"حسنًا وافقت"
وضيع.

"سأذهب"
قلتُ بسرعه أُلقي آخر أسفي لموسكو التي ما عادت تُحبني، ولا عادت جبالُها قادرةً على حملي

"اوصلني الى الشارع الرئيسي فقط"
فلم اعُد احتمل وجودي معك، لم تكُن عكسَ ذلك في تجاويف عقلي ابدًا لكنك لم تكُن وضيعًا هكذا ايضًا فما الذي يجرحُني فيكَ بالتحديد؟

اشحتُ رأسي وجسدي كُله نحو نافذتي متجاهلًا وجوده، وقيادته ولصوتِ الموسيقى الذي بدأَ يعزف منذُ تحركنا حتى الآن، لا الأماكن كانت قادرةً على تخبأتك ولا الزمن محاكَ من رأسي، بدوتَ كالشُعاع فيَّ لا انا قادرٌ على لمسك ولا أنتَ على التخلصِ مني، خِلتُ انك ماضٍ لن يلحق غدي ابدًا ولن أراكَ بين عقارب ساعاتِ يومي، لكنك الآن وبعد غروبِ شمسٍ مُظلم تجلسُ جواري الى اقرب درجةٍ ممكنه مُحطمًا بذلك كلُ توقعاتي ومستقبلي.

"وداعًا"
همسَ بصوتٍ سكنتهُ بحة الوداع لكني فضلتُ ان اكونَ اصمًا لها

اغلقتُ بابَ سيارته ومشى، وانا ذهبتُ امشي فوقَ الأرض الجافه الى محطةِ انتظار الحافلات وأثناء ذلك هطلت السماءُ فجأةً حتى أغرقت الأرض وانا صرتُ امشي فوق بحارٍ من ألم، احسُ بتبلُل قدماي أكثر ولا اهتم، جلستُ مُحتميًا تحت سقف انتظار الحافلات مُحدقًا بتساقُط المطر وارتطامهُ المُخيف بالأرض

ألا يتألم المطر؟
ألا تتألم الأرض؟
كيف يتحمل احدهما الآخر؟
ان كانت السماءُ سترمي شيئًا منها على الأرض فما ذنبُ الأرض في ذلك؟

ركبتُ الحافله والسكونُ يسكُنني اكثر مما سكنَ ياكوتسك في الماضي، ان احتلتني الأعاصيرُ يومًا فلا أريدُ ان اموت بينها ولا أُريد ان انجو ايضًا، لا اعلم حقيقة رغباتي حيثُ اني مجردٌ من كل شيء.

ولأن هذا الخوف هامدٌ بي ومتجذرٌ حتى عروقي، بتُّ اسمع صوتَ خطواتي يدقُ في جسدي اكثر من الطريق الذي سلكته للذهاب الى والدي، وجبةُ عشاءٍ خفيفه معه، في الماضي؟ كانت اقصى أُمنياتي اما الآن وبعد ان تولتنا الأيام وبعد ان سقطَ ابي لأشهُرٍ كثيره في المصحات النفسيه وفي المستشفيات التي يعولها بأمواله فما عادَ يأخذ مني الأمر سوى كلمتين

كنتُ اراه وهوَ يُخبّأ نفسهُ عني ان جُنّ بعد جلساته وان عذبتهُ ادويته حتى باتَ يهلوس ليقتصَّ عذابهُ مني، كنتُ اسمع بُكاءه خلف بابِ غُرفته ولا تثنيني كلماتهُ المُؤلمه عن حُبه، كانَ أبي مجنونًا خائفًا ومذعورًا اكثرَ مني، لم يتقبل حياتهُ دونَ أُمي وبياترس ولم يرضى بي وحدي لكني كنتُ أُحبه، في كل أحواله، لم أكرههُ يومًا وان رغبتُ كُرهه فطفولتي كلها حبيسةُ يديه

شتاءٌ أخرسWhere stories live. Discover now