لم استطع ابتلاع انيني لشدة الضمور، استشعرتُ خدرَ جسدي اكثر حتى توقفَ اخيرًا يُعيد لي الوعي لأستشعر الألم ينزفُ من كل مناطق جسدي مرةً أُخرى

تنفستُ الهث كما لو كنتُ الكُمني معه، ولا زلتُ اسمع اصواتهم العاليه تصرُخ وهم يشتمون بإسمي، راقبتُ بؤسي يزداد وخوفي ايضًا، حتمية العائله شيءٌ مُقرف.

التهَمت بصري بقعةً خرساء في السقف تُذكرني بحقيقتي، فوهبتُها نظري كُله حتى اختفت اصواتهم واجسادهم، لم أُدرك كم من الوقت مضى وانا أُحدق في تلك البقعه لكنهُ وقتٌ طويل، طويلٌ جدًا حد الذهاب الى السماء عصفورًا والعودةُ منها كريشةٍ من جناحٍ مكسور

احسُ بوجوده هُنا، في مكانٍ ما يُراقبني، تطفو رائحته فوق بحار آلامي وأغرقُ أنا! رغمَ اني لا اعلم من انا؟ هل كنتُ الأمواج؟ المركب؟ الشراع؟ لا اعلم لكني غرقت

انتظرتُه، ولم يخطو خطوةً واحده، اغلقتُ عيوني اتجاهل شعوري بالألم، وحتى الموت كانَ صعبًا علي تلك اللحظه.
شعرتُ به يمشي في هدوء
يجلس جواري دونَ صوت
كنتُ اتساءل ما الذي يفكر بهِ الآن! ماذا يُمكن ان يجول في رأسه عني وعن عائلتي؟ هل يراني جبانًا مثلًا؟

فتحتُ عيوني اريدُ اجابةً لكني نسيتُ السؤال بعد ان رأيتُه ينظر داخل عيوني في لحظةٍ صامته، بارده، شعرتُها أبديه لكنها كفكرةٌ زائله
وليتَ كل شيءٍ يزول عدا تلك اللحظه معه.

"هل احملُك مثلًا؟"
ضحكتُ بتقطُع اهرب من عيونه والدماء تسيلُ من ضحكاتي، اتجاهل نبرتهُ الساخره وتحديقاته الغريبه التي تحكُ سكاكينها فوقَ ملامح وجهي

انهيتُ ضحكتي رغم رغبتي بالضحك اكثر دون سبب، حاولتُ الاستقامه ولم استطع، كان شعوري بالضعف الى هذهِ الدرجه شيءٌ جنوني ويثيرُ غضبي

"هلّا اعرتني يديك؟"
مدَّ يدهُ بهدوء دون ان يحاول مساعدتي، تسللت عيناي تسترقُ النظر اليها في محاولةٍ فاشله لدراسة تصرفاته، كانت صلبه قويه لا يسعها هذا المعطف الثقيل وكفّيه تختبأ خلف قُفازٍ اسود يقيه من البرد، رغمَ علمي الذي لا اعلم مصدره بأنها ستكون اشدُّ برودةً من ياكوتسك لو لمستُها

تنفستُ بقوه اهرب من افكاري، اتمسك بيديه وارمي ثقل جسدي المتراكم عليه في انينٍ مستمر يخرُج من بين نبرات صوتي المتألمه، احسستُ بخطواته تتباطأ اكثر كلما لاقيتُ صعوبةً في المشي حتى امسينا نمشي ببطءٍ شديد، ولا شيء يكسر حدة الصمت سوى همهماتي الباكيه

كانت دمائي تقطر بهدوء فوق الأرض التي ندوسُ عليها، تنهدتُ لها ورغبتي المميته بالصُراخ تُعذبني اكثر!

شتاءٌ أخرسWhere stories live. Discover now