الفصلُ السادس 🦢 طمسُ الحقيقة

ابدأ من البداية
                                    

سلبهُ صوتها من شُروده لينظر إليها تجلسُ على أريكةٍ سوداء اللون كحالِ عَينيـها، عُيون دَعجاء يعلوها إكليل من الأهدابِ الكثيفة، تقومُ بترتيب بعض الملفات التي تتعلق ببعض القضايا التي تعمل عليها حاليًا.

أومأ لها قبل أن يستندَ بظهره على الكرسي، جاعلًا من تنهيدة تخرج منه هناك، بقي ينظرُ لها وبداخله ما زالت الأسئلة تتكاثر، لذا؛ بتوجُّس ألقى كلماته في الأرجاء:

- أنا لم أمارس المُحاماة من قبل، أنا حتَّى لا أُحبُّها. كيف سيحدث كل هٰذا؟

بَقِيت تتفرَّس ملامحه تُحاول أن تفهمه لا أن تقرأه وحَسب كـكتاب مفتُوح، فالقراءةُ وحدها لا تكفي لفهم المقصود، على المرء أن يقرأ ويفهم وإلّا قِراءتك ذهبت أدراج الرِّيح.

بعد دقيقة ألقت سؤالها عليه:

- هل تشعرُ أنَّـكَ مُجبرٌ على العمل؟

فكرَ لوهلة بالأمر، لماذا حدثَ كل هٰذا؟ لَم يُجبره أحد!! لِم إذًا؟!

- لا أدري!

أجابها بِشرود في الفراغ، ثمَّ أضاف مُكملًا:

- أشعرُ بالغرابة وكأنَّ البارحة فقط كُنت في فيتنام مع رفاقي نلهو ونمرح ونلتقط الصور، ونتشارك الأطعمة، وعندما خَيَّم اللَّيل ونمنا.... بووم... أرى نفسي هنا... وكأنَّ الأيَّام السابقة التي عشتها مع والداي في المنزل لم أعشها قط وكأنَّني في... كابوس ما!

صمت لِثانية قبل أن ينسحبَ من شرودِه ويلتفت لينظر أليها ويسأل بريبة:

- هل هٰذا طبيعِي أم أنَّ أعراضَ الخَرَفِ بدأت تظهرُ علي؟

تَفهَّمت وضعه جيدًا، هي حذِقة في معرفة الكذبِ من الحقيقة وفي تَفهُّم مواقف الآخرين، رُبَّما أعراضٌ جانبيَّة للمحاماة... ورُبَّما أعراضٌ جانبيَّة لنوازل الحياة!!

بثقة وهدوء يُناسِبانها وقفت مِن مكانها تقتربُ لتجلس في أحد الكراسي الجانبيَّة للطاولة التي يجلسُ عليها بينما تُخبره مُرسلة حمام الطمأنينة إلى شُرفة أفكاره السوداء:

- بالتأكيد إنَّه طبيعي. أستطيعُ تفهم شعورك فكلّ شيء حدثَ بسرعة مُتلفة للأعصاب.. كلُّ شيء يحدث لأسباب ستدركها لاحقًا، لٰكنك الآن تبدأ مرحلة جديدة في حياتك، وبإمكانك وحدك جعلها مرحلة لن أقول جميلة ولٰكن مُثمرة، مُنضِجة وتعلمك دروسًا ستكونُ بأمس الحاجة لها في المستقبل أو مرحلة عفنة، رديئة، لن تقدمَ لك شيئًا سوى وليمة مِن أطباق الندم والغضب وكره للذات وكـتحلية بالطبع بعض الأمراضِ النفسية.

ارتفعَ جانبٌ بسيط من ثغره مُظهرًا ابتسامة إثر جملتها الأخيرة، أعجبهُ هُدوئها ورَصانتها في الحديث مِن جانب وأزعجهُ من جانب آخر حيث فكَّرَ أنَّ جديتها المفرطة ليس بالشيء الذي يُطاق.

Themis | ثيميسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن