الفصل السابع: هاوية

Mulai dari awal
                                    

وَغادرَ بهدوءٍ دونَ مبالاةٍ للذِي أمَامه، كَأنّه لَم يَكُن.

مبتَعدًا فقط، دونَ وجهَةٍ محَدّدَة.

وَأثنَاءَ ذلكَ صاحَ الأب قائلاً: «أمّكَ تريدكَ الآنَ وإلّا فستَخرجُ للبحَثِ عنكَ، وقَد أقسَمَت بذلكَ، إن لَم تُرد المَجيئ فقط فالتذهَب لبيتِ أجدادكَ و أخبرهم أنّك سَتسكن منَ اليَوم فصَاعدًا هنَاكَ، هَذا إن قبِلوكَ».

وَراحَ راكبًا سيّارتهُ غيرَ مهتمٍ بردّ الآخَرِ كَيف مَا كَانَ، عائدًا للبيتِ دونَ اكتراثٍ.

توقّف بدرٌ عَن السيرِ نَاظرًا للأرض بشحوبٍ، قائلاً بخفوتٍ وَصوتٍ تعبٍ: «منَ الأول علمتُ أنّهَا كَانَت أمّي، فقط ألهَاته الدرجَة لاَ يُطيقنِي هذَا الكَائن؟»

لَم يَعي بعينَيه اللتين غرقتَا بالدموع وَهوَ يَقُولُ بصَوت مرتَجفٍ: «العَيبُ في مَن أعطاك كلّ ذلكَ الاحترامِ وَسَكتَ عن حقّه، العَيبُ كَان فيّ أنَا الذي قدّركَ منَ الأوّل وصمتَ، لَكن لا بأسَ، لا خَسارَةَ في الأشياء الحَسنَة التي فعلتها، فقط لِيُركَ الله مَا أريتَنِي يَومًا، وَمَا عشتهُ بسببكَ»؛ وَراحَ مبتَعدًا عَن المكان.

دخلَ إبراهيم مَنزلهُ لتُقَابلهُ فاطمةُ بوَجههَا القلقِ، ومَا إن أغلقَ البَابَ وراءه حَتَّى قالت بخَوفٍ: «أينَ هوَ؟»

رمَى إبراهيم مَفاتيحهُ عَلى الطاولة بهدوءٍ ثمّ استدارَ نحوهَا قائلاً ببرودٍ بينَمَا يخلع معطفه: «منَ اليَومِ فصَاعدًا سيسكنُ في بَيتِ أهلكِ»؛ ثمّ أكمَل بِاستفزاز متجَاوزًا إياهَا: «حَتَّى لاَ تخرجَ روحك».

سَكَنَت الأمّ فِي مَكَانهَا تحاولُ كَتمَ الضجيجِ الذي يَحرقُ صدرهَا وَيُبعثرُ نبضهَا، زَفرت الهواء بتعبٍ مغمضَةً عَينَيهَا المغرورقتينِ بوَهنٍ، ناطقَةً بِصَوتٍ مرتعشٍ: «أرجُوكَ رَبّي أعنّي وَلا تُعن علي، أنصرنِي وَلاَ تنصر عليّ، احفظ ابنِي واسترهُ، يا رَب، يَا رَب».

وَأكمَلت الدعاءَ بَاكيَةً بحرقَةٍ، كاتمَةً لشهقاتهَا عن طريق كَف يسرَاهَا، تحاول أن لا تنهار مَهمَا كلّف الأَمرُ، تفكر في مَصير ابنهَا البعيدِ عن أحضانِ عائلتهِ، تفكر في زَوجهَا شَبيهُ المَرضَى العقليينَ، تفكر فِي مَا سيَحكيهِ عنهَا النَاس عندمَا يسمَعونَ الخبر، وتفكر في الكَثير منَ الأشياء التي تجعلها تتخبط وَسطَ الضوضاء الصاخبَة التي بجَوفها.

قَاطعَ بكَائهَا ذاكَ الجَسَدُ الذي احتواهَا بينَ أضلعهِ وَغمرهَا بالدفء، وصَوتُ صاحبهِ حينَ قالَ بخفوتٍ:

«اهدئي يَا أمي، يُدبرهَا الله، فقط لاَ تحزني كل هذا الحزن، بدر سيكون في أمَان مَعَ جدي وَجدتي، كَذلكَ فلتحمدي الله غاليتي، حَدَث خير، لا شَيْءَ يدعُو للقلقِ، يمكنكِ زيارتهُ وهوَ كَذلكَ عندمَا يسافر والدي أَو عندمَا نذهب للمبيت يوم الجمعَة من كل أسبوع كَكُل مَرة، هيا أرجوكِ كَفى بكَاءً، عَينَاكِ الجَميلتانِ تستحقان أن تُشعا حبًا وَحَنَانًا فقط، الحزنُ لا يليقُ بهَما، حَسَنًا؟»

Kamu telah mencapai bab terakhir yang dipublikasikan.

⏰ Terakhir diperbarui: Feb 15, 2023 ⏰

Tambahkan cerita ini ke Perpustakaan untuk mendapatkan notifikasi saat ada bab baru!

الأبلقTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang