الفصل|03

113 12 4
                                    

لم ينشب حفلٌ كلاميّ بينهما منذُ تلك الحادِثة؛ اللّحظة الذي فقَدت فيها شفتَي صوفي عُذريتهما. تفهّم نواه ذَلك ولم يُرد البدء مذ أنها تتهرّب إن جُمعا بمكانٍ واحِد.

نابَ القمرُ فكانت صوفي تُميتُ الوقت بالحِياكَة مفترشة الأرضَ قربَ المدفئة الحائطية، وقد غيّرت اللون هذه المرة فصارَ رماديًا.

«أصبَحت سرِيعة

تفاجئت دخوله المفاجىء واِختراقه للصّمت دونَ أي تحذيرٍ مُسبق، فتجمّدت أنامِلها رُعبًا لكنّها سُرعانَ ما تداركت نفسَها.

جلَس بقربِها على الأرض بملابِسه المنزليّة وبيده كوب قهوة، كادَت أن تنسَى أنّه قد تحدث معها لولاَ أنه قد تحرّك ووضع كوب قهوته أمامه.

«أنا أتعلّم

أدَارت وجهها إلى الجهة الأخرى وتنهّدت بعمق، ما حدَث قبلَ يومين لا يزالُ يشغل بالها.

«لكن عملك صارَ متقنا

كادَت أنامله الهيفاء أن تسطوا علَى ما بِيدِها لولا أنها قد تداركت الوضع ورفعته بالسّماء بعيدًا عنه.

«لا! لم أنتَهي بعد

اِستنكرَ ردّة فِعلِها، لكنّه أحبّ خجَلها، لم يكن قط يمتلِكُ ذوقا خاصًا بالإناث، كأن تكونَ جريئة أو خجولَة تحتاجُ إلى حمايَة. لا يُحبّ صوفي لأنها تكون لطيفة عندما تخجل بل يُحب صوفي ذات نفسِها.

«اِنتظِر قلِيلاً

ألقَى مِرساة نظَراته علَى ميناءِ وجهِها، مُستطِيبًا رؤية جانِب وجهِها وهي منهمكَة في وضعِ آخر لمساتِها.

وحينَ كانَ رانِيًا إليهَا، مالت لهُ فجأةً، فتيبّست مكانَها مندهِشة، لم تستصِغ فكرة أنها الوحيدَة التي تتأثر بأقلّ حركة جاهلة أن في قلبه مدينة تحتفل لا يسمعُ ضوضاءها غيرُه.

رفعت عملَها إلى وجهه فكانَ حائلاً بينهما حتّى ينتبه لمَا تريدُ قولَه.

«ما هذا؟»

حمله بيده فبان لَه أنّه قفازٌ رماديّ اللّون، مالَ ثغرها باِبتسامة عرجاء ثمّ تحولت إلى سَعيدة

«إنّه مناسِب حقًا

حرّك أصَابعه وأبدَى إعجابَه به، والبَسمة لَم تُغادِر مَبسَمه، غيّر قِبلَته لها واِلتحَمت نظَراتهما.

فتمتم الهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن