Part 4

54 24 6
                                    


وضعت صُدفة يدها مسرعة على فمها بعدما استوعبت ماذا قالت ولعنت تلقائيتها التي تحدثت بها في نفسها ثم حاولت تعديل موقفها العشوائي قائلة:

- أنا آسفة بجد أنا مقصدش اتكلم كدا والله أنا تلقائية بس و و

قطع كلامها الضحكات العالية التي صدرت من محمد بعدما كان مصدومًا ومندهشًا من ما قالتهُ سابقًا فحاول السيطرة على نفسة ثم قال:

= إهدي إهدي مالك في إي محصلش حاجة خالص، أنا أبقى ساكن هنا في الشقة دي مع والدي ووالدتي ولحُسن الحظ شكلنا كدا طلعنا جيران، ثُم إن التلقائية دي حلوة جدًا ف مفيش أي داعي تعتذري عليها

رمشت صُدفة عدة مرَّات وهي تحاول تصديق أن الذي أمامها الآن هو طبيبها النفسي الهادئ الذي كانت معه، فهذا المحمد الذي أمامها شخصية مُنافية تمامًا لما كان عليه في عيادته. فهي متأكدة أنه لو كان قام بتغيير ملابسه لقالت في نفسها أن هذا يمكن أن يكون أخاه التوأم وليس محمد بنفسه فأسلوبة في الحديث الآن أيضًا غير رزين كما كان سابقًا فالآن هو يضحك ويقهقه، حاولت إبعاد هذه الأفكار حاليًا عن عقلها ثم ردت قائلة وهي تحاول إزالة توترها: 

- آه تمام شكرًا لحضرتك

رفع محمد حاجبه الأيمن وهو يبتسم لها ثم قال:

= مفيش داعي تقولي حضرتك هنا، أنا بتكلم بشكل رسمي في الشغل بس غير كدا أنا بتعامل بطبيعتي عادي واحنا كمان طلعنا جيران ف مش لازم الجدية في التعامل بردو

نظرت له صُدفة وهي تحاول عدم إبداء ضيقها من حديثة عن عدم التعامل بجدية معه فهو مهما كان مايزال غريبًا عنها حتى وإن كان جارها ثم أردفت قائلة:

- أنا بفضل يكون في جدية بس معقولة يعني تعامل شخص غريب لغريب بردو، إحنا لسا منعرفش حاجة عن بعض على الأقل هتعامل هنا إنك جاري عادي وفي العيادة الدكتور بتاعي والتعامل هيكون زي ما بيقولوا صباح الخير يا جاري إنت في حالك وأنا في حالي

ثم أشاحت بنظرها وهي تقوم بفتح الباب غير منتظرة رده على حديثها فهو وللمرة الثانية يتحدث عن التعامل معه بأريحية وهو غريب لا تعرف عنه شيئًا، وما إن فتحت حتى نظرت بإستعجاب للتي تتحدث مع أمها ويضحكان سويًا فلاحظت جيهان صُدفة واقفة على الباب و خلفها محمد فأردفت قائلة:

" إي يا صُدفة يا حبيبتي رنيت عليكي فقفلتي

ردت صُدفة عليها وهي تقول:

- كنت في الأسانسير يا حبيبتي عشان كدا قفلت

ردت عليها جيهان وهي مبتسمة وتقول:

" ماشي يا حبيبتي، حمدالله على سلامتك تعالي سلِّمي على طنط صفيَّة جارتنا في الشقة اللي جنبنا على طول دي

ردت صُدفة وهي متعجبة فهي حتى الآن تعرفت تقريبًا على كل أفراد الأسرة التي تعيش في الشقَّة المجاورة لشقتهم بمحض الصُدفة قائلة:

عِندما يتبَدد الظَّلامْ Where stories live. Discover now