(٣)

159 9 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

| السيرك |

" اذاً .. افسدت العرض ايها اللعين؟ "..
لا يجب ان يصدر صوت .. لا يجب ان يئن، لا يجب ان يتألم،

لا يحق له ذلك، بات يكررها في دماغه ( لا يحق لك، اصمت، لا يحق لك )
رفع ادوارد الزجاجه ليلقي بها فجأةً بعنف على الجسد المُلقى امامه .. صرخ :
"انت لست سوى مسخ لا يقدر حتى على الكلام، وتتجرأ على مخالفة اوامري ايها الشيء القذر !! .. انت احدى ممتلكاتي مع كل نفسٍ يدخل الى رئتك اللعينة تذكر انك احدى ممتلكاتي"‏

فقط دموع حارقه انزلقت من عينيه، صوت شهقاته مكتوم ..
يتألم بشده، اذنه تنزف، شظايا الزجاج لامست حتى وجهه القمري .. ولكنه صامت، فقط يبكي بهدوء، لا يحق له اصدار اي صوت ..

نهض ادوارد وركله ركلة قوية على ظهره،

سمع بعد ذلك صوت الحِزام يتحرر من قيود البنطال، اغمض دانيال عينيه وقرب يديه يحمي وجهه ..

إذ ان ادوارد بدأ بجلده بقوة ..

جلده حتى لم يعد يحتمل الشعور أكثر .. رحمه الظلام أخيراً واحتضنه إليه آخِذاً إياه من هذا العذاب ..

.
.

خيوط الشمس تقبل ملامحه ..
كفّ ناعمه تداعب شعره الطويل، يشعر بنعاس، يحب نعومة هذه الكف على شعره، الطريقه التي تلمس بها هذه الكف خصلاته مُريحة للغايه، رقيقة ..

ابتسم وفتح عينيه، هو على الشاطئ، تلتقط اذنيه صوت عذب يغني، صوت فتاة ..
الكلمات غير واضحة تماماً .. ولكن صوتها جميل الى الحد الذي يجعله يرغب بالبكاء .. تأمل البحر امامه، يتموّج بوتيرة هادئة، يلمس الماء الدافئ اقدامه باستمرار مما يجعله يقهقه بخفوت ..

لم يشعر من قبل ابداً بهذا ( السلام ) ..
تنهد واغمض عينيه .. أ يُعقل ان يشعر المرء بطبطبة على قلبه؟ .. هو يفعل ..

فتح عيناه مبتسماً ..
ولكن ..

لماذا كل شيء عاد مظلماً؟ ..
لماذا يشعر بانه يتوسد ارضاً قاسيه؟
اين الرمال،
اين كتف تلك الفتاة التي ارتاح رأسه عليه،
اين يدها الناعمه؟
لماذا ينقر فأراً ما اقدامه؟ .. اين مياه البحر؟

ذبلت ابتسامة شفتيه، هل كان ذلك حلم؟ ..
ابتلع ريقه بالكاد، لم يعد يشعر بلثته.. طعم الدماء والحديد في فمه مزعج، بصق ريقه، الشكر لله تلك الخوذه لم تعد على رأسه، رفع يده بكسل يمسح على فمه بارتعاش، طوال اليوم الماضي كان فمه مفتوح بسبب تلك الخوذه،
انّ بانزعاج، خدّه يحرقه، الجزء العلوي من جسده مضمد، علم ذلك من الضغط المزعج الذي يشعر به على صدره ..
بقيَ يتأمل الظلمة .. بالمعنى الحرفي أعني ..

يبتسم كالابله وتتناقل عينيه غارقةً في سواد ظلمة المكان المحتجز به، صنع صداقة بينه وبين كل وحوش الظلمة التي يتخيلها عقله، او يراها حقاً ..

لا يهم، المهم انها ورغم انها اشياء مخيفه لم تؤذيه، بل على العكس ..

كانت تواسيه، ملامحها البشعه وصوتها النشز يسلي وحدته، هو لا يستطيع الكلام، لذا هو فقط يبتسم، ابتسامة لا اراديه، شعر بالفأر يفرك جسده على باطن قدمه، قهقه بخفه لا اردياً .. صعد الفأر على جسم الشاب النحيل مسرعاً حتى وصل الى صدره، استلطفه دانيال كثيراً ..

رفع يده يداعبه..
حتى الفأر هنا يحن عليه ..
كل شيء كان يحنُّ عليه، الا البشر ..

-

المَسِخ ذو العيون المُختلفة [مُكتملة]Where stories live. Discover now