المقدمة

5 1 2
                                    

هل كُنتَ من الأطفال الذين يخافون في وقت النوم من وحش مختبئ تحت السرير أو خلف خزانة الملابس؟
في جميع أنحاء العالم، هناك الكثير من القصص عن مختلف المخلوقات والوحوش.
باختلاف البلدان وثقافتها الشعبية،
إلا إن جميع هذه الوحوش تتسلل تحت جنح الظلام وتأكل أو تسرق أو تؤذي الأطفال الذين يسيئون التصرف بطريقة ما.
على سبيل المثال، كم منكم أخبره والداه أنه إذا لم يذهب إلى الفراش أو يُحسن التصرف أتي الوحش وأخذه؟ ؟
ففي الثقافة العربية نجد هذا الوحش يتخذ أسماء مثل: «البعبع»، و«أمنا الغولة»، و«أبو رجل مسلوخة»، و«أم السعف».
أما في الثقافة الأجنبية، فتتميز العديد من الدول اللاتينية بـ «ساك مان»، أو «رجل الكيس»، الذي يأتي ويخطف الأطفال الذين يسيئون التصرف ويهرب بهم بعيدًا في كيس.
هولندا لديها «بوتزمان»، وهو شبح يلتحف بعباءة ويختبئ تحت الأسرَّة، وفي الزوايا، ويهاجم الأطفال الذين يظلون مستيقظين بعد فوات وقت نومهم. روسيا لديها «بابا ياجا»، وهي ساحرة عجوز وقوية تأكل الأطفال. فرنسا لديها «لو كروك ميتن»، والذي يعني «القفاز المعضوض» قفاز يتكون من قسمين: أحدهما للإبهام، والآخر للأصابع الأربعة هذه وحوش الطفولة،
ولكن ماذا عن الوحوش التي نواجهها بالغين؟
إن الحقيقة الأكثر رعبا التي نكتشفها ونختبرها بينما نكبر أن جميع الوحوش التي كنا نخشاها أطفالا وصَدَّقنا أنها تسكن تحت أسرتنا، لم تختف،
بل تسكن الآن في رؤوسنا،
وتختبئ في زواياها بدلا من زوايا الغرفة، وتعبر عن نفسها في أشكال لا حصر لها من مخاوفنا الشخصية؛
فمنا من يسكنه وحش الخوف من الفشل الذي يعبر عن نفسه في أشد أشكال الإحباط قتامة،
ومنا من يسكنه وحش الخوف من النجاح،
أو وحش الخوف من التغيير، اللذان يهددان صاحبهما بالخروج من منطقة راحته طيلة الوقت.
ومنا من يسكنه وحش الخوف من المجهول، الذي يعرقله عن عيش الحياة على أكمل وجه.
ومنا من يسكنه وحش الخوف من الرفض، الذي يؤثر على اختيار الشخص في العديد من المجالات، ويفوت عليه الكثير من الفرص. وغيرها من المخاوف المتأصلة جذورها بعمق في طفولتنا، أو في تجارب سابقة. ولكني آثرت التركيز على تناول خمسة أنواع رئيسة ترتبط بدورها بمخاوف أخرى؛ فالخوف من الوحدة على سبيل المثال يأتي كأحد أسباب الخوف من الرفض، والخوف من الموت أو الخوف من المستقبل، يرتبطان بصورة أو أخرى بالخوف من المجهول، وهكذا دواليك. الخوف ليس قوة خارجية تغزو عقلك لتجعلك بائسا، الخوف جزء منك لا يمكنك التخلص منه حقًا، ومحاولة تجنبه أو استبعاده لن تجعله يختفي.
إذا لم تسمح لوحشك بالتعبير عن نفسه، فإنه سوف يستمر في محاولة لفت انتباهك بأي وسيلة ممكنة.
أحيانًا يكون وحشك مثل طفل صغير يحاول إخبارك بشيء يعتقد أنه مهم جدا. إذا اعتقد أنك لا تنصت إليه، فإنه سوف يرفع صوته أكثر
ويهاجمك. إنه في الواقع يحاول حمايتك.
في هذا الكتاب، ستُفتَحُ جِراحُ الطفولة، وتُحكى التجارب،
وتستعاد ذكريات الألم بينما تتعرف على أكبر مخاوفك. ستجيب
عن أسئلة داومت على الهرب منها ظنًا منك أن التجنب سيبقيك في منطقة آمنة بعيدًا عن مواجهة وحشك.
ستخوض بين طياته رحلة سرعان ما ستكتشف في نهايتها أن الوحش الذي يسكنك ليس مخيفا بهذا القدر،
ويمكن أن يكون حليفا قويا أو صديقا وفيا بقدر ما يمكن أن يكون عدوا.
فقط إذا اتبعت الطريقة الصحيحة لترويضه، 
فإن الوحش الذي يسكنك يمكن أن يكون لطيفا !

Ghost in your head could be nice Where stories live. Discover now