part 4

204 10 4
                                        

مرت الأيام، وتحولت لقاءات مينهو وجيسونغ في قاعة الدراسة إلى عادة راسخة.

في كل صباح، كان جيسونغ يدخل القاعة بخطوات هادئة، ينحني احترامًا، ثم يجلس إلى جانب الأمير، يفتح لفائفه ويبدأ بشرح نظريات الحكم والفلسفة وتاريخ الممالك الكورية.

كانت دروسه ثرية بالكلمات، لكنها كانت أكثر من مجرد دروس… كانت نقاشات، لحظات يتخللها الفضول والتفكير العميق، حتى أن مينهو بدأ يرى العالم من زاوية مختلفة، ليس كأمير فقط، بل كرجل يبحث عن فهم أعمق لكل شيء من حوله.

لكن شيئًا آخر بدأ يحدث…

لم يكن مينهو يركز فقط على الكلمات، بل على الشخص الذي ينطق بها.

لاحظ كيف كانت عينا جيسونغ تلمعان عندما يتحدث عن شيء يثير شغفه، كيف كانت ملامحه تلين عندما يسترسل في الشرح، وكيف كانت شفتاه تتحركان مع كل حرف وكأنه ينقل حكمة قديمة بين أسطر التاريخ. لم يكن مجرد كاتب في البلاط، بل كان شخصًا يملك روحًا نادرة، وطريقة فريدة في رؤية الأمور.

حتى عندما كان جيسونغ ينحني ليكتب على اللفافة، لم يستطع مينهو منع نفسه من مراقبته عن كثب. لاحظ كيف كان الضوء المنبعث من الشموع ينعكس على بشرته الناعمة، كيف كانت خصلات شعره تسقط على جبهته حين يركز، وكيف كان يرفعها بيده بنفَس متضايق لكنه سريعًا ما يعود إلى عالمه من جديد، غارقًا في الكتابة.

لكن دائمًا… كان هناك شيء يفسد هذه اللحظات.

سواء كان ذلك دخول أحد الحراس لإبلاغ الأمير بشيء ما، أو خادم يأتي ليضع الشاي، أو حتى صوت أحد المسؤولين في القصر يستدعي مينهو للحضور، كانت هناك دائمًا مقاطعة تعيد جيسونغ إلى وضعه الرسمي، حيث ينحني بهدوء ويضع القلم جانبًا، وكأن شيئًا لم يكن.

وفي إحدى الليالي، بينما كان مينهو مستلقيًا على سريره، محدقًا في سقف جناحه، أدرك شيئًا مهمًا…

"لا أريد أن يستمر هذا على هذا النحو."

لماذا عليهما أن يدرسا في قاعة مفتوحة لكل من هبّ ودب؟ لماذا لا يستطيع أن يتحدث مع جيسونغ بحرية دون مقاطعة؟ لماذا يشعر بأن هذه اللحظات الثمينة تتبعثر بين أيدي الآخرين؟

حينها، اتخذ قراره.

في صباح اليوم التالي، وبينما كان يتناول الإفطار مع والده الملك، رفع رأسه وقال بصوت ثابت:

"أبي، أرغب في أن يدرس هان جيسونغ معي في جناحي الخاص."

توقفت حركة الملاعق، رفع الملك حاجبيه قليلًا، بينما نظر جونغهو إلى أخيه نظرة تحمل ألف تساؤل. أما جيسونغ، الذي كان يقف بالقرب من الطاولة ممسكًا بإحدى اللفائف، فقد تجمد في مكانه للحظة، وكأن كلماته لم تصله بعد.

لكن مينهو لم يكن يتراجع عن قراراته بسهولة…

بلع جيسونغ ريقه بصعوبة، شعر بجفاف حلقه فجأة. لم يكن يتوقع هذا الطلب، ولم يكن مستعدًا لهذا النوع من الاهتمام العلني من الأمير.

The Secret Kept Where stories live. Discover now