- حاضر أخي .

قالتها ثم دخلت مسرعة إلى مكان أمها تساعدها في إعداد صينية القهوة دون أن تنطق بكلمة فقد رأت في وجه أمها علامات الغضب التي لا زالت واضحة منذ كلام البارحة خاصة و قد حذرتها بتلك النظرة .

خرجت -حفصة- من البيت تجر خرفانها و تجر من ورائها خيبتها بالقدر المحتوم الذي تعيشه و الذي قضى على أصغر و أول أمل كانت قد تمسكت به في حياتها ، فها هم الآن في المنزل يستعدون لملاقات أهل العريس و ها هي الآن مضطرة لأن تصبح العروس .

كانت تفكر بكل هذا و هي تمشي على تلال القرية و الخرفان تأكل من العشب فلم تدرك أنها قد وصلت لآخر التل وكانت ستقع بسبب شرودها فأخذت تصرخ إمرأة من ورائها و أمسكت بها في آخر دقيقة .

شعرت حفصة بالرعب و عندما إستدارت لمحت وجه المرأة و تعرفت عليها فأخذت تهدأ من روعها و تستوعب أين هي .

قالت لها المرأة الجميلة ذات الشعر المكشوف و الملموم بعناية و التي كانت ترتدي ثياب غريبة و بعيدة كل البعد عن الزي الرسمي لنساء القرية فكانت تشبه بالكثير نساء المدينة و بالقليل نساء الغرب :

- ما بكِ حفصة ؟ أين كان عقلك شارد كدت أن تقعين من التل ؟ هل أنت بخير ؟

- نعم أنا بخير لم أنتبه فقط .

- لم تنتبهي !! أمتأكدة أنك بخير هل كل أفراد عائلتك بأفضل حال ؟.

- نعم أخت -حليمة- كل عائلتي بخير .. يجب أن أذهب .. شكرا لكِ على إنقاضي .

كانت بصدد الرحيل فأمسكتها -حليمة- من معصمها و قالت لها :

- لماذا تتكلمين معي برسمية و لما تريدين الرحيل فورا ؟ هل فعلت شيئا أذاكي ؟

- لا .. لا لست غاضبة أنا فقط أريد الرحيل فلا زال بإنتظاري عملا كثيرا .

قالت -حليمة- بحيرة :

- لا تضني أنني لا أعرفك حفصة فأنت مثل أختي التي لم تأتي لهذه الحياة و المدة التي قضيتتها في لقائك جعلتني أعرفك فأصبحت مثل الأخت لي لذا قولي لي ما الذي يزعجك ؟

بعد صمت إستمر لدقائق قالت حفصة :

- سيزوجوني .

- ماذا ألم تخبريني أنك تريدين الدراسة ؟

- نحن لا نريد شيئا .. نحن هنا لا نقرر لا نحلم و لا نتمنى أصلا .. هم من يريدون و من يقررون عنا و نحن ما لنا إلا أن نصمت و نرضى و في الأخير نقبل بما كتبه قدرنا .

|| الـروحُ و إِن عَـشقَّـت || "حـفـصـة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن