"لا، لكني لن أعدُك بأني سأُعطيك مثلما تُعطيكَ الفيزياء"
استدارَ نحوي قليلًا بينما يكتبُ ارقام فتح الباب ثم ابتسمَ لي ودفعه ودخل، دخلتُ معه واستشعرتُ كُلّّ سكون الأرض يتسربُ مني

كانَ مُنزله من الداخل لا يمتُ للثراء ابدًا وليسَ كما تصورته، كان دافئًا حنونًا، يُشبه احضان الأُمهات.

"جائع؟"
خلعَ معطفه يضعُه على طرف الأريكه السُكريه الطويله وسطَ المنزل، اومأتُ له وانا انظُر لكل زاويةٍ في منزله، كان مزيجًا غريبًا من الدفء، كانَ كل شيءٍ هُنا بسيط وافتقدُه

راحَ يُشعل المدفأه امامَ الأريكه، وانا رحتُ أسرح في إطلالة منزله التي تطُل على نصف ياكوتسك وعلى سكونها الكاذب، مشيتُ فوقَ الأرضيه الخشبيه اتبعهُ اينما يذهب ولسعتني عذوبة ضحكاته التي اطلقها بثقلٍ شديد، فتصنمتُ انظُر له حينَ التفت ينظُر لي مبتسمًا بوسعٍ شديد لم ارهُ من قبل

"لماذا تُلاحقني؟"
قال وهو يُشمّر ساعديه وينقُل نظراته بيني وبين يديه

"لا اعرف ماذا افعل"
قلتُ بصدق فعاد يبتسم متقدمًا مني ربما رآني أبلهًا وصدقًا لا أُمانع، لكن آه كيف استشعرتُ قلبي يسقُط في عُمقٍ بعيد لا اعلم مداه حين امسك كتفي وادارَ جسدي نحو ممرٍ قصير، لمسه واحده منه كانت كافيه لتُغرّبني عن قلبي.

"لن تضيعَ هُنا هذا ليسَ قصرُ عائلتك"
تمزّق قلبي وتاهت وجهاتي حينَ علمت كم انهُ مُدركٌ لضياعي في ذلك البيت، وسؤالٌ قشّر قلبي حتى عرّاه، أحقًا سأُكمل باقي أيامي هُناك؟ ألن انجو! حتى أنت ايها الرّب ألا تُريدني ؟

"اذهب لتغتسل سأطهو لك العشاء ريثما تأتي"
اكمل كلامه وابتعدَ عني وانا ذهبتُ الى حيثُ أشار لي، فتحتُ الباب وما ان دخلت حتى تولتني رائحته تعصفُ وتموجُ بي، وقلبي داخل صدري ينبض بتسارعٍ كبير حتى ظننت انهُ لن يتوقف

كانت غُرفته اشدُّ هدوءً، اشدُّ دفئًا واكثرُ شيءٍ ساكن، شعرتُ وانا انظُر في سريره البُني بنعُاسٍ شديد، بأنهُ قبري الوحيد الذي لن يؤلمني، وكم كانت فكرةُ الموت فيه حلوة وملحميه!

"اعتذر، استخدمتُ منشفتك فلم اجد سواها"
وكنتُ خجولًا لأطلب

"كفاك، تصرف كما لو كانَ منزلك"
زممتُ شفاهي التي كانت على وشك الانفجار بأكبر ابتسامتها ومنعتُ روحي من التحليق، كان هذا أكثرُ شيءٍ مراعٍ سمعته في حياتي

شتاءٌ أخرسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن