لا تلعبي بالنار [فصل ثالث]

Start from the beginning
                                    

كان طولها خمـسة اقدام وست انشات لكنها اضطرت لأن ترفع رأسها كي تنظر الى وجه الرجل الذي كان طوله ينوف على ستة اقدام وانشين اثنين .

كانت تقاسيمه القوية مكسوة بتعبير جدي الا ان عينيه البنيتين اعطنا انطباعا بأنه كان يبتسم لها أخذ قلبها يخفق في ايقاع سريع واقنعت نفسها ان الخفقات نتيجة لتأثير الحادثة وقال لها " بعد هذا الخطاب المطول العنيف لا يمكن ان تكوني قد أصبت بأذي. "

صوته المنخفض والاجش قليلا كان فيه رنة تبهج السمع لكن تيش لم تلحظ ذلك لشدة سخطها عليه ولذا اجابته محتدة وهزات رأسها الغاضبة تطير شعرها حول كتفيها "وانت لا تشكرني على سلامتي ، فلا بد أنك كنت تسوق حول ذلك المنعطف بسرعة سبعين ميلا . و مع ذلك ينتقد الناس قيادة النساء المتهورة ! "

"لم تصل السبعين ، ولو كانت كذلك لما استطعت ان اتحاشی اصطداما مباشرا . "

فذكرته تيشا في اقتضاب "لو لم تكن مسرعا الى هذا الحد ولو التزمت طريقك لما كنت ضربت سيارتي."

فأجابها وعيناه تحومان بتؤدة على لباسها الأزرق المؤلف من سروال وسترة قطنيين "هذه طريق خاصة لا يستعملها الا سكان الجبل فلم اتوقع ان التقي احدا اطلاقا ."

فأظهرت ازدراءها بعبارته المغرورة وأجابت " هذا ليس تبريرا لقيادتك الرعناء !"

فقال بنعومة وهو يمد يده المسمرة من الشمس ويعتقل مرفقها " انت محقة يا حمراء. تعالي نتفحص الضرر الذي الحقته بسيارتك ."

•يا حمراء : دلالة على شعرها أحمر.

ثم ادارها صوبه قبل ان تشعر بما فعل فسارعت الى جذب ذراعها من قبضته وقد لاحظت كيف رفع احد حاجبيه ساخرا من حركتها .

ألقت نظرة سريعة على شعره البني الرملي والملوح بفعل الشمس وعلى تقاطيع وجهه الوسيم والمنحوتة بجاذبية وخشونة ، فنبهتها تلك النظرة الى كونه رجلا معتادا على تخليص نفسه من المواقف الحرجة بسحره وجاذبيته .

لكنه سوف يكتشف سريعا بأنها ليست من النوع الذي ينخدع باقناعاته المعسولة ، ولذا غلفت وجهها بتعبير جليدي وهي تسير الى جانبه ولدى مروره بسيارتها ليفحصها من الامام ، علق قائلا" انها محشوة بالاغراض ، فهل تنوين الانتقال الى مكان ما في الجوار ؟ "

"هذا شأن يخصني وحدي ."

أجابته بسخرية قاطعة لكن فمه اختلجته بسمة مسلية .

وفكرت تيشا وهي تراقبه يفحص الضرر ، انه في الحقيقة لا يطاق أبدا .

كان يرتدي بزة فخمة من الجلد البني .

تظهر بنيته الرياضية الخالية من السمنة .

اما شعره البني المائل الى الأشقر فكان كثيفا يميل الى التجعد ولكن تمرده بدا منسجها مع المسحة غير المروضة في تصرفاته . . .

وكانت هناك شبه غمازة في ذقنه البارز الذي يؤكد صلابة عنيدة تبدو في سائر قسماته ، اما عمره ، فخمنته تيشا في أواسط الثلاثينات ، ولم تلحظ خاتم زواج حول أصبعه و لكن لا يعني ذلك أنه عازب

" لا  يبدو هناك اي ضرر الا في حاجزك الأمامي" أعلن النتيجة وهو يقفل غطاء المحرك . 

شعر بانها كانت تتفحصه فتألقت عيناه بومضة عليمة حين التقتا عينيها ، وتابع يقول "من السهل تقويم الاعوجاج على يد خبير باصلاح هياكل السيارات ، وان كنت ستمكثين في المنطقة ، فيمكنني تزويدك باسم رجل محلي ليصلحها لك ."

غمغمت بعذوبة فائضة " لا ريب انك احتجت الى خدماته في الماضي  بسببطريقتك في القيادة ."

فاعترف الرجل وبدون أن يعترف في الواقع بأي شيء "لقد استعنت بخدماته في مناسبة أو اثنتين ."

فأجابت بحدة وقد عادت إلى تهجمها السابق "لا أشك في حدوث هذه المناسبات . . . هل تأخذ منه عمولة على الاشغال الكثيرة التي تؤمنها له ؟"

فضاقت عيناه قليلا مما جعل عروقها تنبض بخوف مجهول وأجابها وفمه يتحرك بابتسامة خفية " هذا شأني الخاص ، کا قلت انت قبل قليل ، يا حمراء ."

فتجاهلت توبيخه وقالت محتدة "هذه ثاني مرة تناديني هكدا . . . "

فتألقت عيناه الناظرتان الى احمرار شعرها القائم والذي بدا نحاسيا في وهج الشمس فسألها" هو ليس كذلك؟ما اسمك إذن ؟ "

  ولما رأى تعبير الانغلاق الذي أخذ يتسرب الى وجهها أضاف بسرعة وسخرية "اطلب معرفته لصالح شركة التأمين ، بالطبع . "

ترددت تيشا ولم تشأ ان تخبر هذا الغريب المغرور أي شيء عنها ، وفي الوقت نفسه كانت تعلم انه مضطر بالفعل لذكر اسمها لدى شركة التأمين ، فاعترفت قائلة على رغم منها" باتريشا كالدويل . "

باتريشا .

ردد الاسم مدحرجا اياه في فمه في بطء كما لو انه يتذوق رنته .

ثم احتواها بنظرة اعجاب مفصلة فأحست بشيء من التراخي غير انها رفضت الاستسلام للحرارة المفاجئة التي دبت في أوصالها وخمنت ان معظم النساء كن سينسحر ن بابتسامته لو كن في مكانها . . .

واجابت في برود " الاصدقاء يسمونني تيشا ، ولك ان تناديني الأنسة كالدويل ."

علق وعيناه تتسعان بسخرية "آنسة وليس « بات » اختصارا ، کا تفعل المطالبات بالمساواة الكاملة بين الجنسين ، وقد بدوت لي واحدة منهن ."

فأجابته بأنف شامخ "لا ارغب في التساوي مع الرجل . لا أود الهبوط إلى مستواه !"

فالقى رأسه إلى الخلف وضحك من قلبه وقال " انت فتاة مشاكسة تليقين ببيتر وتشيو !"

فأجابته والشرر يتطاير من عينيها الزيتيتين " وشكرا لشكسبير الذي زوجه من كاتارينا ( بطلة المسرحية المذكورة ) لأني لا ارغب في ان اكون امرأة يروضها رجل أو يسيطر عليها ."

فغمغم وعيناه ما تزالان تضحكان بسخرية " يا للخسارة ! فذلك الترويض قد يكون تحديا مثيرا ."

[مكتملة ☑] متيم بكWhere stories live. Discover now