صمتت برهة و أكملت :
_هل أخبر  المدير الجميع بما فعتله معه أمس؟
_أكنتِ الملثم الذي هجم عليه؟!
_ملثم؟.. كلا.. يبدو أن هناك سوء فهم
_سمعت أن أمس حدث هجوم على السيد المدير هنا بالشركة عند أنصراف الجميع، و أن المهاجم كان ملثم، و حذر المدير من تحميلك فوق طاقتك أو أزعاجك، و يبدو...

أقتحم المدير الحجرة فجأة و في أنفعال واضح قال :
_أعطيني ملفات الصفقات التى أعطيتها لكِ، و أعملي على الأول فقط

رفعت {حور} حاجبيها بتعجب و أستنكار من أقتحامه للمكتب على هذا النحو، لكنها فضلت أن تصمت و جلبت الملفات من أحد أدراج مكتبها، ثم ناولتها للمدير الذي أمسكها سريعًا و أنصرف!
نظرت {فاطمة} ل {حور} بدهشة ،ثم لم تتمالك نفسها و ضحكت و قالت :
_أين كان ذلك الملثم منذ زمن

ضحكت {حور} و قالت :
_ليته ظهر منذ فترة، أخبريني يا فاطمة، ألم يقل شئ أخر عني؟
_عن من تتحدثين؟
_عن الملثم!
_آه، بلى، أخبر المدير أنه لو حدث لكِ شئ أو أصيبت بمكروه داخل الشركة، لن يرحمه

تعجبت {حور} و داعبت القلم القابع بين يديها و هي شاردة، أبتسمت {فاطمة} في هدوء و سرعان ما أنصرفت
بينما أرتسمت أبتسامة هادئة على ثغر {حور} ، ضحكت و بدأت العمل و هي تقول :
_ليتني أستطيع روئيته و هو يهدد المدير
              
مرت الأيام و أصبحت {حور} أكثر أنتاجًا عن ذي قبل و نشاطًا أيضًا، لقد أستعادت حريتها المسلوبة في العمل، لكن أمر الملثم كان يشغل بالها، من هو؟ من أين يعرفها؟
سرعان ما نفضت أفكارها و أغلقت باب منزلها، لم تبدل ملابسها كالعادة و أمسكت هاتفها و هي تتصفح مواقع التواصل الأجتماعي، لاحظت تحدث الناس عن مكان ما
و كالعادة، ظلوا ينهالوا بالأساطير و الخرافات، لكن ما جذب أنتباهها هو قول أحدهم أن في نقطة محددة من ذلك المكان ، تنخفض جاذبية الأرض، و يذهب الإنسان إلى مملكة ما

ضحكت عندما تذكرت قرأتها لأحد الروايات، و كانت مشابهة لهذا القول، وضعت هاتفها جانبًا، ظلت تتأمل السقف،و  سرعان ما قرر عقلها الذهاب للنوم

حروب، شقيق، قريب، بعيد، عدو، اغتيال، خطف، نهب، خيول، صراخ، عائلة!

صرخت {حور} عندما أستيقظت من نومها، كانت تتصبب عرقًا ،أبتلعت غصتها و نظرت حولها سريعًا، هي فوق فراشها!
ظلت تلهث لفترة ، نهضت و أقامت فرضها و حاولت عدم التركيز في ذلك الحلم، لم تستطع البقاء في المنزل، فبدلت ملابسها سريعًا، و تركت هاتفها ، و هبطت للسير، عل بالها يهدئ، و لكن الأمر أنعكس ،عندما رأت الطفلان الذان كانا يلعقان المثلاجات!
كانا يقفزان و يلعبان بالحديقة، كانت تشعر أنها رأت ذلك المشهد قبلاً، لكن..
أين؟
أستندت على أحد المقاعد و أمسكت رأسها، و سرعان ما لاحظت أن الساعة قاربت على 8 و النصف، ستتأخر عن عملها!
أسرعت الخطى للشركة، لم تكن بعيدة ولا قريبة، لكن عجز عقلها عن إيجاد وسيلة الوصول سوى السير، كان مشتت مثل صاحبته
دلفت للشركة و كادت أن تخطو جهة مكتبها، لولا صوت {فاطمة} الذي أوقفها :
_حور؟
مالذي جاء بيكِ إلى الشركة؟

نظرت {حور} لها بتعجب، لكنها صُدمت عندما أكملت :
_اليوم الجمعة، أنه إجازة

فتحت {حور} ثغرها و قالت :
_أليس اليوم هو الخميس؟
_كلا، أنظري بهاتفك

أخرجت هاتفها سريعًا و نظرت به، نعم، أنه الجمعة!
لكن.. لكن..
ماذا يحدث؟!
نظرت لها {فاطمة} بقلق و سألت :
_ألم يخفف المدير ضغط العمل عنكِ؟
_بلى، بلى
_أعتقد أنكِ لم تنامي جيدًا أمس
_ر. ربما

نظرت {حور} إلى {فاطمة} و سألتها :
_لكن، ماذا جاء بيكِ إلى هنا؟
_كنت أسير بالجوار عندما رأيتك تدلفين للشركة
_أعتقد أنني منهكة
_ربما يجدر بيكِ العودة للمنزل الأن

هزت {حور} رأسها و خرجت و هي شاردة، ظلت تسير و تفكر، مالذي يحدث بالضبط؟
دلفت لمنزلها و تركت الباب مفتوحًا، و لم تنتبه لذلك، جلست على الأريكة بإنهاك، مشتتة ،مذبذبة ،حائرة
لمحت فجأة حركة بالخارج، لا تعلم لِما، لكنها أسرعت تخرج من المنزل، ظلت تركض خلف ذلك الظل في شوارع المدينة  و للعجب لم تكن متعبة، لكنها توقفت فجأة عندما شعرت أن المنازل حولها مهجورة، مهددة بالسقوط، تحركت ببطئ و قلق، لكن ما إن لمحت الظل ،حتى تناست أين هي ،نعم عزيزي القارئ، هي بتلك المكان الذى يثير مواقع التواصل الأجتماعي، و يدور حوله الخرافات، و ربما لا...
صعدت فوق أحدى المباني تابعة للظل، لكنها لم تجد شيئًا
لكنها شعرت بالقلق عندما بدأت تشعر بخفة جسدها، و بدأت قدميها تبتعد عن السطح، حتى صارت تسبح في الهواء!
لم تكن خرافات!
لم تكن شائعات!
لم تكن مجرد أفتراضات!
كانت حقيقة!
و الأن..
أصبحت واقع!
شعرت فجأة بالأختناق، و بدأ وجهها يتحول للون الأزرق
حتى شعرت أن هناك أحد يريد قتلها
لكن فجأة شعرت بأحدهم يضع شئ ذو شكل دائري على وجهها، فأصبحت أنفاسها منتظمة ألتفتت حولها، لكنها لم تجد أحد، ظلت ترتفع حتى توقفت أمام بوابة، مزخرفة بطريقة مخيفة، أبتلعت غصتها و هي تحاول التماسك
فُتحت البوابة و دفع الهواء {حور}  للدخول
و ما أن دلفت، حتى سقطت أرضًا ،نزعت الشكل الدائري من على وجهها و نظرت حولها، كان قرية، فقيرة على ما يبدو، نهضت بتثاقل و بدأت تسير و هي تلتفت حولها
كانت المزارع تكثر بتلك المنطقة، و الجميع يرتدون ملابس المُزارعين و يعملون بمضض
لم تفهم سر ذلك الأنزعاج على وجههم، لكنها لم تبالي
ظلت تسير و تسير، إلى أن سمعت صوت وقع أقدام، لكنه لم يكن لبشر، لم تعرف مَن المصدر لذلك الضجيج، فالتفتت عندما شعرت أن الصوت أتي من خلفها، و سقط قلبها بين قدميها عندما رأت فرقة من الفرسان، يمتطون خيول ذو لون أزرق شديد الدكونة ، و يرتدون ملابس ممثالة في اللون، لم يكن المشهد المهيب هو سبب ذعرها، كان السبب هو المسافة التى تفرقها بين أول الخيول و بينها، كانت مسافة متر!
و...
يتابع

مملكة أفابيلWhere stories live. Discover now