بدون مقدمات

194 19 4
                                    

هل الاعمى من يرى حلكة الليل في وضح النهار ؟
...
🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂🍂

هل يعد وجودي فشلا كما يدعون؟بل هل سٱحمل مسؤولية هذا الفشل رغم اني لم اختر هذا الوجود ، لم اطالب بهذه الحياة ، و لم أشأ ان اكون عبئا على احد .
الحياة ليست عادلة ....... ستدرك جوهرها هذا شئت ام ابيت ، تهِب شيئا على حساب الآخر ، فمَهما رفضت او قاومت سترضخ لها رغما عنك.
ستتألم اجل......ستعاني و تتمنى أن تفارق الحياة لكن قيدها مُهلِك.....مُهلك ان يلف جِيدك بكل ما اوتي من قوة......المرء جبان على ان يجبر روحه مُفارقة جسدها ....
و لهذا كافحت و استمريت بالعيش رغم رغبتي الدفينة في....ان اصاب بالصُّم لعل و عسى ساقدِر على ان اعيش دون قيود حينها لانني لا اعلم ما يجري حولي من اقوال و افعال....
لكنه قـــدري.... لكنه قدري ان اكون كفيفة و اظن ان هذا يكفيني....

لقد حل الربيع بالفعل ، يقولون ان الربيع فصل الزهور، كما يقولون ان الزهور جميلة .....على الاقل اعلم ان رائحة الزهور جميلة و هذا ما يجعلني اُفَضل هذا الفصل لانه يوقظ حاستي المفضلة او بالاحرى الوحيدة التي لا يترتب عنها اي الم.... فاذناي اصبحت تنزف من شدة الكلمات المغروسة داخلها نحو رأسي...اما اطرافي فكثيرا ما ألطمها بالاشياء من حولي فتتألم و يال الامر المثير لشفقة ...يا ليته كان فقط طيشا مني.
قُطِع حبل افكاري بصوت ولوج الخادمة جوليانا عبر الباب ...كيف عرفت؟... رائحتها فريدة فهي تحمل رائحة منعشة بنكهة الصابون على الارجح...هي الشخص الوحيد الذي يتقبلني كما انا على الرغم من اني اشك انها تفعل ذلك حبا و إنما لأن عملها يقتضي ذلك....و لكن هذا يكفيني.

-صباح الخير انسة إيفلين. هل هناك ما يمكنني مساعدتكي فيه؟

اكره هذا السؤال بحق!

-شكرا جوليانا، انا بخير.

-اتودين النزول للحديقة انستي المنظر خلاب في هذا الوقت من اليوم... او ربما اشغل لك بعض الموسيقى التي تحبين؟
'منظر خلاب' تقولين ... لم اعي على قبضتي و هي تشتد على الكرسي الا و شعرت بالالم الخانق في حنجرتي لانبس.
-تشغيل الموسيقى سيكون جيدا شكرا...

لاستمع بعدها الى خطوتها الثقيلة ... يمكنني الجزم ان وزنها مرتفع قليلا ،حتى ملمس ايديها طري للغاية حيث لا اتحسس نتوءات عظامها ... على عكسي جسمي هزيل للغاية.

صوت سحب اسطوانة الموسيقى دوى في الغرفة التي ملأها الصمت ثم ضَبطِها للآلة العتيقة...لأستمع لألحان مفاتيح البيانو الهادئة....انغام متجانسة و منتظمة ذات وتيرة بطيئة ، تحمل في طيّاتها احاسِيسا رقيقة يبدو على ملامحها شيء من الحزن..اشعر عند سماعي للموسيقى اني قادرة على رؤية كل شيء و اي شيء لانها ببساطة ارقى من ان تكون مرئية.
تسارعت وتيرة الايقاع لتعبر عن الاضطراب ، الغضب و الحزن رغم هشاشة النوتات.الا انها تعود للسرعة المنتظمة بعد مدة...و على الرغم مما قد يظنه البعض بشأن الموسيقى عن كونها مجرد فن للتسلية الا انها فن ناطق بحد ذاته، فتقَلُب الالحان المُباغَت يعبر عن كيف ان حال الانسان يتغير طوال الوقت بين الحزن و الكُربات و الافراح ....
و مع ذلك فهو فن متغير اذ كل شخص يمكن ان يترجم الالحان بحسب ما تمثله له فله ان يقول ان الوتيرة المنتظمة و رغم انتظامها الا انها تدل على الحزن المكبوت الذي يعافر للخروج نظرا لنوتات الفيرتوزو العالية الرقيقة ثم تنفجر هذه المشاعر حال تزايد الوتيرة على شكل غضب عارم نظرا للنوتات الغليظة .و اظن ان هذه المعزوفة هي المفضلة لدي لانها تشعرني بأنني اتحرر مما يقيدني وسط هذا المجتمع الارستقراطي الذي يدعي الرقي ، لكني على عكسها عجزت منذ الابد على تحرير مشاعري و الخروج عن اطار الدور المقدم لي...الدمية....في ظل هذه المسرحية التي يُرادُ من خلالها السمو الى الكمال...و هو امر ادرك جيدا ان عائلتي لن تبلغه يوما.
وسط غوصي في عالمي الخاص ، لاحظت انتهاء المعزوفة بالفعل بينما يتخلل مسامعي صوت الغربان الذي يعده البعض نذير شؤم لكن بالنسبة لي هو فقط نذير اقتراب غروب الشمس، وبما اني حظيت بفرصة التعلم من قبل عائلتي، الشيء الذي قد يجعلني أمْتَن لها و لو قليلا، هو ماسمح لي بمعرفة مختلف الكائنات فقط من خلال اصواتها. لذا قررت قيادة خطاي نحو الشرفة لأتخذ من الكرسي فيها مجلسا لي.
التزم الدقة في مواضع الاشياء لذا فجوليانا هي من تتولى بشكل كامل الاعتناء بغرفتي لوحدها من جهة لان عائلتي لن تمنحني فرصة الحصول على موكب خدم كما يجب ،و من جهة اخرى كنت لارفض لانني لا احب تداخل الاصوات من حولي فهو يدعو للتشوش..
أخذت استنشق الهواء البارد ....لقد اختفى دفىء الشمس بالفعل. الجو بارد و كئيب و ممل لا املك شيئا لفعله و اشعر بالوحدة و الظلمة من حولي
و ک-
-سيدتي انت هنا! لقد حصلت على كتاب من السوق اليوم اتريدين ان اقرأه عليك؟
انتشلني من حلكة افكاري صوت جوليانا....شعرت بالتفاجىء و شيء من السعادة، لأتنفس الصعداء...

صاحبة القناعWhere stories live. Discover now