زواج مدبر[الفصل السابع عشر]

Start from the beginning
                                    

وما ان سحبت الموصل الكهربائي حتى دخل رورك إلى المطبخ، وبدون ان تنظر اليه مباشرة لاحظت تيشا انه كان قد حلق ذقته وأعاد إلى شعره بعض التنظيم وارتدى قميصاً بنيا بدا منسجماً مع بنطلونه الفاتح.

وصرحت فوراً بقولها :

- القهوة جاهزة.

ثم نهضت و كبت لنفسها فنجاناً حملته الى حيث الطاولة لكنها لم  تعرض ان تسكب له واحداً.

فسألها

- هل تريدين عصيراً أو خبزاً محمصاً او اي شيء / آخر؟

كلا شكراً

- حسناً، انما لا تأكلي رأسي بتصرفك الثلجي هذا.

استعرت غضباً واجابته :

اذن لا تخاطبني بهذه الحدة ان كنت قضيت الليل تعمل بدل ان تنام فلا تصب جام غضبك علي .

فاخترقت نظرته الهواء كرمح باتر سدده الى عينيها واجاب:

- الاريكة لا يزيد طولها عن خمسة اقدام ونصف قدم و انا، كما هو مسجل في رخصة القيادة، ستة اقدام وانشان .. حاولي ان تنامي في ظرف كهذا!

- الذنب ليس ذنبي .

استند بتكاسل على منضدة المطبخ المستطيلة واجاب وهو يرشف القهوة الساخنة

-حسبما اذكر كنت تنامين على السرير الوحيد في هذا البيت.

-كان بامكانك ان ...

فحثها على المتابعة بهدوء مميت

-كان بامكاني ماذا؟

فنهضت واقفة على عجل وقد توردت وجنتاها بشدة وفيما هي تمر به لتسكب فنجاناً آخر من القهوة تابعت عبارتها قائلة :

-كان بامكانك ان تنام على السرير وتترك لي الأريكة.

فوضع فنجانه جانبا ومد ذراعه فأوقفها امامه، وفجأة عاودها ذلك الشعور بالخواء المؤلم وعينان الداكنتان تتجولان عليها و غمغم مجيباً:

- اوكان بامكاني أيضاً ان اشاركك السرير.

تلاحقت انفاسها فردت بصعوبة :

لم اقل ذلك.

لكني لو اردت البقاء معك لفعلت اليس كذلك؟

اجتاحتها رعدة حنين لدى سماعها صوته الأجش والحامل في ثناياه رفقا غير منظور ثم احنت رأسها في موافقة خرساء على كلامه.

وتابع رورك :

لو أني فعلت ذلك، لكنت تحاولين هذا الصباح ايجاد طريقة لتربطك بي .

فأحست كأن خنجراً بارداً انغمد في قلبها، وسألته وهي تشمخ برأسها عاليا عن كرامتها الجريحة :

- لهذا السبب لم تفعل ؟ لانك كنت تخشى ان اصبح انثى متطلبة تصر على التصاق بك؟

فقال محذراً اياها بهزة ساخرة من رأسه  :

-لا تتظاهري بخبرة لا تملكين منها شيئاً.

-ما دمت تفضل الفتيات الخبيرات فلماذا كلفت نفسك عناء مغازلتي؟ هل فعلت ذلك لتتأكد فقط من انك لم تفقد براعتك في هذا المضمار؟

اجابها بلطف:

-كلا، لكن الانثى عندما تصبح ناعمة ومطواعة مع الرجل، يكون رد فعله غريزياً. وعلى الرغم من لسانك اللاسع يا حمراء، فأنت امرأة مثيرة ..

-على الأقل انت لا تراني بغيضة كلياً.

-انا لا اراك بغيضة والحقيقة ان العكس هو الصحيح.

-انك تتكلم في دوائر فلا أفهم شيئاً مما تقول ... فمرة تزعم أني ساذجة جداً بالنسبة إلى خبرتك ومرة ثانية تعطيني انطباعاً بانك تريدني . أن تستقر على رأي واحد؟ الا  تقدر؟

-اجل اقدر

لفظ الكلمة الثانية مشددة وتابع :

- ولكن ما مدى قدرتك انت؟ ما هو شعورك الحقيقي تجاهي؟

انا اكرهك الآن !

صحيح! فانت كنت ستسمحين في في الليلة الماضية...

اكتنفتها الحسرة فاطلقت تنهيدة بائسة وقد بدأ غضبها يتبخر.

تأملت وجهه بعينين ضائعتين، وفي تعبير وجهها عاصفة صغيرة من الحيلة العاجزة، وغمغمت:

امر غير معقول اليس كذلك؟

فأنا اكرهك وفي الوقت نفسه... وعلقت بقية العبارة في حلقها فحذرها رورك :

-على مهلك....اختفى البريق الساخر في عينيه وحلت مكانه نيران قاتمة، لا تقولي شيئاً لاني قد اتمسك بأي اعتراف يصدر منك.

لكن تيشا لم تكن متأكدة من نوعية ذلك الاعتراف، فالحب لا يعقل ان يحدث بهذه السرعة ولا ان يترك لها مجالاً لأن تشعر تجاهه بكل هذه العدائية الملتهبة.

وتكلمت اخيراً بعذوبة.

- رورك اننا نمثل بشكل او بآخر، اتحاداً قابلا للاحتراق

-اوافقك على هذا كل الموافقة.

واشرق وجهه بابتسامة عريضة عززت بريق الرضى في عينيه وغمغم سعيداً:

-صباح الخير يا تيشا اعتقد اني لم اصبحك بعد هل فعلت؟

- لا

ابتسمت ووجهها مدفون في حنانه وقد توقفت عن الاهتمام بردود فعلها التكافؤية تجاهه ارجعت رأسها إلى الخلف كي تنظر الى محياه وتقول:

- هل تتصرف دائماً كدب عجوز نكد عندما تستيقظ من النوم صباحاً؟

فرد مبتسماً ونظرة عينيه الماكرة تذيب مفاصل ساقيها :

- فقط عندما تكون لدي فتاة تتجول في بيجامتي وفي غرفة نومي.

وفجأة سمعا طقطقة في قفل الباب واحست تيشا برورك يتقلص الى جانبها ادارت رأسها باستغراب ونظرت صوب الباب الموصل الى المرآب فانتابتها صدمة جعلتها تتجمد للحظة كاملة بلا حراك، ثم انتزعت نفسها بوجل من بين ذراعي رورك وهتفت بصوت رفيع لشدة انذهالها.

أبي!


[مكتملة ☑] متيم بكWhere stories live. Discover now