والتقينا (17)

Start from the beginning
                                    

🌺 إنما أشكو بثي وحزني إلى الله 🌺

بقلبٍ متلهف يخامره القلق والترقب والخوف وقفت إسراء في قفص الإتهام تراقب محامي الدفاع وهو يقدم المستندات والأدلة، ويسأل العم مرعي الشاهد الوحيد على براءتها، فيطوف بصرها تارة على القاضي وتارة على المحامي ويطيل النظر على وجه بلال بمحبة.
وانتظرت.. انتظرت طويلًا حتى نطق القاضي ببراءتها وإخلاء سبيها، وبكت كأنما لم تبكِ يومًا وهي تخر ساجدةً لله، كلمة واحدة فقط نطقتها وهي (حسبي الله ونعم الوكيل) أودعت أمرها على الله وحده، وكلته أمرها، فكان لها خير حسيب ولم يرد يديها خالية الوفاض بل بإستجابة كانت لها طوق النجاة من بحرٍ من الظلمات، وضجت القاعة بالفرحة والحماس، وركضت ندى تجاه القفص والدموع تلمع من عينيها، هاتفة:
_سمعتي يا إسراء خلاص، كل المعاناة دي انتهت مفيش سجن تاني.
وسال دمعها ممزوج بدمعات إسراء وهي تضم أناملها من بين فتحات القفص الحديدية، وتغمغم:
_الحمد لله الحمد لله يا رب، ربنا نجاني يا ندى.
واتجه أبيها إليها ما إن خرجت وضمها بحضنٌ حنون كان لأول مرة تتذوقه إسراء، وقبل جبهتها ببسمة حنونة، وهتف بصوتٍ متهدج:
_حمد الله على السلامة يا بنتي الحمد لله.
لم تجب إسراء، بل رفعت بصرها في لهفة شَطر بلال الذي تقدم منهم واقفًا في صمت.
أيمكن أن يعشق الإنسان صمت من يحب.
أن تنبض كل نبضة بلهفة ما أن تقع العينان عليه!
وتصمت الروح ذاك الصمت الذي يجعلها تحلق في جنة الحب، تلاقت أعينهما في سكونٍ تام، وتبسم بلال بسمة تألقت كضياءُ الفجر عندما يتنفس، وقال:
_مُبارك البراءة.
وهمَّت أن تجيبه، لكنه استدرك في هدوء بنبرة ذات مغزى:
_عقبال مُباركة تانية!
وأدركت إسراء المعنى من قوله، وتضرج وجهها بحمرة الخجل، ورددت في حياء:
_الله يبارك فيك.
ألتفت محمد إلى بلال، وصافحه في شغف، وقال بنبرة مبتهجة وهو يشد على يديه:
_بنتي خرجت من السجن بفضلك يا بني، صدقني مش عارف أشكرك إزاي؟ ولا أوفي فضلك، ولكن شكرًا.. شكرًا يا بني من قلبي على كل اللي عملته.
رد عليه بلال بشبه ابتسامة لاحت على ثغره واندثرت سريعًا:
_العفو، معملتش غير الواجب.
وحاد بصره جهة إسراء، وهو يهمس لنفسه:
_الواجب تجاه قلبي وبس.
رفع بصره إلى محمد الشهاوي عندما أردف يقول:
_هستنى الموعد اللي كلمت عليه إسراء قبل ما يحصل كل ده في اي وقت أنت تحدده.
ملئت السعادة قلب إسراء وطفت على وجهها الذي تهللت اسايره، وشعت في عينيها، وهي تمسك بانامل ندى وتبادلا نظرات الفرح، بينما بلال يقول في هدوء:
_انهاردة، انهاردة الساعة تمانية بالليل، ينفع؟!
صمت والد إسراء متفاجئًا من سرعة بلال لكنه لم يلبث إن ابتسم وهو يغمغم:
_ينفع طبعًا، هستناك.
قالها، وهم يعبرون قاعة المحكمة، وينزلون درجاتها في بطء، وقبل أن يدخلوا سيارة بلال، استدارو جميعًا إلى ضجة أُحدثت بغتة من وراءهم، كانت سببها أفراد من الصحافة والإعلاميين الذين اجتمعوا حول هِشام البسيوني الذي يطوقونه رجال الشرطة، ويسوقونه تجاه سيارة من سياراتهم، وأطل غضب هائل من عيناي محمد الشهاوي، وهو يتوجه نحو هشام بينما توترت إسراء وهي تنقل بصرها في حيرة بين ندى وبلال، ورصدت ندى تسلل يد محمد تتحسس مسدس يكمن في جيب بنطاله، فاتسعت عينيها هلعًا، وهتفت في لوعة وهي تستدير إلى بلال هاتفة:
_بلال إلحق عمي محمد في مسدس في جيبه، إلحق قبل ما يشوفه حد.
بدون تردد ركض بلال وقد لاحظ السلاح الذي يتلمسه محمد في بطء وهو يحاول المرور من بين رجال الصحافة، وقد نجح في التسلل من بينهم، ومال على أذن هشام، هامسًا:
_إنك تتسجن زي ما سجنت بنتي دا مش كفاية، أنا لازم أخلص عليك زي ما خلصت عليها ومش هيهمني لو هاخد إعدام بعد كده.
كانت خطة لم يفكر لها، ولم يعمل لها حسابًا، لكنه ما كاد يبصر هشام حتى استحوذ الشيطان على عقله بتلك النية الشريرة، ووضعها قيد التنفيذ فورًا دون أن يفكر في أية عواقب.
بسمة هازئة مستفزة رُسمت ببراعة على زاوية فم هشام وهو يردد:
_بلاش تحلم بموتي كتير يا شهاوي عشان هخرج قريب والمرة دي مش هدمر بنتك بس لأ هتكون وأنت كمان والواد اللي بتحبه.

يتبع …

رأيكم، وتوقعاتكم.
وهل ممكن محمد الشهاوي أن يقتل هشام البسيوني؟

#والتقينا
#ندى_ممدوح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(اللهم إني اسألك إن تأخذ روحي وأنت راضٍ عن، اللهم ألهم قلبي صبرًا عمَّا به ) دثروني في دعائكم فضلًا.

ملحوظة: أودُ أن أتقدم بشكرٍ خاص للمحامية والكاتبة (هدير أيمن) على مساعدتها ليّ في بعض النقاط في قضية المخدرات، بشكرك يا هدير من أعماق قلبي واتمنى لو تقرؤوا روايتها (عودة الغائب) المتواجدة على الواتباد وجروب الفيس (حكاوي هدير) رواية جميلة ستنال إعجابكم حتمًا كما إنها لمحبيين الروايات باللهجة الصعيدية.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اللصم صل وسلم وبارك على نبينا محمد

والتقيناWhere stories live. Discover now