دجاجة بين جلاديها!!

268 11 12
                                    

عندما إنتهينا من وجبة الفطور أبلغنا كل من أبي و أمي أننا سنمضي المساء كله في صيد السمك عند البحيرة، فعلينا بالتأهب و جمع الأغراض الضرورية، إن كل من إخوتي و أنا فرحنا لذلك كثيرا، دك أن مثل هذه الخرجات تسلينا فنسعد بها.

قال أخي معدلا في منكبيه و إبتسامة واسعة تغطي وجه: ماما، بابا، إذا كنتم تخططون لإصطحاب أي نوع من اللحوم من أجل الطهي، فأقول لكم لا حاجة لنا لذلك، دعوا الأمر لي، و لأصطادن لكم قرشا سمينا لوجبة الغداء.

لقد نطق بهذه الكلمات و معالم الثقة و اليقين بأنه سيصطاد سمكة قرش تعلوا وجهه.

قلت مقاطعا إياه: هل جن جنونك أم مادا؟ ههه سمكت قرش، و أين؟ في نهر، اه يالك من فيلسوف يا هذا.

-وما دخلك أنت يا فزاعة العصافير في الحقول، إذا قاطعتي مرة أخرى بتدخلاتك البلهاء هذه، فسأجعل منك طعاما تنهشه الأسماك.

-حاول إن إستطعت.

قالت أمي مستأة: هيه، كفاكم قصفا لبعضكم البعض بهذه العبارات.

قال أخي: هو الذي بدأني يا ماما، فما شأنه أن أقول أنني سأصطاد سمكة قرش في النهر أو حتى كلبا في البحر، إن ما أقوله هو شأني، فلا دخل له.

قلت في نفسي محتقرا تدخله هذا: "ثم يضيف على غبائه الكثير فيقول كلبا في البحر".

لم يدم الحوار طويلا فقد قمنا أنا و إخوتي عن الطاولة و إتجه كل فرد منا لضم أغراضه و وضعها في حقيبته الخاصة، أما أمي فقد بقيت قليلا ريتم تجمع الصحون و تنظيف الطاولة مع أبي، الذي كان غالبا ما يساعدها في ذلك.

و ها أنت دا يا عزيزي بعد أن جهزنا أمتعتنا ترى أمي على عتبة الباب ممسكة بسلة الأكل، متأنقة كل الأناقة بقبعتها السوداء التي تتجنبها ريشة بيضاء كبيرة، إنها تبدوا بتنورتها الزرقاء و قميصها الأبيض كأميرة من أميرات العصر الفيكتوري، في حين أن قدميها كان يعتليان حذاءا أسود براق.

أما فيما يتعلق بي و أبي و إخوتي فسأدع لمخيلتكم الحرية في إختيار الملابس التي تراها مناسبة لهذا المشهد الرومانسي، كل مايمكن أن أشير إليه هنا هو أنني أنا و أخي كنا نحمل على أعناقنا أسلحتنا الخاصة، أقصد السلاح الذي لا يوجد أي طفل في الريف إلى و إستعمله، نعم يا سادتي هو "المقلاع".

و لما أنني لم أصف لكم من قبل المنظر الساحر الذي يحيط الطريق المفضية إلى الباب الكبير للمنزل، و هي باب خارجية تحد حديقة منزلنا، فدعوني أغير طريقة السرد فأصور لكم المنظر كما يعرض على مخيلتي الأن.

إبتداءا من نهاية الدرج الذي يجعلك خارج فناء المنزل، يوجد سياج على يمينك و يسارك يحدان طريقا تربط بين الباب الخارجي و درج الفناء، وهذا الطريق هو طريق أصطف بقطع مستطيلة من الخشب، فهو لدلك طريق خشبي، أما إذا ألقيت بعينيك إلى جهة اليمين من السياج فستشهد سنفونية من نباتات ذات ألوان مختلفة، فأنت ترى هنا حوضا يأخذ من نبات النعناع و خضرته غطاءا يتوشح به، وآخر يتخذ من الفراولة زينة يسحر بها الناظر إليه، و ثالثا يستمد من القرع لونه الأحمر الخجول، إن هذه الجهة من السياج لا تضم إلى نباتات ذات طول متوسط و قصير.....وجه الأن نظرك إلى اليسار، ترى أشجارا وزعت كما يوزع فريق ألكسترا على ساحة مسرح دهبي، فالبرتقال هو قائد الأولكسترا، و الكرز عازف الكمان، و المشمش نافخ البوق... إلى آخره يا عزيزي القرئ، إنها حقا لوحة فنية لايوجد لها مثيل، يكفي أن تنظر إليها بل و فقط أن تتخيلها حتى تجرفك مياه العاطفة، و يملأ قلبك رغبة في معانقة كل نوع من هذه الأنواع المتألقة بهندامها الذي يغلب عليه اللون الأخضر، الفاتح و الغامق، إن الإنسان وسط هكدا عالم خلاب لا يسعه إلى أن يكون كائنا محايدا من ناحية الإحساسات، إن نوعا من السلم و السكون الطيب يستقر على قلبه، فيتقلس شعوره بقلق الحياة، و مشاغلها التي ترهق الروح و الفؤاد.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Oct 16, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

بحت عن السعادة!!Where stories live. Discover now