🦋🦋الفصل التاسع عشر 🦋🦋

Start bij het begin
                                    

ترترقت عينيها بالدموع سريعًا وازداد شحوب
وجهها بوجل متمتمه.......
"يعني بابا تعبان.... بقاله اسبوعين.... أسبوعين وانت مش راضي تقولي... ولا حتى ماما...."
قال سلطان بخفوت... "هو محلفنا منقولش......"
صرخت داليدا فجأه ومعها انسكبت عباراتها
تجري على وجنتيها الباردة.....
"يعني إيه محلفكم يعني إيه....."
"ممكن تهدي أهدي ياداليدا...."حاول سلطان مسك
يدها لكنها بعدتها قائلة بهيستيرية......
"انا عايزة اروح بيتنا....."
نزلت الدموع الحارة على وجنتاها والندم الحقيقي تجلى عن كثب وعرف الطريق لعيناها المتفاخرة سابقا بخطيئتها.....
"انا عايزة اشوفه.... عايزة اشوفه ياسلطان...واديني ليه ونبي..... واديني ليه....."
انطلقت السيارة دون كلمة اخرى....
بعد لحظات وصلت امام باب شقة والديها...فبلعت ريقها ومزال وجهها شاحبا وعينيها حمروان من كثرة
البكاء......
أحاط سلطان بذراعه القوي منكبيها من الخلف وتعلق
كفه بكتفها وهزها قائلًا....
"اجمدي شويه....بلاش تفولي على الراجل بعياطك ده شويه تعب بسيط....."
قالت داليدا وهي تجفف دموعها بالمنديل...
"انت ليه مش عايز تقولي عنده إيه...بابا عمره ما اشتكى من حاجة...."
ربت سلطان على كتفها وهو يقول بملاطفة....
"ابوكي كويس ياداليدا بس نفسيته مدمرة بسبب
بعدك عنه....وعشان عاقبك وعاقب نفسه قبلك بانه ميروحش يزورك حتى وانتي مجبسه...."
نظرت له داليدا بدهشة....فاضاف سلطان
بنظرة نافذة......
"افتكرتيها سهله عليه بس هو من ساعتها تعبان.."
ثم استرسل ببعض المرح....
"انا قولت لما يشوفك جايله بنفسك ووقفه على رجلك...لا وكمان جايه تصلحيه وتراضيه قلبه
هيحن ويرضا عنك......"
تمتمت داليدا بضعف...
"تفتكر هيرضا يسامحني....."
"لو حس انك فعلًا ندمانه ليه لا........."
قالها سلطان ثم بعدها طرق على الباب وانتظر....ثم بعد ثوانِ فتحت (سهير) والدتها الباب واتفاجئت بوجودهما خصوصًا برؤية داليدا متعافية وتقف
على قدميها الإثنين....
صاحت بقلب الام وهي تجذبها لاحضانها
بلوعة...
"داليدا...داليدا ياحبيبتي الحمدلله انك بقيتي كويسة
الحمدلله ياحبيبتي.....فكيتي الجبس امتى... "
قالت داليدا بلهفة وهي تبحث عن أبيها في
الارجاء...
"لسه النهاردة.... هو بابا فين ياماما.... بابا فين..."
قالت سهير بعتاب وهي تبتعد
عن الباب.....
"جوا... برضو سلطان قالك ليه كده يابني...."
اغلق سلطان الباب خلفه وكان ينوي الرد لكن
داليدا سبقته ونظرت لأمها بعتاب..
"انتي مكنتيش عيزاني أعرف..بابا فين... "
"بابا.... بابا...."
دخلت الى غرفته ركضًا فوجدته جالسا على الفراش
بتعب وقد ظهر الشيب عليه والغلب وفقد الكثير
من وزنه في شهورٍ قليلة تحديدًا الفترة التي
مرت على زواجها من سلطان لم تصدق انه
أبيها !...
نزلت دموعها اكثر وركضت لعنده باقصى سرعتها والقت نفسها في احضانه....فضمها ناصف إليه
بشوق وقد ترقرق الدمع في عيناه...وتركها تفرغ
اوجاعها ودموعها في احضانه....كما كانت تفعلها
وهي صغيرة..تخطئ وتعود...تذنب وتعود....
وفي كل عودة لها لا تقر بذنبها ولا تلفظ اسفٍ
ولا تطلب مغفرة من أحد...
تربت مدللة وعاشت مدللة وكبرت وترعرعت أميرةٍ مدللة لا تتحمل مسئولية ولا تتحمل ذنبًا ولا تصلح خطأ اقترفته يداها...فلماذا يلومها وهو سبب افسادها ؟!...
لكنه واثق ان الأيام كفيلة بتهذيبها وان الزواج والمسئولية والعيش مع رجلا كسلطان كفيل بان
يجعل الأميرة المدللة زوجة مسؤولة ومتحملة
أعباء الحياة.....
قبلت داليدا كفه وهي تقول بتهدج..
"حقك عليا يا بابا متزعلش مني... انا اسفه...اسفه
على كل حاجة وصلتكم لكده.... صدقني ندمانه..
ولو رجع بيا الزمن عمري ما هكسر كلمتك تاني...
عمري......"
قبل والدها وجنتاها وهو يقول باشتياق..
"وحشتيني ياداليدا... كنت خايف أموت قبل ما اشوفكم....."
قالت داليدا بعتاب....
"متقولش كده انا لو حصلك حاجة انا أروح فيها.."
التوى ثغر ناصف قائلًا بوهن...
"هاخد زمني وزمن غيري خلاص ياداليدا..."
قالت داليدا بحنق شديد.....
"لا مش خلاص انت لسه شباب...ولو سهير منكده عليك اوي كده.....شاور بس وانا اجوزك واحده من صحباتي......دول كلهم هيموتوا عليك...."
دخلت والدتها بصبحة سلطان وقالت
بغضب.....
"شوف البت جايه تخرب عليا إزاي...مين دا اللي يتجوز دا انا كنت كملت لك عليه قال يتجوز قال سامع ياسلطان......"
نظرت لسلطان فابتسم هو بخبثٍ قائلًا..
"سامع يامرات عمي.....انا مع داليدا بصراحه..واهو
بدل ما عمي يختار واحده من صحباتها يختار اتنين
واحده ليا وليه......"
احتقن وجه داليدا وقالت بغيرة....
"اي ليك وليه دي؟!... هو احنا بنفرق هنا....."
رقص سلطان حاجباه الاثنان قائلًا
باستفزاز.....
"شوفي وشها جاب الوان ازاي....جبتلك حقك..."
"طول عمرها كيادة....بس وحشتني....."قالتها
والدتها وهي تتقدم منها وتجذبها لاحضانها
من جديد...فبادلتها داليدا العناق وقبلت
كتفيها قائلة....
"وانتي كمان ياماما...وحشتيني أوي أوي....."
بينما قال ناصف بامتنان لابن أخيه...
"كتر خيرك يا سلطان يابني...انا كان نفسي اشوفها اوي انا حاسس ان مكنش هيطلع عليا النهار لو ما شوفتهاش النهارده......"
شهقة داليدا بلوم.... "بعد الشر عليك يابابا...."
قال سلطان بمودة...
"متقولش كده ياعمي......ربنا يباركلنا فيك...."
ثم استأنف الحديث قائلًا...
"على العموم...انا كده كدا ناوي اسبها معاكم كام
يوم.....لاني مسافر القاهرة عندي شغل هناك
واحتمال اقعد اسبوعين ....."
نزل الخبر على داليدا كالصاعقة فقالت
مبهوته.... "اسبوعين ؟!..اسبوعين بحالهم......"
اخبرها سلطان بهدوء....
"ايوا ياداليدا....شُغل...يمكن الموضوع أول مرة من ساعة ما اتجوزنا يحصل...بس انتي عارفه قبل الجواز اني ساعات كتير كنت بسافر عشان شغلي......"
قالت بوجهاً باهت.... "اه عارفه....."
بينما قالت والدتها بتفهم....
"ومالوا يابني سيبها ياحبيبي وروح شوف مصلحتك....هي معانا لحد ما ترجع.... "
اوما سلطان براسه سائلا عمه
بقلق...
"يعني خلاص ياعمي صافي ياللبن..."
انعقد حاجبي ناصف واجما...
"خايف من إيه ياسلطان...دي بنتي معقول هأذي
بنتي....."
قال سلطان بأحترام.....
"لا العفو ياعمي دا انت أبوها واحن عليها مني....بس انا بطمن....."
"أطمن.... داليدا في عنيا لحد ما ترجع من السفر..
انت مسافر امتى....."سأله ناصف بهدوء......
فرد سلطان بفتور.....
"على الفجر كده ان شاءالله....."
هتفت داليدا سريعًا بلهفة.....
"طب قضي معانا اليوم....نتغدى سوا ونقعد شويه..
وبعدين نام لك هنا ساعتين قبل الفجر....."
أعترض سلطان...
"دا اللي هيحصل ان شاء الله بس لما أروح....."
أمره ناصف بنظرة حازمة....
"وليه يابني تروح وترجع هو ده مش بيتك ولا إيه...."ثم نظر لزوجته وابنته قائلا بأمر....
"حضري الغدى ياسهير.......وانتي ياداليدا روحي
ساعديها......"
خرجت سهير وخلفها داليدا التي رمقت سلطان
بعتاب...فهو لم يخبرها عن سفره خلال تلك
الأيام الماضية....وكانها غريبة عنه بل ويخبرها
قبل رحيله بساعات ونعمة الأزواج والله !!...
"انت فعلًا مسافر ياسلطان ولا بتقولها كده وخلاص......"
انتشله سؤال عمه عن شروده بها
فنظر اليه مؤكدا....
"مسافر والله ياعمي طلبية شغل....."
جلس سلطان على المقعد امامه بينما استفسر ناصف بتردد....
"انت مرتاح ياسلطان مع داليدا ولا فيه بينكم مشاكل
قولي يابني وريحني...لو كده نصلح الغلطه دي وكل
واحد يروح لحاله....."
ارتسم الازعاج على وجه سلطان
فزمجر قائلًا.....
"جرا اي ياعمي يعني انا بصلح بينكم...عشان تخرب عليا....."
قال ناصف بنفي موضحًا....
"مش القصد يابني....بس انا حاسس اني ورطك
في الجوازه دي...."
بنظرة قوية ونبرة حاسمة اخبره...
"انا اللي اختارت ياعمي...وداليدا بقت مراتي.ومفيش قوى قي الدنيا تقدر تبعدني عنها...إلا لو هي اختارت.. دي بقا تبقى حاجة تانيه....."
ساله ناصف باستفهام....
"افهم من كلامك انك مرتاح معاها...وعايز تكمل..."
اخبره سلطان بوضوح....
"هي اجابه واحده ياعمي...لو مكنتش مرتاح اي اللي هيخليني أكمل......"
نظر له ناصف بفخر وقال بامتنان....
"ربنا يسعدكم يابني....انت عارف ياسلطان اني مش هتمنى لبنتي احسن منك...دا انت ابن اخويا ابني
اللي عارفه ومربيه على ايدي......"
لانت ملامح سلطان فقال بملاطفة...
"طبعًا ياعمي عارف ربنا يقومك بسلامه....ويباركلنا فيك..."
عادت ادراجها الى المطبخ بعد ان سمعت حديثهما
كاملًا...ولم تشعر بلذة الفرح بعد حديث سلطان
ربما لانها تعرف انها كذبه كبيرة يتقنها ببراعة
امام الجميع....انه ليس سعيد وان المشاكل
كثرت والفجوات ازدادت إتساعا وعمقًا بينهما
حتى بات الاقترب خطر والبعد أمان !!...
عندما وقفت جوار والدتها سالتها
بهدوء....
"سالتي سلطان عايز قهوة ولا شاي....."
قالت داليدا بعينين شاردتين.... "عايز شاي....."
همت امها باعداد كوب الشاي لكنها انتبهت لشرود ابنتها وشحوب وجهها بل وللدموع التي سالت من عيناها مجددًا فسالتها بقلق...
"مالك ياداليدا....ليه الدموع دي..."
مسحت داليدا دموعها قائلة.....
"مفيش حاجة...باين عيني وجعاني شويه..."
سالتها امها وهي تضع يدها على كتفها....
"هو انتي مش مبسوطه مع سلطان ياداليدا...اوعي
يكون بيضربك ولا بيقل ادبه عليكي.... "
قالت داليدا بنفي....
"اي اللي بتقولي دا ياماما.....لا طبعًا سلطان محترم
وبيراعي ربنا فيا......"
قالت والدتها بعينين تلمع بالرضا والحمد...
"والله ياداليدا ما هتهمنالك راجل جدع ومحترم زي سلطان.... سيبك من سبب جوازك منه..كده كدا كان
من نصيبك ومقسومين لبعض.....دا النصيب غلاب
يابنتي..... "
اومات براسها وهي تهم بمساعدة أمها في
تحضير الطعام على السفرة بالخارج....
"ايوا ياماما...غلاب النصيب....غلاب....."
.......................................................................
وضع الطعام والتف الجميع حول الطاولة جلسا
والديها بالقرب من بعضهما وهي وزوجها كذلك
يتجاورا في المقاعد.....
قد اعدت (سهير) سفرة مليئة بالطعام الشهي كل مالذا وطاب موجود عليها.....
رحبت سهير بهما قائلة بحفاوة وهي تضع
نصف الدجاجة المحمرة في طبق سلطان....
"ما تاكل ياسلطان ياحبيبي مكسوف من إيه..
ادي لجوزك جلاش ياداليدا اكليه يابنتي....شكله
هفتان.....وخاسس... "
وضعت داليدا قطعة من الجلاش في طبقة غامزة له دون تعليق....
فقال والدها بخبثٍ لأمها وهو يقلب
في طبقه.....
"شكل بنتك مقضياها جبن وبيض......"
أبتسم سلطان وهو يمضغ الطعام ناظرًا اليها بطرف
عيناه.....فامتعضت شفتي داليدا قائلة ببراءة....
"هو اللي ملوش في المكرونه....بذمتك يابابا في
حد مابيحبش المكرونه.....ما حضرتك بتاكلها.. "
قال والدها بتقريع مبطن.....
"يعني معلقتين تلاته.....وبعدين امك بتلجا ليها
لم تكون خلاص زهقت من الطبيخ...انتي بقا
ماشاء الله.....متعرفيش من الطبيخ غيرها...من
حبك فيها.... "
قالت داليدا وهي تأكل بنهم لذيذ في عينين
عاشقتين تراقبها في الخفاء......
"لازم يحبها طالما انا بحبها...مش انت حبيت اكلات
كتير عشان خاطر ماما....."
أكد ناصف وهو ينظر الى زوجته التي ابتسمت
بخجلا وحب.......
"حصل وامك كمان نفس الكلام ومش في الاكل بس
في كل حاجه هي حبت حاجات كتير بسببي وانا حبيت حاجات أكتر عشانها ....."
قالت سهير بابتسامة ودودة....
"بكرة تفهم وتتعلم يا ناصف.. هما لسه عرسان
جداد...بكره ياما هيشوفوا ويتعلموا...اهم حاجة يفضله ايدهم في ايد بعض دايما......"
صمت الجميع وبعد دقائق مدت داليدا يدها
بمعلقة من السلطة الى فم سلطان قائلة بشقاوة
يهيم قلبه بها عشقًا.....
"دوق السلطه دي أحلى من الاكل كله...."
ضحك والديها معًا ونظروا لبعضهما....
فقال سلطان بابتسامة
لعوبة....
"اكيد انتي اللي عملاها...."
اكدت بغرور... "طبعًا....."
اخذها منها على مهلًا وعيناه اسيرة لسوداويتاها الامعة بالشقاوة..... "تسلم إيدك....."
توردت وجنتيها بخجلا من نظراته الجريئة فعادت
تشغل عقلها بطعام مجددًا......
بينما قال سلطان وهو ينهض.... "الحمدلله...."
اعترض والدها قائلًا له....
"اي ياسلطان انت لحقت تاكل..اقعد يابني كمل
أكلك...."
قبل ان يبتعد قال بحرج......
"الحمدلله والله ياعمي شبعت سفرة دايمه.. تسلم ايدك ياحماتي......"
ابتسمت سهير بود.....وعندما ابتعد
قالت لابنتها بهمسًا...
"قومي ياداليدا ورا جوزك بالفوطه....."
لوحت داليدا بيدها معترضة وهي منشغلة في طعامها.. "بأكل ياماما.....باكل.. "
لكزتها امها هامسة من بين أسنانها....
"اديلو الفوطه وارجعي كملي اكلك ميصحش
كده...."
نهضت داليدا بضيق وبوجنتين منتفختين من تكور
الطعام بهما....
وقفت عند باب الحمام المغلق بملل تنتظر خروجه
وهي تسلي فمها بقطعة من الجلاش بين يدها
تقضم منها على مهل.....
فتح سلطان الباب ورفع عيناه أمامه
فتفاجئ بوجودها...فعقب باستهجان..
"مش تكحي..... في حد يقف كده....."
قالت وهي تقضم من قطعة
الجلاش....
"مستنيه اديك الفوطه... زي ماقلولي...."
زم شفتيه وهو ياخذ المنشفة
منها....
"يعني معملتهاش من نفسك...."
قالت داليدا ببلادة....
"وحياتك مفكرتش فيها أصلا...."
قال سلطان ممتعضًا....
"من الأدب والذوق إنك تعملي كده.."
رقصت داليدا حاجباها ساخرة.....
"على أساس انك أول مرة تدخل بيتنا يعني...
دا انت كنت بتدخل تجبها من الدولاب ياسلطن..."
سالها سلطان بلؤم.... "هي اي دي بظبط....."
قالت داليدا ببراءة...
"الفوطه.... هتكون إيه يعني...."
حك في راسه قائلًا بمراوغة..
"اه اصل.... دماغي راحت لبعيد....."
قالت داليدا ببرود....
"عشان انت للأسف مش سالك....."
ابتسم ببلادة..."طب اعملي شاي...."
رفضت بعد ان انهت قطعة
الجلاش...
"لا انا لسه باكل ومشبعتش....."
تافف سلطان قائلًا بملل.....
"علقي عليه وروحي كملي اكل.... وبعدين انتي من امتى بتشبعي... اللي هيجنني لحد دلوقتي بتودي الاكل ده كله فين......"
رفعت كفها في وجهه قائلة بتخوف...
"الله اكبر في عينك... هتنق عليا ولا إيه.... آه اكيد
متغاظ عشان كل اما تاكل اكله دسمه تروح الچم
وتشيل حديد....."
سالها ببرود... "وانتي....."
"انا باكل خمستاشر مرة في اليوم اني ازيد جرام أبداً...." قالتها داليدا بتغنج أغاظه منها...لذا قال سلطان بوقاحة يفوز بها دومًا امامها.....
"ومين قالك انك مبتزديش؟!.... انت بتزيدي في أماكن معينة.....أماكن هتجنن أمي....."
شهقت بدهشة وعضت على شفتيها لم تتوقع
تصريحة الجريء فقالت قبل ان ترحل بوجها
متورد غاضب...."ياقليل الأدب....أبعد... "
بعد رحيلها تخلل شعره باصابعه متمتما وهو
ينظر للسقف... "الصبر يا رب....الصبر..."
كيف لرجلا مثله ان يقاوم فتنة متحركة من الانوثة النابضة بالحياة والجمال والشقاوة والدلال كل هذا الوقت بل ومطلوب منه المقاومة للنهاية كيف وهي بنظرة واحده قادرة على اشعاله ؟!.....
أدعي الصلابة وقلبي في حبك رخوٍ ؟!....
يا من اوقعني في الهوى وترك لي العناء ، كن رحيمٍ
بي وخلصني من هواك !.....
تشاركا الجلسة معًا امام التلفاز وظلا هو ووالدها يتحدثا في أشياء عدة عن العمل واهم الاحداث
في شارع الساحة...والعائلة وظروف المعيشة الحالية ثم بعدها شاهدا الاربعة معًا فيلم من الطراز القديم وعندما إنتهى انتهت السهرة معه ودلف كلا منهما
لغرفته....
وقد رتبت والدتها غرفتها الخاصة حتى تبيت
هي وسلطان بها حتى طلوع الفجر وقت
سفره..
دلفت داليدا برفقته لغرفتها واغلقت الباب خلفهما ورفعت عيناها السوداء على ارجاء الغرفة تنظر اليها بابتسامة واهية تجمع بين الحزن والاشتياق لحياة العزوبة ودلال الأهل....
لماذا تعجلت على الجواز والحب في العشرون
من عمرها....كان بامكانها ان تعيش حُرة لسبع
او عشر سنوات آخره.....تدرس أو تعمل اي شيءٍ
تريده لن يعترض والدها عليه وقتها...
لكنها بغباؤها المعتاد والعناد دخلت الى حياة
الكبار بسرعة البرق الى معمعة من المسؤوليات وإلتزامات مرهقة.....
كان عطرها الجوري يملئ الغرفة وكانها لم
تفارقها لأشهر طويلة ؟!...
غرفة انثوية باحته.. الألوان عصرية ورائعة الديكور
والفرش مناسبًا لشخصية متمردة تهوى التغيير
يقسم انها بدلت فرش غرفتها اكثر من مرة...فمنذ ثلاثة أعوام صنع لها غرفة متكاملة بمواصفات
خاصة كما طلبت منه وقد فرحت بها جدًا...
يبدوا انها بدلتها عندما رأت تصميم أفضل واكثر
عصرية....
"مش هي دي أوضة النوم اللي عملتهالك من تلات سنين....."
قالت داليدا وهي تتجه الى مرآة الزينة...
"انت لسه فاكر........دا انا بدلتها مع واحده صاحبتي
وخدت مكانها أوضة النوم دي من معرض الموبيليا
بتاع أخوها....."
لم يعقب سلطان فمسكت الفرشاة وبدأت تمشط
شعرها الأسود الحر على ظهرها....ثم قالت ببعضٍ
من الندم....
"بس تصدق بعد ما بعتها ندمت اكتشفت اللي انت عملتهالي عموله كانت أحلى...شكل ومضمون...وان
دي شكل وبس....."
سالها وهو يجلس على حافة
الفراش...
"ومغيرتهاش ليه بقا....."
قالت وهي تضع الفرشاة وتستدير
إليها....
"كنت ناويه بس بعدها علطول اتجوزنا...
فملحقتش....."
استلقى سلطان على الفراش بجسده الضخم
بتعب شديد ولأن حجم الفراش صغير لم تبقى مساحة لتنام بها......
فقالت معترضة وهي تضع يدها
بخصرها....
"يسلام ولما انت تنام كده....انا انام فين...."
قال سلطان بغلاظة جافة.....
"وانا اعملك إيه...عايز انام ساعتين قبل ما مشي..
حد قالك تبيعي اوضة النوم اللي عملتهالك ياشيخة
دا السرير كان ينايم أربعة....."
ثم تمتم بفظاظة وصلت لمسامعها.....
"اختياراتك كلها زفته حتى في أوضة النوم..."
دبت الأرض بقدميها قائلة
بتزمر...
"بلاش تخبط معايا بالكلام...وانزاح شوية..."
قال سلطان ببرود.... "مفيش مكان ده اخري....."
ارتفع حاجبها بضجر.....
"انت اصلا اتحركت من مكانك...ما تبعد شوية ياسلطان....."
قال بصفاقة..... "نامي على الأرض....."
"انا فعلًا هعمل كده اشبع بالسرير....."قالتها بتبرم
وهي تاخذ وسادة من على الفراش.....
لتجده سريعًا يعتقل خصرها ويجذبها معه
على الفراش......
فبدات تتملص من بين يداه
معترضة بشدة....
"سبني.... سبني ياسلطان......هنام إزاي كده.. "
همس سلطان امام وجهها المحتقن بالغضب...
"هششش.... ابوكي وامك هيجوا على صوتنا... هما
ساعتين... هما ساعتين ونازل....."
نامت في احضانه على ذراعه المفرود اسفل رأسها
تنام على جنبها وهو كذلك رؤوسهم متجاورة والعيون تشتبك ببعضها تحت الاضاءه الخافتة
بألق عاطفيا مجنون..
همست داليدا بعتاب وهي في احضانه بهذا
الشكل....
"ليه مقولتليش انك مسافر... وانك جايبني
مخصوص عند اهلي عشان تسبني وتمشي...."
مط سلطان شفتيه قائلا باستنكار....
"اي الظلم ده....انا جايبك هنا عشان تراضيهم وتطمني على ابوكي التعبان..... وكده كدا انا كنت مسافر فبدل ما اسيبك لوحدك.. قولت اجيبك تقضي اليومين مع أهلك.... غلط في إيه انا.... "
قالت بحمائية..... "غلط إنك مقولتليش....."
سألها بعينين قاسيتين... "يهمك تعرفي اوي...."
القت عليه نظرة معاتبه وهي تقول
باعتراض....
"طبعًا..... انت ناسي اني مراتك....."
قال بنبرة غريب.....
"مش ناسي ياداليدا...المرة الجاية...."
اسبلت اهدابها وقربهما هذا يشكل داخلها مشاعر غريبة واحتياجات غير بريئة....تشعر بها في أحضانه ومع رائحته الرجولية وبين انفاسه الساخنة التي تضرب صفحة وجهها دون رافة بقلبها الملتاع
عشقًا......
اوقف الأفكار المجنونة والمشاعر الساخنة صوت سلطان الهادئ..... "حلوة البچامة دي...."
قالت داليدا بارتباك وهي تنظر
للمنامة... "دي بتاعتي...."
ابتسم قائلًا بمزاح....
"افتكرتها بتاعت الجيران...."
تثاءبت قائلة بأرق...... "انا هموت ونام....."
انعقد حاجباه قائلا بفتور....
"طب ما تنامي....انا ماسكك..."
وضعت يدها على عنقه وداعبت شعره من
الخلف باصابعها برقة قائلة بدلال...
"احكيلي حدوته ياسلطن...."
ابعد سلطان يدها عنه وهو يزدرد ريقه
بصعوبة.... "بطلي دلع ونامي....."
نظرت لعيناه بضعف انثوي وهي تشير على
خدها بتغنج..... "طب ينفع تبوسني هنا.."
نظر لها سلطان بحزم.....
"نامي ياداليدا... لحسان اجبلك ابو رجل مسلوخه.. "
قالت بشفاه مقلوبة....
"انا كبرت على فكرة والحاجات دي معدتش بتخوفني خالص....."
همس بصوتٍ خافت مرعب.....
"انتي تعرفي ان ابو رجل مسلوخه كبر وبقت
عينه زايغه....."
نظرت اليه بشك...فتابع بهسهسة مريعة....
"بيطلع بليل بيدور على البنات الحلوين... عارفه
أول ما بيشوف واحده منهم بيعمل فيها إيه..."
انتهبت له كل حواسها.... "إيه....."
همس بخفوت شديد.....
"بيدبحها وبيعمل عليها شوربة كوارع...."
علا وجهها تعابير من الاشمئزاز
فقالت...
" يع كوارع......انا بقرف من الكوارع أوي... "
رفع حاجبه متشدقًا....
"هو ده اللي فرق معاكي.... انتي هبلة..."
قالت داليدا بابتسامة شقية فتنة قلبه
وعقله بها أكثر.....
"مين يصدق أصلا ان ابو رجل مسلوخه كبر وبقت
عينه زايغه.... ده رجله مسلوخه انت عبيط ياسلطان....."
هز راسه متنهدًا بأسى...
"دي آخرة اللي يتجوز عيله...."
اغمضت عينيها قائلة
بناعس.....
"قبل ما تمشي أبقى صاحيني...."
لم يرد عليها بل ظل مستيقظٍ وهي في احضانه
يداعب شعرها الناعم تاره ويشم عطره الجوري
تارةٍ أخرى.........
وعند أذان الفجر ابتعد عنها ناهضًا عن الفراش
ارتدى سترته ثم مالى عليها يقبل وجنتيها الإثنين فمالت للجهة الأخرى بانزعاج مهمهة...فدثرها هو تحت الغطاء.....وخرج من الغرفة بعدها بهدوء
وحينها قابل عمه في الردهة فدعاه عمه لصلاة
الفجر في الجامع....وبالفعل بعد ان انهى فريضة صلاة الفجر استقلّ سيارته مع عماله في طريقهما
لمحافظة أخرى.........
.....................................................................

الحب  أولاWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu