عمالقة المرحاض

38 7 10
                                    

في رحلةٍ مع الخوف، يقضى أمرُنا نحن المستضعفين الصغار. نلقى حدفنا أمام العمالقةِ المتوحشين. كُل يومٍ يقضى على قبيلةٍ منا، نحن نُدرِك أنَ الأمر ليس أختيار. نذهب باحثين عن مؤن لكي نطعم صغارنا في الشتاء القارص، فيقضا أمرُنا أمام الجبابرةِ.. فكانَ الأعتى و الأقوى بيننا يبكي و ينهار، فيمنحنا كُل الأعذار، ليسود شكُ الطاغوت و ينفصِهم اليقين حتى في صدر البطل...
من أنا؟ أنا عبدالله الصرصار. إبنُ قبيلةِ الرّحالة الأبطال، مات معظمهم في مصرع الجبابرةِ الأشرار و الأن حان دوري لأبحث عن خيار.
عادَ المستكشون للتو، لقد وجدنا أختيار. الطريق آمنٌ حالياً ،علينا الإنتصار..
خرجنا مسرعين من بوابةِ المرحاض باحثين عن أمل الإنتصار.. على هذه اليابسةِ الخالية يقضى أمرُ أبطالنا الشجعان.
الأرضُ مطليا بدماؤنا..
خمسون ألف عامٍ وسط الضباب، لا أحد غير الجُثثِ يحق له النوم..
زال الضباب حين رما العملاقُ نحيب الأمطار، فنفصم الخوف داخلنا حتى بدوّنا مسرعين نحو الموت!
(يا الللللله!!!)
ألتفت الجميع نحوَ الفتى و إبتسم العملاق بمكرٍ إذ أرتأ فيه الفرائس.. و انا يا اللَّه لا أذكر إسمي و هنا تنتهي أُمنياتي، و غير إسمك لا يخطر ببالي الأسماء، كأني لم أجلب صوراً معي ،كأني دفنت ذكرياتي، و أرسلتُ قلبي وديعةً عندكَ في السماء..
قلبٍ وسطَ حِمم بركانٍ و بردٍ قارس..
فاضَ قدح الشعور، طفحَ كيلُ الغرائز.. إهتفوا للحق!!!
الف جنديّن معنا فهاتُ المنافس..
و العمالقتُ يرقصوا كالعرائس..
لا خوف علينا في المصرعِ و الجنائز..
أيُها عمالقةِ أهربوا قبل أن يصلكُم نصلُ هذا الفارس..
و حينا تُقاتِلونا لا ينقصنا الخوفُ بل يزيد..
بشفرةِ اليدِ نتصلق عليكم و أنتم تصرخوا كأنكم بل جنائز..
لم تُزعزعنا ذكرياتنا القاتلة..
فمن ذا الذي يُحضِرُ لنا المزيد..
توقف المطر.. ترابٌ بالصراصيرِ يفترش..!
إنعدمَ كل من في هذا الوجود! قل يا منادٍ من إنتصر! قالَ لحظة! كُلَ الصراصيرِ رقود! لحظة قلبُ أحدهم قد نبض.
أريد أن أرى المشهد يقاتل ليعود!
فتح عينيه.. عاجزاً عن الحراك في جسدٍ مُهشم.. لقد نجا إصبعٌ واحد من أيمنِ يديك.. شهّد في وجه هذا الموت المحتم...
فقد هانَ الدمعُ أخيراً، حينَ قضيَّ أمر العمالقةِ. و لم يحرمهُ ربُه تلكَ المشاهد الأخيرة...
فشَهّد و إبتسم، ثم صعدت الروح قانتة عند الحيّ الملك القدوس...

عمالقة المرحاض Where stories live. Discover now