسومة لا يمكن أن تكون حقيقية. ارتعشت شفتي وقلتُ بدهشة:

"إنها… جميلة! هل هذا مكان موجود حقًا؟"

ضحك مارك بخفة وهو يراقب اندهاشي:
"نعم، هذا غروب في مدينة بعيدة جدًا عنك… الهاتف يجعلكِ ترينه كما لو كنتِ هناك بنفسك."

لم أصدق. قربت وجهي أكثر من الشاشة، حتى كادت أنفي تلمس الزجاج. همستُ بخوف ممتزج بالرهبة:
"وكيف يمكنني… أن أصل إليه؟"

مارك رفع إصبعه أمامي بحزم:
"ليس عليك أن تذهبي، الهاتف يجلب لكِ كل شيء… لكنه أيضًا قد يكشفكِ لو لم تكوني حذرة. كل ما ترينه الآن مجرد بداية."

☠︎༒︎غرفة واحدة༒︎☠︎  Where stories live. Discover now