١٧ - 《شاركيني》

Start from the beginning
                                    

مجددا يندم أن موهبته، لم تفلح معها، ولن يعرف أي شيء عن ماضيها قد يساعد، بل ياليته يملك الحق في اقتحامها، وسؤالها عوضا عن تحديقه بها هكذا بمسافة بعيدة، ضبابية، كأنه يتحدث إليها من وراء سد منيع.

لاحظ وضعية يديها والدموع المتحجرة بعينيها، أنين مكتوم داخلها، تحاول أن تخفي حزنها، لم يسعفه عقله غير أن يجلس على الجانب المقابل للمنضدة الخشبية بحيث يكون ظهره يقابل ظهرها، حتى يترك لها مساحة كافية للبكاء، ولكن ما تفاجأ به، إنها قالت بصوت محشرج من الدموع:
- أرجوك... لا تفعل هكذا، هل يمكنك أن تتجاهلني ونتحدث بأمور أخرى، عوضًا عن أن تجعلني مثيرة للشفقة... هكذا.

التفت توماس لها سريعًا كي يستمع إلى أمرها، ولكنه قرر أن يفتش عن حالها أولا، تحرى وجهها الذي تصبغ كله بالأحمر، عيونها السوداء العميقة، كانت في حلِة جديدة، مكتسية بالأحمر وليست غامضة ولا حيوية، بل كعيون محارب خسر توًا معركته أمام عدوه، ويعزم على الانتقام.

انتبهت لتحديق توماس، فشاحت بوجهها ناحية باب المطعم، وقالت وهي تحرك قدميها على حشائش الأرض:
- هل نستأنف الدخول، الآن.

لاحظ نبرتها المترددة، فلم يتيقن إن كانت حقًا تريد الدخول أم إنها تريد التخلص منه، أم أن هذا نابع من شعورها بعدم تحميل الآخرين مشاكلها الشخصية، لذا تابع بنبرة عميقة:
- هل أخبرك أحدًا بأي لقب غير كستناءة؟

ارتسمت ابتسامة خافتة وقالت:
- بالطبع.

فعقد ذراعيه أمام صدره؛ وأخرج ذراعًا لكي يحركه نظارته بكلا أصبعيه وقال:
- مثل؟

-حسنا، كان لقب كستناءة أفضلهم ولكن مثلًا... الفراء الذهبية، وجه الكرة الخشبي....

قاطع حديثها، وأردف بابتسامة مشرقة، قائلًا:
- حسنا يا أوليفيا، إليكِ اللقب الأكثر ملائمة لكِ....

نظرت له أوليفيا تنتظر إجابته ثم قال:
- صاحبة العيون السحرية.

انطلقت ضحكة منها وقالت:
- اعذرني يا توماس، ولكني شعرت بالابتذال... قليلًا.
- كيف؟
- آسفة ولكن المعنى مضحك بعض الشيء...
- وما هو المعنى الذي فهمتيه؟
- أن عيوني تسحر كل من يراها و....

انطلقت ضحكة منه هو الآخر، ثم نظر لها، وقال بنبرة عميقة:
- أي أنكِ تمتلكين عيونًا، تتحول بشكل غريب بفعل قوة سحرية، تارة تصبحين غامضة وتارة شائكة وأخرى حيوية ومشرقة...

قاطعته، بقولها:
- حسنًا، أي العيون تتمنى ألا تراني بها؟ أعتقد... ربما.... العيون ال...

فقاطعها توماس، سريعًا بقوله:
- بل فقط... أتمنى أن أرى عينيكِ مطمئنة... آمنة.

كانت حروفه لها أثرها الكبير في نفسها، تتساءل عن كيفية تنمق كلماته بل  كيف يمكنه إحراز الأهداف فقط؟  لم يحد ولا مرة أن يلتمس بكلماته، جروحها بتلطف بالغ! هناك أشخاص تنبش الجروح بوحشية وتخلف ورائها ندوب أعمق وهناك أشخاص مثله، تعرف أن تلمس الجرح وتخفف عنه، كضمادة علاج فورية.

مِذياع توماس.✓Where stories live. Discover now