من أنا ؟

319 9 0
                                    

"ربما ليس مكاني، ربما ليس زماني ،ربما ليس وطني!"

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

جلست {حور} فوق مكتبها بأحدى شركات الأثاث العالمية، ظلت تعمل في ألية و هدوء، كانت هادئة و يديها تتحرك فوق لوح الحاسب الألي بخفة، دق الباب، فأذنت للطارق بالدلوف ،دلفت سيدة في منتصف عقدها الرابع، ذات ملامح ودودة ،وضعت فوق مكتب {حور} كوب من الشاي الأخضر و قالت :
_صباح الخير يا أنسة حور
أبتسمت {حور} بمرح و قالت :
_صباح الخير يا فاطمة، لا تعلمين كم كنت أتوق لشرب الشاي الأخضر منذ دلوفي للمكتب
ضحكت {فاطمة} و قالت :
_أعذريني كنت مشغولة بطلبات السيد المدير و ضيوفه
_ضيوفه؟
_نعم، لدى السيد المدير ضيوف، يجلسون معه لما يقارب النصف ساعة
هزت {حور} رأسها بشرود و ضيق، فأنصرفت {فاطمة} و بقت هي وحيدة في مكتبها، تعلم أنها صفقة جديدة من صفقات المدير التى تنهال على رأسها في نهاية الأمر، لم تكن تلك المشكلة، المشكلة أنه يكلفها الأهتمام بعدة صفقات في ذات الوقت!
عادت أصابعها تنقر فوق لوحة الحاسوب علها تنسي أمر الصفقة الجديدة، لكن كان للمدير رأى أخر، فقد دلف مع سكرتيرته و جلس فوق المقعد القابع أمام مكتب {حور}
و قال و هو يلقي ملف فوق المكتب :
_هذه صفقة جديدة و..
قاطعته {حور} بصرامة لم يعهدها منه :
_لا أعتقد أنني أستطيع قبول الصفقة هذه المرة
توسعت عيون السكرتيرة، بينما ضم المدير حاجبيه بشدة و قال بنبرة أشبه للصياح :
_قبول ؟
عن أي قبول تتحدثين! هذا ليس طلب و أنم..

أختفى بقيت العبارة عندما قاطعته {حور} بقليل من الصرامة :
_أستاذ فادي!
أعتقد أنك سلمتني أكثر من ثلاث صفقات و عليّ أنهائهم في أقل من شهر، و لم أعترض ،لكن أنا بشر، و لدي طاقة، و ليس لأنني أتعامل مع ﷲ - عز و جل - في عملي أن تعطيني فوق طاقتي
_ألديكِ أعتراض؟!

علمت أن الهدوء لن ينفع معه، لذلك تحدثت بحدة :
_بالطبع، إن أصررت على قبولي لتلك الصفقة، فأعتبرني منذ هذه اللحظة مستقيلة!

و هنا ،أرتبك {فادي}، يعلم أن ليس هناك أحد في الشركة يعمل مثل {حور}، و لو ذهبت و تركت الشركة، يعني ذلك أنهيار الشركة!
حاول أن يبدو هادئ و هو ينهض و يقول :
_حسنًا يا أنسة حور، لكن لا تعتادي على ذلك

و سرعان ما أنصرف قبل أن تبرز رجفة جسده، بينما أبتسمت {حور} في أنتصار، تعلم تمام العلم، أنه لن يجرئ على رفدها من الشركة، لكن سرعان ما عادت تتابع عملها في هدوء

{حور} فتاة تقطن في حي هادئ، تمتلك منزل صغير، رغم نقودها التى تملئ البنك، لكنها ترى أنه لا داعي للسكن بمنزل ضخم ما لم تكن له حاجة، أو لنقل حتى لا يكون صعب التنظيف، هي مرحة، ودودة، لكن لم تجد من يقدر ذلك - بأستثناء {فاطمة} - فأصبحت شخصيتها شبه باردة، تنتظر فقد من يخرجها من ظلام الذي يعم الناس حولها

عادت لمنزلها و أغلقت الباب و ألقت مفاتيحها فوق الطاولة في إرهاق واضح، ركض قطها إليها، فأبتسمت و ملست عليه، ثم ءهبت لتبدل ثيابها و أمسكت بمصحفها تتلو ما يُسر لها من القرآن إلى ما يقارب الساعتين، ثم أغلقته بهدوء و هي تتنهد براحة، أعدت غدائها و تناولته، ثم خرجت للشرفة و في يدها كوب عصير، جلست تتأمل الشوارع الهادئة، شردت ببصرها، لا أحد يعلم أنها تربت بملجئ، ليس لديها أشقاء أو أصدقاء، أو أقارب، لكن في ذات الوقت، تشعر و كأن هناك حلقة مفقودة من حياتها، كأن هناك شئ مُسح من ذاكرتها
ذلك الشعور يراودها منذ أن بدأت العمل بتلك الشركة التى تمقتها، تناست أمر الشركة عندما شاهدت طفلين يقفزان في الهواء في منتصف الشارع و هما يلعقان المثلاجات القابعة بين أصابعهم ،أبتسمت بلطف، ثم أنهت عصيرها و دلفت لغرفة نومها...
                                   ~~~~~
عادت في اليوم التالي لتلك الشركة التى تمقت مديرها، لكن راتبها مجزي و من الصعب أن تجد شركة بنفس تلك المقاومات، دلفت و لكنها تعجبت عندما ألتفت الجميع لها و بدأ الهمس ، رفعت حجبيها في دهشة، لكن سرعان ما خطت الخطى اتجاه مكتبها، ظلت منتظرة {فاطمة} لتأتي بمشروبها المعتاد - و بالأخبار أيضًا - و لم يطل أنتظارها، فقد دلفت {فاطمة} لحجرة المكتب و أغلقت الباب خلفها، وضعت الكوب فوق المكتب و قالت :
_صباح الخير يا عزيزتي حور
أبتسمت {حور}  و أجابت :
_صباح النور يا فاطمة، مالذي يحدث بالأسفل؟
شعرت بحالة هرج و مرج، و الأعجب أن الجميع كانوا ينظرون إلي!

مملكة أفابيلWhere stories live. Discover now