الفصل السابع

48 4 5
                                    

كان الليل قد بسط سيطرته على سماء كوريا الجنوبية فعاد كثير من سكانها إلى بيوتهم، ومنهم خديجة التي ألقت جسدها على السرير في غرفتها بعد ما غيرت ملابسها إلى بيجامة منزلية مزينة بالورود الزهرية وأخرجت نفسًا طويلًا من رئتيها قائلة:

- يوم طويل عريض متعب بجد، مكنتش أعرف إن الجامعة دنيا تانية خالص عن المدارس كده!

تدحرجت لتستلقي على ظهرها فاردة ذراعيها على السرير، فتبعثر شعرها المموج تحت جسدها وقد لمعت عليه تدرجات اللون البني في هيأة آسرة تماشت جيدًا مع بشرتها الحنطية، وبعينين بلون البُنِّ حدقت بالسقف وهي تسترجع ذكريات اليوم، وبالأخص لحظة اشتباكها مع أولئك الفتيات، فتنهدت في حسرة قائلة:

- مكنتش عايزة أصنع عداوات من تاني يوم بس أعمل إيه؟ هم الي أجبروني.

مر على ذهنها فورًا ذاك الشاب الذي ألقى لها النقود في يوم سابق بعد أن كاد يصدمها بسيارته، فأمسكت وجهها وأخذت تتدحرج بغيظ وهي تقول صارة على أسنانها:

- كله بسبب الواد البارد ده، كل ما أفتكره يتعكر مزاجي.. يعني هو الي غلط وكان هيخبطني وفي الآخر يعاملني بالطريقة دي؟ ومش بس كده، كمان يطلع هو نفسه قليل الأدب الي شتمني في المطار! آع عايزة أخنقه بجد! والله ما هعديهاله.

دمعت عيناها قهرًا كما لو كانت طفلًا نبح عليه كلب وقح، لكنها ما لبثت أن تنهدت، ثم هبَّت واقفة وتخصرت راسمة ابتسامة متفائلة على محياها مردفة:

- يلا مش مشكلة، بكره إن شاء الله أحسن.

وخرجت من غرفتها وهي تتراقص مدندنة بصوت متنافر اللحن:

قم وردد كل يوم وانشر اللحن الجديد......بالأماني سوف أحيا سوف أصنع ما أريد
لن أكَلَّ ولن أمل سوف أحلم من جديد

دخلت المطبخ وقالت ببهجة طفولية وهي تقرص بلطف خصر والدتها المنشغلة بالطهي:

- عايزاني أساعدك في حاجة يا بسكوتاية؟

ردت والدتها:

- تعالي أقفي اغسلي المواعين دي.

التفتت خديجة لتجد جبلًا في مغسلة الأطباق فهربت إلى الخارج قائلة:

- انتِ ما صدقتِ؟! كنت بعزم عزومة مراكبية.

نادتها والدتها ضاحكة:

- تعالي هنا يا جزمة.

فأطلت برأسها وقالت بدلال:

- لو قلتِ يا سكرة هاجي.

- هتيجي بالزوق ولا أخلي شبشبي يجيبك؟

- لا خلاص جيت أهو.

دخلت خديجة من فورها وهي تنفخ وجنتيها بضيق طفولي؛ فهي لا تكره بقدر غسيل الأطباق، وشمرت عن ساعديها ثم شرعت تنفذ أمر والدتها، والتي سألتها:

وردة وقطمها جحشHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin