الفصل الثالث والثلاثون

ابدأ من البداية
                                    

اعتدلت فريال وانتصبت واقفة بكل شموخ وهيبة ثم نظرت لمنيرة بعين تدب الرعب في الأوصال وسألتها باستنكار:
_ بقى أنتي رفعتي يدك على ولدي وضربتيه!
رمقتها منيرة بعدم اكتراث وقالت في فظاظة:
_ولدك مترباش وعاوز يتربى من أول وجديد، شكلك معرفتيش تربيه وكان لازم يتربى على اللي قاله
رفعت فريال حاجبها تتصنع الدهشة ثم نزلت بنظرت لابنها وسألته بلهجة ساخرة وهي تضحك:
_صُح أنت عاوز تتربى ياعمار وأنا معرفتش اربيك ياحبيبي!
كان على ثغر معاذ ابتسامة استهزاء وتشفي وهو يرى أمه كيف تقف أمامها بكل قوة وعلى وشك الانقضاض عليها أما عمار فابتسم لا إراديًا بعد عبارة أمه رغم وجهه الممتلئ بالدموع.
رفعت فريال رأسها لمنيرة مرة أخرى وضحكت وهي تقول بنظرات تشبه الأشباح التي عادت من الجحيم:
_طيب إيه رأيك تديني أنتي شوية نصائح في طرق التربية الصحيح طالما شايفة ولدي مترباش وأنا معرفتش اربى.. معلومك أنتي مفيش في تربيتك ولا أخلاقك ياطاهرة
لوت منيرة فمها بقرف وردت عليها بعدم اهتمام:
_أنا مش فايقالك يافريال عاوزة تربي ولدك خديه وربيه بعيد عني
استدارت وهمت بالدخول لغرفتها لكن فريال قبضت على ذراعها بعنف وحدقتها بهدوء مرعب هاتفة بإصرار:
_ابدًا ميصحش لازم نتكلم وتقوليلي قالك إيه، بس تعالي نتكلم چوا على رواق
ثم تحركت فريال ودخلت للغرفة بعد أن دفعت منيرة قبلها للداخل ووقفت أمام الباب وراحت تغلقه وتقول لأولادها بابتسامة شيطانية حتى لا يدخلوا:
_خليكم إهنه ياحبايبي لغاية ما مرت أبوكم تديني نصائح التربية
نظروا الأثنين لبعضهم وهم يضحكوا بخبث وتشفي وتابعوا أمهم وهي تغلق الباب بكل بطء وفور انغلاقه اسرعوا واقتربت منه يضعوا أذنه عليه ليسمعوا كل شيء.
نظرت منيرة لفريال بريبة وراحت تصيح به بعصبية:
_چرالك إيه يافريال اتجنيتي ولا إيه بتقفلي الباب ليه اطلعي برا يلا
رفعت فريال ذراعيها وشمرت عن أكمامها وهي تبتسم لها شرًا وتسألها للمرة الأخيرة:
_قوليلي بقى تاني إكده أنتي عملتي إيه في ولدي وكنتي بتقولي عليه إيه برا
تقهقهرت منيرة للخلف فى قلق بسيط من منظر فريال المريب، أما فريال فلم تنتظر ثانية واحدة وبلحظة وثبت على منيرة وهي تقبض على شعرها وتجذبها منه صارخة بها بهستيريا:
_بقى أنتي ياولية ياعرة بترفعي يدك على ولدي وتقولي عليه مترباش
ارتفع صراخ منيرة بالمنزل كله ولسوء حظها أن المنزل فارغ ولا يوجد سواهم به فلا يوجد أحد لينقذها من بين براثن جموح فريال القاتل.
ألقتها فريال على الأرض وهي مازالت لا تترك شعرها وراحت تجثي فوقها وبيد تمسك بوجهها وتصفعها واليد الأخرى تقبض على شعرها وتصرخ بها بكل غل:
_افتكرتي هدوئي ضعف مني بس أنا كان لازم اجيبك من شعرك وارنك العلقة التمام دي من زمان يا***** .. ده أنا هاخد روحك بيدي ياخطافة الرچالة وخرابة البيوت.. بس اقسم بالله وغلاوة ولادي ما هسيبك في البيت ده تاني وقريب قوي هرميكي أنا بيدي برا زي الكلبة.. نهايتك قربت وهتكون على يدي يا****
كان صراخ منيرة وهي أسفل فريال وتتلقي الصفعات منها يجلجل المنزل بأكملها ومعاذ وعمار بالخارج يسمعون صراخها وأمهم وهي تصيح بها ويبتسمون بفرحة وانتشاء.
بعد وقت طويل نسبيًا تركتها فريال واستقامت واقفة وهي تصرخ به محذرة بعين ملتهبة:
_يدك لو رفعتيها على ولادي تاني ولا لمستي شعرة منهم هقطعالك واصل، اعتبري ده تحذيري الأول ليكي المرة الچاية هكسر ضلوعك
بقت منيرة بالأرض تبكي وتصرخ وشعرها المشعت حولها منظره يثير الضحك والخوف بنفس الوقت أما فريال فنفضت عن يديها وملابسها بقرف ثم ألقت عليها نظرة أخيرة كلها نصر قبل أن تتجه لخارج الغرفة وتفتح الباب وتخرج لأولادها وهي تبتسم لهم وتقول بثقة:
_إيه رأيكم في درس التربية ياعيال؟
ضحكوا بصوت مرتفع ورد عمار متشفيًا:
_حلو قوي ياما احسن تستاهل
ارتفع صوت قهقهتهم ثم عادوا لغرفة والدتهم بالطابق الثاني مجددًا وتركوا منيرة مازالت وسط صراخها المتغاظ وبكائها.
                                      ***
بصباح اليوم التالي بالقاهرة......
فتح عمران باب المنزل ثم التفت ينظر لها بابتسامة دافئة لم تبادله إياها بل كانت تحدق بالمنزل في وجه جامد لا روح فيه، التفت خلفها وأمسك بجانبي المقعد المتحرك الذي تجلس عليه ودفعها للداخل بحرص.
ظل يدفعها بالمقعد حتى وصل لغرفة نومهم، توقف بمنتصف الغرفة ثم التفت لها وعندما نظر في وجهها رأى العبرات تملأ وجنتيها فابتعد خطوتين عنها يجذب المقعد ثم عاد لها مجددًا وجلس أمامها ثم رفع أنامله يكفكف دموعها بحنو هامسًا:
_ليه بتعملي في روحك إكده ياغزالي، الدكتور قال فترة صغيرة وترچعي كيف الأول واحسن
أبعدت يديه عنها ببطء وابتسمت له ساخرة تقول في يأس:
_وممكن مرچعش ياعمران وافضل على الكرسي ده لآخر عمري
اقترب بمقعده منها أكثر ومد يديه ليمسك بكفها يحتضنه بين قبضته باحتواء متمتمًا في حنو يملأ نبرته ومعالمه الرجولية الجذابة:
_متقوليش إكده تاني.. ربنا قادر على كل شيء وخليكي واثقة فيه ومع العلاچ وايمانك في ربنا هترچعي تقفي تاني وأنا چارك مش هسيبك لحظة واحدة
سحبت يدها من قبضته ببطء وقالت له بعبوس وهي تلوي فمها ساخرة:
_مش يمكن تزهق مني وتسيبني محدش عارف إيه الي ممكن يحُصل ولا إيه يتغير، في يوم وليلة الحال بيتغير واديني قصادك أهو!
تنهد الصعداء مغلوبًا ونظر لها يقول بضيق ملحوظ:
_آسيا أنا لو كنت عاوز اسيبك كنت سبتك من زمان، أنا بقيت حاسس أني شايف واحدة معرفهاش قصادي لا ده كلامك ولا تفكيرك
أشاحت بوجهها للجانب وقالت بألم:
_ وضعي الأول حاچة ودلوك حاچة تاني
أطلق تنهيدة حارة وطويلة، ثم رفع أنامله ووضعها أسفل ذقنها يدير وجهها نحوه مجددًا ويثبت نظره في عيناها يتمتم ببحة رجولية ساحرة:
_أنا مش شايف اختلاف لساتك كيف ما أنتي متغيرتيش
ابتسمت له بحزن مستنكرة محاولاته لأثبات تعلقه ورغبته الحقيقة بها، وعادت تشيح بوجهها مرة أخرى عنه وهي تجاهد في عدم انهمار عبراتها مرة أخرى، لكنها سمعته يسألها بجدية تامة:
_لو أنا مكانك وحصل معايا إكده كنتي هتهمليني وتمشي ولا تفضلي چاري
نظرت له مطولًا بعيناها الدامعة دون رد، كان صمتها خير إجابة على سؤاله بأنها أبدًا لن تتركه، ابتسم بعدما فهم ردها من خلال نظراتها وعاد يسألها مرة أخرى بلهجة استنكارية:
_لما أنتي مش واثقة فيا ومش عاوزاني ليه قولتي لناسك أنا مش هسيب چوزي وممشتيش معاهم!
سقطت دموعها رغمًا عنها وقالت له بقوة وسط انهيارها النفسي:
_عشان أنت عارف زين أن أنا مينفعش ارچعلهم ومليش غيرك
ابتسم لها بعاطفية ثم عاد يجفف لها دموعها مرة أخرى ويتمتم بنبرة تذيب القلب:
_لا عشان كيف ما أنا مهقدرش أسيبك أنتي كمان مهتقدريش، لكن لو كنتي عاوزة ترچعليهم صُح كنتي هترچعي ومكنتش حاچة هتهمك
أجفلت نظراتها عنه باستسلام تام بينما هو فانحنى عليها ولثم جبهتها بقلة دافئة وهو يتمتم:
_بلاش تخلي الشيطان يسيطر عليكي بالكلام الفارغ اللي في راسك ده، واطمني أنا چارك ومش هسيب يدك واصل لغاية ما تعدي الفترة دي وترچعي بصحتك وعافيتك ياغزالي
رفعت عينيها إليه دون أن تجيبه فقط تحدقه بهدوء، مازالت لا يمكنها تقبل وجودها معه بهذا الوضع وهي تعلم أنه لا يحبها وربما فقط يشفق عليها وعلى حالها المزري.
لم تبدي أي اعتراض عندما وجدتها يقربها منه ويضمها بين ذراعيه فتستكين برأسها على صدره الدافيء، ابتسمت بحزن وتركت نفسها المعذبة تتذوق النعيم بين ذراعيه، تسقي روحها المشتاقة لأنفاسه ورائحته الرجولية المُسكرة، قد يكون هذا هو اقصى درجات الحب التي يمكنها الحصول عليها منه، ولا تنكر أنها بحاجة حتى لمجرد عناق منه ليبث الطمأنينة لقلبها الخائف.
                                     ***
بتمام الساعة السادسة مساءًا.. بعد عدوة الجميع للمنزل كل منهم ذهب لغرفته ليرتاح من السفر الطويل، أما جلال فقاد خطواته المتعثرة نحو غرفة فريال، وقف أمام الباب للحظات وهو يزفر بحزن يفكر كيف سيبرر لها ما فعله.. وكيف يجعلها تسامحه، هو يعرف أن لا يوجد لديها فرصة أخرى للغفران لكنه لن يتخلى عنها سيظل يحاول حتى تسامحه.
فتح الباب ببطء بعد تفكيره الطويل ودخل ثم اغلقه خلفه وعندما التفت رآها نائمة في الفراش بثبات عميق، فأطلق تنهيدة طويلة ثم تحرك نحوها بهدوء تام، وجلس على طرف الفراش بجوارها بينما هي فكانت نائمة على جنبها الأيمن وتولي ظهرها للباب.
شعرت به وبوجوده بجوارها لكن لم تتحرك وتصنعت النوم، ليس تعبًا لكنها لم تكن حتى ترغب برؤية وجهه ولا مخاطبته، بينما هو فظل يتمعن بها مطولًا في أعين متلألأة بالعبرات، نفورها وكرهها له يقتله بالبطيء، اشتاق لها ولحبها ونظراتها العاشقة له.. ليتها تدرك وتفهم مدى عشقه الجنوني لها.
انحنى عليها من الخلف وراح يلثم شعرها ورأسها بعدة قبلات متتالية وطويلة يبث بها كل أسفه وندمه على ما فعله بها، كانت قبلاته تتحدث بدلًا عن شفتيه وتسألها الغفران، شعر بوغزة لا إرادية في جسدها عندما لمستها شفتيه فعرف أنها ليست نائمة، رفع جسده عنه واعتدل في جلسته ثم راح يتحدث إليها بصوت مبحوح وضائع:
_سامحيني يافريال أنتي عارفة أني لا يمكن واحدة تاخد مكانك في قلبي ولا المس ست بإرادتي، بس صدقيني أنا مكنتش في وعي ومعرفش كيف عملت إكده، بقيت احاول ابعد بس كنت بحس في حاچة بتمنعني وبتچبرني ومكنتش حاسس بروحي ولا باللي بعمله، أنا حتى كنت شايفها أنتي وكنت فاكر روحي معاكي معرفش كيف صورتك بقت قصادي بدالها، كنت كيف المسحور اللي مش داري بالدنيا حواليه
كانت تستمع لتوسله في طلب العفو وهو يسرد لها ما حدث محاولًا الدفاع عن نفسه، ودموعها أخذت طريقها لوجنتيها تنهمر بغزارة في ألم يمزق قلبها أربًا، أما هو فتابع كلامه ولكن هذه المرة نبرة صوته كانت تثبت انهياره الداخلي وعبراتها التي سقطت من عينيه رغمًا عنه:
_أنا تعبت قوي ونفسي اتقطع وأنا بجري في طريق معرفلوش  أول من آخر، حاسس روحي تايه ومش عارف أنا وين ولا بعمل إيه بقيت مش شايف قصادي غيرك كرهك ليا اللي عمري ما تخيلت إني ممكن اشوفه في يوم من الأيام، وكرهك ده بيقتلني بالبطيء، أنا مش هطلب منك تسامحيني وترچعي كيف الأول عشان أنا عارف زين أنه صعب قوي بس على الأقل خليكي چاري ومتهملنيش أنا مهقدرش أعيش من غيرك أنتي وعيالي، ومش هقولك اديني فرصة تانية بس متدمريش كل حاچة بينا بسبب غلطة أنا ندمان عليها واوعدك إني هصلحها وهرچع كل حاچة كيف ما كانت قريب قوي، وكل اللي أنتي عاوزاه بعد إكده هيحُصل
ابتعدت فريال عنه وهبت جالسة وهي تنظر لها بشراسة وتختفي بغضب وسط وجهها الممتلئ بالدموع:
_مفيش حاچة هترچع كيف ما كانت، خلصت خلاص والخيانة ملهاش غفران عندي
رأت دموعه في عينيه تحارب من أجل السقوط وهو يهتف بقلة حيلة وعجز:
_اقسم بالله ما كنت داري بروحي أنا لغاية دلوك مش عارف كيف ده حُصل ولا امتى ولا فين، أنا حاسس كأني كنت بحلم ومش حقيقي، أنا بحبك وبعشقك أنتي ومفيش واحدة تقدر تدخل قلبي لا في وچودك ولا غيابك
صرخت به منفعلة وهي تبكي بشدة:
_اطلع برا مش متحملة اسمع صوتك ولا اشوف وشك
ظل مكانه وهو يتطلع إليه بأسى بينما هي ففقدت السيطرة على نفسها وراحت تضربه بقبضتيها في صدره بعنف وسط صراخها الهستيري به:
_اطلع برا قولتلك مش عاوزة اشوف خلقتك قصادي
كبل يديها حتى يهدأها ثم جذبها لصدره وضمها محاولًا امتصاص جموحها وثورانها ولكن حدث العكس حيث انتفضت بعيدًا عنه ودفعته بكل قوتها حتى كاد يسقط من فوق الفراش وهي تصرخ به وتلتقط أي شيء يقع تحت يديها وتلقيه عليها:
_بعد عني واطلع برا
كان يحاول تفادي الأشياء المؤذية التي تلقيها عليه والأخير رفع يديه يصيح باستسلام:
_خلاص اهدي هطلع اهدي
لم يهدأ ثورانها إلا عندما رأته يتجه للخارج ويتركها، فألقت بجسدها مجددًا فوق الفراش وهي تتنفس بصعوبة وتبكي بعنف.
                                      ***
بمنزل عمران بالقاهرة......
منذ حديثهم الأخير بصباح اليوم وهي لا تنظر له ولا تحدثه حتى حين يحاول تقديم المساعدة لها والبقاء بالقرب منها ترفض وتبعده.. ليس نفور منه لكنه خوف وانعدام ثقة والأثنين أسوء من بعض بالنسبة له، بات لا يفهم ما الذي تريده بالضبط حتى تتأكد أنه لا ينظر لها بشفقة ويمد لها يد العون فقط رفقًا بحالتها، هو يريد أن يكون بجوارها ويغمرها بحنانه وحبه خصوصًا في تلك الفترة لكنها لا تسمح له، ورفضها المستمر لا يزعجه بقدر ما هو يؤلمه.
لكنه حسم الأمر أن ينهي تلك السخافة الليلة فلم يعد هناك مجال للمرواغة أكثر، هو ليس برجل يتحمل تلك التصرفات وبالأخص أن كانت من امرأة يريدها ويحبها.
استقام واقفًا من الأريكة التي بالصالة وقاد خطواته نحو غرفتهم بالداخل حيث تجلس هي ولا تغادرها، فتح الباب ودخل فوجدها فوق الفراش تحدق في الفراغ أمامها بشرود، أخذ نفسًا عميقًا وتقدم إليها ثم جلس على حافة الفراش بجوارها وظل يتطلع إليها في قسمات وجه منزعجة، بينما هي فكانت تتفادى النظر إليه وتشيح بعينيها للجهة الأخرى حتى لا تلتقي بعيناه، لكنها سمعته يهتف بصوت رجولي غليظ:
_هتفضلي على الحال ده كتير إكده؟!
ردت عليه بخفوت تتصنع عدم فهم مقصده:
_ماله حالي؟!
عمران بخنق ملحوظ ونفاذ صبر:
_مش عاوزة تبصي في وشي ولا تكلميني كأني عدوك ولا عاوزاني اقرب منك
أجابته بحزن وهي مازالت تنظر للجهة الأخرى:
_مش عاوزة اتعبك معايا واخليك تشيل همي وتخدمني عشان بس مچرد شعور بالشفقة چواك ناحيتي
حدقها بنظرات ثاقبة كلها غيظ وقلة حيلة، عندما قالت ذلك الكلام بأول مرة ظنها تفوهت به دون وعي منها بسبب حزنها وحالتها النفسية السيئة، لكن يبدو أنها حقًا تعتقده ينظر لها بتلك النظرة الضيقة والسخيفة.
مسح على وجهه وهو يتأفف بعصبية تظهر على ملامح وجهه الصلبة ثم هتف بانزعاج تام:
_شكلك مش عاوزة تچبيها لبر ولا الطلقة يمكن أثرت على نفوخك لو بتفكري إكده صُح
التفتت له أخيرًا وصرخت به منفعلة:
_إيوة بفكر إكده عشان دي الحقيقة
ارتفعت نبرته الرجولية وأصبحت مخيفة بسبب عصبيته وهو يقول بصدق:
_قصدك الحقيقة اللي أنتي رسماها في راسك، لكن الحقيقة صُح اللي أنتي مفكرتيش فيها أن مش يمكن أكون بعمل إكده عشان بحبك!.. لو مش عارفة تفرقي بين حبي وشفقتي يبقى متسمميش سمعي بكلامك الماسخ ده تاني
سقطت تلك الكلمات التي تفوه بها وبالأخص اعترافه بحبه لها كالبرق عليها، فتجمدت مكانها وعيناها اتسعت بصدمة وعدم استيعاب، لوهلة ظنت نفسها تحلم وأنها ستستيقظ الآن أو ربما هذا ليس عمران، كانت معالم وجهها غريبة تمامًا كالأصنام التي لا حركة فيهم، ترمقه بنظراتها التي ترسل إشارات الاستفهام واسألة التأكيد عن حقيقة ما تفوه به، لكنه لم يمنحها أكثر من ذلك واستقام من جانبها غاضبًا ثم تركها وانصرف، وبقيت هي كما على وضعها متصنمة لا ترمش حتى بعينيها!

........... نهاية الفصل...............

رواية ميثاق الحرب والغفران حيث تعيش القصص. اكتشف الآن