(٤)

130 9 3
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

| تدريب |

التدريب ..
ان كان دانيال يكره شيء اكثر من العروض ف هو بالتأكيد التدريب .. هو بالمعنى الحرفيّ يُعامل كـ حيوان سيرك، يُذل بابشع الطرق، هو في نظرهم مجرد مسخٍ جميل .. حيوان بملامح جميله، وعقل يسيطرون عليه بجميع طرقهم المتاحه،

يُدعى بالمسخ فقط لأنه ذو عينان مختلفة بالوانها، واحدة خضراء والاخرى سوداء تماماً .. وايضاً .. لسانه مقطوع ..

كل حديثه تحكيه نظراته، نظراته فقط ..
يحاول احياناً ان يئن ويخرج بعض الاصوات لعلّ الوحوش البشرية تُدرك حاجته للراحة من اضطهادهم، لعلهم يدركون انه يتألم، ولكن هذا لا يزيدهم سوى طغيان ..

وما ظن المسكين باناس ينفقون اموالهم على التجارة في البشر واستخدامهم بشتى الطرق المريعة لاشباع انفسهم ورغباتهم المريضه؟ ..

دخل الى الساحة التي يتلقى منها التغذية الخاصة به ..
اليوم المكان ليس بذلك الصخب على غير العادة، هناك فتاة صغيره تبدو في الرابعة او الخامسة من عمرها، مبتورة اليدين ..

شابّة اعتاد ان يراها في الارجاء .. وشابّين على ما يبدوا انهما توأم يبدوان جديدين في المكان ..
اشفق على حالهم جميعاً .. جميعهم صغار جداً على تحمّل هذا الالم ..

وضعه احد العاملين على الكرسيّ الخاص به، وفورا بدأ بتطهير ظهر كفّه قبل ان يغرس ابرة موصولة بمغذٍ شفاف،

كما ان وضع امامه بعض البسكويت المهروس ليأكله ..
عيناه تتنقل بين الضحايا الموجودين برفقته، كُل منشغل بنفسه، الشابة تأكل طعامها ببطئ .. الطفلة تبكي، ترفض الاكل تماماً رغم التوبيخ والضرب حتى، الشابين يتحدثان الى بعضهما البعض بلغة الشفاه، دون اصدار اي صوت ..

ربت دانيال على كتف العامل بوهن، ثم اشار بيده على الطفلة ..
عبس العامل :
" ما هذا؟ مابها؟ ".

ربت دانيال على صدره، ثم عاد يشير على الطفلة من جديد مُصدرا همهمات لعلها تُلفظ بشكل صحيح ..
ضم كفيّه وحرّكهما متوسلاً بالعامل ..
" ماذا .. تريد ان تذهب اليها؟ ".

اومأ دانيال بقوة وهمهم .. تشكلت ابتسامة لا اراديه على شفاهه ..
" اذهب .. ولكن اياك وان تفتعل مشكله، انا اراقبك ".

دانيال امال رأسه والقى بسمة جميله مُمتنه للعامل، صحيح انه قاسي ولكنه على الاقل سمح له بفعل ما يتمنى ..

حمل وعاء البسكويت المهروس بيد، وبيده الاخرى يمسك بكيس المغذي، سار بخطوات مُرهقه وبطيئة الى حيث الطفلة، لازال يتألم من عرض اليوم الماضي وضرب ادوارد له ..

كان العامل المسؤول عنها يتحدث اليها بقسوه ويضع ملعقة الطعام قسرا في فمها،
" يااا ليام .. دعه لنرى ماذا سيفعل ".. قال العامل الخاص بدانيال مستهزءاً ..

التفت العامل الخاص بالطفلة الصغيره ليرى دانيال واقف خلفه، ينظر الى الطفلة بعطف كبير .. هذه النظرة غير مألوفة في المكان، غير مرغوبه .. ممنوعة تماماً ..
ولكنه تعب كثيراً من عناد الطفله وصوت بكائها .. لذا تنحى سامحاً لدانيال بالاقتراب .. دانيال وضع كاس البسكويت على الطاولة وجلس امام الطفلة ..

كانت لا تزال تبكي، وهو لا يزال يبتسم، لم يعرف كيف يبدأ الحديث الصامت، او كيف يشرح لها انه لا يتكلم ..
ربت على شعرها برفق بالغ باستمرار رغم بكائها، وحنجرته الذهبيه تعزف الحاناً بلا كلمات، يهمهم بتهويدة حزينة للطفلة ..

لم يقصد ان يكون صوته حزين ابداً، ولكن المحيط اثّر حتى على نبرته، الفتى مسجون في هذا المكان المخيف منذ سنوات طويلة، لم يرى في هذه الحياة شيئاً سوى هذا المكان، لا يعرف ابداً كيف تكون السعاده وكيف يكون لحنها ..

ولكن، بطريقة ما بدأت الطفلة تهدأ، سكنت شهقاتها ونحيبها العالي، اقتربت حتى وضعت رأسها على صدره وهمس مُرهقه :
" اخرجني من هنا ارجوك، اريد ابي وامي "..

-

المَسِخ ذو العيون المُختلفة [مُكتملة]Where stories live. Discover now