لَسْتَ أَنْتَ مُحَمَّد..، بَلْ هُوَ..

44 2 2
                                    


    وكالعادة ننتهي من الحصص فتبدأ الاستراحة ونذهب لمكاننا المعتاد على عتبة مبنى الأسرية، لم نكن نلتقي في الاستراحة الأولى الطويلة فقط بل حتى في الاستراحة الثانية ذات الربع ساعة كنا نتجول مع بعض لكنها قصيرة جدًا ولا نشبع الحديث فيها. أما محمد ومصطفى فيذهبان مع حسن صديق آخر لنا عرفته في الثاني المتوسط وأنا أبقى مع صاحبي الجديد لكن علاقتنا مازالت مستمرة فنلعب ونتحدث ونلتقي كثيرًا فلم تنتهي علاقتنا كل ماحدث أنه أصبح لي صاحب جديد.
    في مرة أثناء جلوسي مع مُحَمَّد على عتبة المبنى أتى محمد ومصطفى وحسن وكان محمد يكره وجودي مع مُحَمَّد لكنه لايمانع ذلك ولا يتسبب بالأذى له، هو فقط يريد أن يصبح كل شي مثل قبل. وكان يتحدث بطريقة يقصد فيها بأن نذهب معهم ونتجول معهم لكني كنت أرفض ذلك لأن مُحَمَّد يتضايق كثيرًا؛ فنبقى نحن نتحدث عن أشياء هو لا يعرفها ولا يفقهها وذلك شعور جربته وهو سيءٌ للغاية. ولم أرد أن يتضايق مُحَمَّد لشيء تافه كهذا فكنت أرفض مصاحبتهم معه.
    كان محمد يقول كلامًا كثيرًا ففي إحدى المرات وقد تمللنا من كلامه فوضعت كفي على جبيني ونظرت لمُحَمَّد بينما نحن جالسين على عتبة المبنى ثم رافعت رأسي وقلت :
        -  محمد..
    ولم أحدد أيُ محمدٍ أقصد فسكت مُحَمَّد وأجاب محمد فقلت :
        -  لَسْتَ أَنْتَ مُحَمَّد..، بَلْ هُوَ..
    حركة قاهرة أعلم. نظرت في مُحَمَّد وكنت سعيدًا سعادة لا أعرف كيف أوصفها لكني كنت سعيدًا لدرجة الطيران، نظرت فيه وأنا أضحك وأقول ليحس محمد ويبتعد عنا لنكمل حديثنا :
        - يُخاطبني السفيهُ بكل قُبحٍ فأكرهُ ان أكون لهُ مُجيبا.. يزداد حماقةً فازداد حُلُمًا كعُودٍ زاده الإحراقُ طيبا..
    فضحكنا جميعًا ثم رحل محمد ومعه مصطفى.
    أصبح مُحَمَّد يلعب معنا في حصص الفراغ ولم يعد يضع رأسه على الطاولة بعد التحديق بنا. كنت في لعبتنا المفضلة دائما ما أساوم على أن أكون أنا وهو في فريق واحد بدلا من لعبي مع محمد بحجة واحدة لا أغيرها : " أنا قوي وأنت قوي في اللعب أما مُحَمَّد فهو ضعيف ولايعرف اللعبة ولايجوز أن نضع ضُعفاء ضد أقوياء ! ".

<<<

على ضِفاف النيلWhere stories live. Discover now